

بيروت - حذر محللون الجمعة 23-7-2010 من تصاعد التوتر في لبنان في المرحلة المقبلة على خلفية تاكيد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ان القرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة التي تنظر في جريمة اغتيال رفيق الحريري سيتهم عناصر "غير منضبطة" في الحزب.
وقال مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط في بيروت بول سالم ان "الوضع الجديد مثير جدا للقلق".
واضاف "حزب الله في موقف حرج (...) فاذا تحركت الامور في اتجاه السلام في المنطقة، سيواجه مشكلة، واذا سارت في اتجاه الحرب، فانه سيواجه مشكلة ايضا. والامر كذلك كلما اقتربت المحكمة" من اصدار القرار الظني.
واغتيل رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005. وتناقلت اوساط اعلامية عربية واجنبية وسياسية لبنانية خلال العام الفائت معلومات توقعت توجيه الاتهام في الجريمة الى عناصر في التنظيم الشيعي.
واكد نصر الله في مؤتمر صحافي الخميس ان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ابلغه قبيل توجهه الى واشنطن في ايار/مايو ان القرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة سيتهم عناصر في حزب الله.
وقال ان الحريري وعده بانه "اذا حصل اي شيء فساظهر في الاعلام واقول ان الحزب لا علاقة له وان اناسا غير منضبطين عملوا على ذلك".
وراى رئيس المركز اللبناني للدراسات السياسية اسامة صفا ان اعلان نصر الله المفاجىء يضع لبنان امام احتمالين، اما الانزلاق في دوامة عنف جديدة واما تفاديها.
وقال صفا "البلاد قد تسير نحو المواجهة، وقد تتجه ايضا نحو احتواء هذه المسألة لان ذلك من مصلحة كل الاطراف".
وتوقع رئيس المحكمة الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي صدور القرار الاتهامي بحلول نهاية العام، ما جدد المخاوف من احتمال حدوث موجة جديدة من اعمال العنف كالتي وضعت البلاد على حافة حرب اهلية في السابع من ايار/مايو 2008.
وقتل في هذه الاحداث اكثر من مئة شخص في مواجهات في الشارع بين انصار الاكثرية النيابية بزعامة الحريري وانصار الاقلية النيابية بقيادة حزب الله.
واكد نصر الله في مؤتمره الصحافي ان "حزب الله ليس خائفا (...) في موضوع القرار الظني نحن معتدى علينا، وعندما يعتدى علينا نعرف جيدا كيف ندافع عن انفسنا".
وحذر من انه "تم ادخال لبنان في مرحلة حساسة جدا"، معتبرا ان "البلد لا يحمل اللعب".
وقال الصحافي عمر نشابة المتخصص بالشؤون القضائية ان "حديث نصر الله بمثابة جرس انذار جاء بتوقيت مناسب جدا".
واوضح ان "السيد (نصر الله) يدعو الى مراجعة (...) يقوم بها الفريق الذي اختار المسار الخاطىء من خلال اتهام سوريا، فيما يتقرب الآن من دمشق"، في اشارة الى فريق الغالبية النيابية (14 اذار) الذي يضم في صفوفه كتلة الحريري النيابية.
واضاف "عليهم ان يفكروا مليا قبل اتهام حزب الله لتجنب تكرار الخطأ".
وطالب نصر الله "بعض الناس الذين قاموا بحسابات خاطئة جدا (...) بان يتعلموا من كل التجارب، وان يجروا حسابات صحيحة في هذه المرة".
وشهدت العلاقة بين الحريري ودمشق خصومة طويلة اثر اتهامه مع حلفائه سوريا بالوقوف وراء عملية اغتيال والده التي انسحب على اثرها الجيش السوري من لبنان بضغط من المجتمع الدولي والشارع اللبناني بعد نحو ثلاثة عقود من الانتشار فيه.
لكن علاقات رئيس الوزراء اللبناني مع دمشق، التي نفت ضلوعها في عملية الاغتيال، اتخذت منحى مغايرا بعد ترؤسه رئاسة الحكومة، فقد زار الحريري سوريا اربع مرات في الاشهر الثمانية الاخيرة.
وقال سالم "في وقت يشعر حزب الله بانه يتعرض للهجوم، يجري الحريري في سوريا لقاءات ويوقع اتفاقات. اعتقد ان حزب الله بات يطرح اسئلة حول توجهات سوريا".
وراى صفا ان التقارب المتجدد بين الحريري ودمشق يعزز الاستقرار في لبنان.
وقال "اعتقد انه كلما تحسنت علاقة الحريري مع سوريا، شهدنا انفراجا اكبر واكتسبنا قدرة اكبر على مواجهة اي رد فعل سلبي".
واعتبر الياس مهنا، وهو صاحب مدونة الكترونية سياسية، ان السجال الحالي حول المحكمة الدولية سيؤدي الى احتواء التوتر في المستقبل.
وكتب في مدونته "قفا نبك" انه "عندما يحين موعد اصدار القرار الظني في حق عناصر في حزب الله بعد اشهر من الآن (...) فان هذا الحدث سيصبح بمثابة حكاية قديمة".
واضاف "حتى سعد الحريري يريد وضع السجال حول المحكمة وراءه".