جوزيف بلاتر.. رئاسته في سويسرا وشعبه في كل العالم

خدمة شبكة الأمة يرس الإخبارية
2010-06-18
جوزيف بلاتر قيصر الفيفا الثامن

أحمد الشريف - حضوره في الإعلام لا يضاهيه إلا الرئيس الأمريكي أما عند البسطاء من الناس ممن لا يعرفون تاريخا ولا جغرافيا فهو الأكثر حضورا من بين كل الشخصيات الدولية، وعندما يزور أي دولة من دول العالم تستنفر له صحفها الصفراء ويفرش له السجاد الأحمر وتستقبله القيادة والوزراء ويمنح أعلى الأوسمة، أما "الجماهير" فإنها تولم له على طريقتها، من خلال الخوض في مهاترات لا تنتهي في الأزقة والشوارع والمقاهي حول ما سيستجد في قطاع الرياضة وبالذات كرة القدم التي أصبحت "معبودة الجماهير" وسيدة كل شيء، وبسحرها تستطيع أضعف الأنظمة قوة ترويض شعوب من عشرات الملايين.

المرجعية الروحية لهذه اللعبة هو الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، والمرجع هو جوزيف بلاتر، رئيس الاتحاد الثامن، فهذه الشخصية وفي مناسبات معينة تصبح أقوى من أي شخصية أخرى، خصوصا في زمن "الحروب" أي دورات كأس العالم أو الدورات القارية والإقليمية والمحلية.

وبما أنه شخصية أشبه برؤساء دول العالم الثالث فمازال يتشبث بالمنصب منذ 12 عاما ويريد أن يزيد، وهو كأي دكتاتور يرفض أن يسأله أحد عن إخفاقاته، أما عن نجاحاته فيطرب عندما تلهج بها الصحف والقنوات والمؤتمرات، ولشدة غروره، فإن قلة قليلة من الصحفيين تمكنت من سؤاله، من ذلك الصحفي الرياضي السويسري والتر لوتز الحاصل على وسام "الفيفا" والصديق الشخصي لبلاتر، والصحفي الذي قام بتغطية أحد عشر مونديالاً بالتمام والكمال.

وخرج والتر للعالم الكروي بالتقرير التالي:
ساهم بلاتر مساهمة ضخمة لتطوير كرة القدم حول العالم لما له من رؤية ثاقبة وبعد نظر، وفوق هذا وذاك هو محترف تماماً، وهي الصفات والمقدرة التي أوصلت الكرة إلى ما هي عليه الآن".

وبالعودة إلى كواليس "الفيفا" يثبت أن هناك إرادة "التغيير" بدأت منذ انتخاب جين ماري فاوستن غوديفرويد دي هافيلانج وتأكدت بعد وصول بلاتر إلى "كرسي الحكم"، وينظر إلى ما قام به الإثنان هافيلانج ومن بعده بلاتر أنه الخيار الأمثل بالنسبة لكرة القدم العالمية بعد أن عاش أسلافهم ترف الأيام الماضية عندما كانت رؤيتهم لأي ملعب ممتلئ بالمتفرجين وقوفاً بمثابة حلم استطاعوا تحقيقه.

وباعتباره رئيساً غير أوروبي لـــ "الفيفا" جاء هافيلانج محملاً بالأفكار والحماس. وتولى البرازيلي المهمة عندما كان عدد أعضاء "الفيفا" لا يتجاوز 12 شخصاً فقط، وبعد اعتزاله ارتفع الرقم إلى 68، أما الآن فهم 277 عضواً.

وقسّم هافيلانج وقته بين أوروبا وأمريكا الجنوبية، وفي عام 1975 أطلق برنامجاً طموحاً غير مسبوق حاملاً "الفيفا" من عهود متخلّفة أشبه بحقبة العربة التي تجرّها الخيول في أميركا إلى عصر الطائرة النفاثة، وموّل البرنامج مجموعة من قنوات التلفزيون ومن خلال الشركات الراعية والتسويق.

وأعلن هافيلانج التحدي بالنسبة لمن يخلفه في المنصب، وكان في حاجة لشخصية منتبهة على الدوام، مرن ويتقن عدداً من اللغات والمعرفة الإدارية.وكان هافيلانج يضع عينيه على المدرب القومي والشخصية الرياضية يبي توراني الذي كان متلهفاً للحصول على الدور.

وأرسل أعضاء مؤتمر "الفيفا" موظفهم الشاب بلاتر لإبلاغ توراني نتيجة الاجتماع، وكانت أول مهمة رسمية له. وجاءت المرحلة التالية في مشوار بلاتر الوظيفي عندما كان في الثلاثين توليه منصب المسؤول الإعلامي تحت مظلة المنظمة الرياضية السويسرية ونجح الرجل القادم من الجبال في مهمته تماماً وصنع لنفسه اسماً في مسرح الرياضة العالمي.

ومع كل هذه المهام أدى بلاتر خدمته العسكرية لمدة 1371 يوماً أو أربع سنوات تقريباً.
وعندما كان بلاتر في الخامسة عشرة عمل مراسلاً وحارساً مساعداً في فنادق "زيرمات" خلال العطل المدرسية.

وبعد ذلك بفترة عمل كأشبه بالمهرج الذي يُبهج الحضور خلال اجتماعات مختلف إدارات الأندية.وبعد أسابيع قليلة من ميلاد بلاتر عام 1936 كان هافيلانج في العشرين، وشارك لأول مرة كسباح في ألعاب برلين الأولمبية.ومستقبلاً كان فرق السنوات العشرين نواة لعلاقة أبوية بين هافيلانج وبلاتر.وبحلول عام 1981 قام بتعيينه سكرتيراً عاماً لـــ "الفيفا، وأصبح الضابط التنفيذي لهافيلانج.

ومنذ ذلك اليوم أمضى الاثنان 32 عاماً في إدارة مختلف أنشطة "الفيفا" خلال الفترة من 1974-2006 وقاما بتشكيل خارطة نصف نهائيات كأس العالم أي تسعة مونديالات.
المفتاح المناسب.

بعد انتخابه رئيساً لـــ "الفيفا" عام 1998 لم يرغب بلاتر في تنفيذ سياسة أستاذه هافيلانج نفسها، وكان أول رئيس ينتخب من منصب السكرتير العام، وبالتالي كان أصلح من يدرك بالتفصيل آلية العمل في "الفيفا" وهو الذي أمضى 30 عاماً كاملة داخل أروقتها. وتمتع بلاتر كذلك بميزة أنه الرئيس الوحيد المقيم في زيوريخ حيث المركز الرئيسي لـــ "الفيفا.

ولم يتوقع أي من أنصار أو خصوم بلاتر وصوله إلى هذه القمة عندما رشح نفسه للمنصب الرئاسي في وجه السويدي لينارت يوهاتست عام 1998، وساند بلاتر 15 اتحاداً كروياً جميعها من خارج أوروبا باستثناء فرنسا، بل لم يسانده حتى اتحاد الكرة السويسري مما لفت انتباه العالم.

وعلى عكس انتخاب اللجنة التنفيذية الذي تقرر تعيين اتحاداتهم الكروية جاء انتخاب بلاتر بواسطة كونغرس "الفيفا".

وواجه بلاتر جملة من المشكلات أشبه بحالات العصيان لم يتمكن من النجاة منها إلا بخبرته الواسعة وتمرسه في المهنة، فكان حسه وعقله الواعي مفتاح الفوز على خصومه الذين تكاثروا من حوله في جولتي 1998 و2000.

وبحيويته وقبوله استطاع تكوين مجموعة من الأصدقاء أينما ذهب منهم كبار الشخصيات والمسؤولين وحتى رؤساء الدول.وأجاب في سؤال حول وصفته السرية للنجاح، أجاب: "المعرفة والمقدرة، الخبرة والإيمان بما تفعله."

ولد جوزيف بلاتر في 10 مارس 1936 في احدى المدن السويسرية، ويعتبر بلاتر هو الشخص الثامن الذي يرأس اتحاد الفيفا لكرة القدم ، وهو يتكلم اللغات الايطالية والانجليزية والاسبانية والفرنسية، وقد تخرج من احدى الجامعات السويسرية وفي يده شهادة الباكالوريوس.

من عام 1975 الى عام 1981 عمل كمدير فني، ومن عام 1981 الى عام 1998 كان سكرتيرا عاما للفيفا، لعب كرة القدم في دوري الهواة الممتاز في الدوري السويسري من عام 1948 الى 1971، ثم كان عضواً في Xamax Neuchâtel FC من عام 1970 الى عام 1975، وبعد ذلك اصبح عضواً في نادي الباناثلون " النادي الخاص برؤساء الفرق"، وهو الان ومنذ عام 1999 عضواً في الاتحاد العالمي للالعاب الاولمبية.

ويحسب لبلاتر خلال توليه رئاسة الفيفا اتخاذ جملة من الإجراءات والتغييرات التي حصلت في عهده بعضها بدأ تطبيقها من دورة كأس العالم الحالية في جنوب افريقيا.

وقد شهد عصر بلاتر في اتحاد الكرة العديد من التطورات التقنية للعبة وكذلك ظهرت في عصره كرة القدم النسائية وظهر الحكام من جنس الإناث، وقد حاول بلاتر ان يضيف العديد من القرارات للعبة مثل ان لا يوجد تعادل في المباريات ابدا، واستخدام كرة بداخله جسم حساس يعطي اشارة اذا كانت الكرة تجاوزت خط المرمى وغيرها من هذه الأمور، كما انه اعلن تحالف كبير بين الأتحاد الدولي لكرة القدم واليونيسف للتعاون في العديد من الحملات الوقائية.

وخلال السنوات الإثنتي عشرة الأخيرة تم تغيير قانون الهدف الذهبي إلى قانون الهدف الفضي في الوقت الاضافي من المباراة . وكان قانون الهدف الذهبي هو ان تم تسجيل هدف في الوقت الاضافي من المباراة تنتهي مباشرة بفوز الفريق صاحب الهدف، والهدف الذهبي مهما يتم تسجيل اكبر عدد من الاهداف في الشوط الاضافي لاتنتهي المباراة الا اذا انتهى الشوط الاضافي نفسه .

ويعتقد البعض من المشجعين ان تغيير هذا القانون جعل كرة القدم اقل تشويقاً , بينما اعتقد البعض الاخر ان القانون اعطى الحق للفريقين بشكل اكبر . ولكن تم وضع قانون جديد منذ بطولة اوروبا عام 2004 وهو انه في حالة الوصول للشوط الاضافي لاتنتهي المباراة الا في حالة انتهاء الشوطين الاضافيين حتى لو تم تسجيل الاهداف .
وبعد بطولة كاس العالم لكرة القدم لعام 2002، تم وضع قانون جديد بانه بطل العالم لايتأهل بشكل اوتوماتيكي الى نهائيات البطولة القادمة، وكان هذا القانون ساري في جميع البطولات ال16 السابقة . واول بطل عالم اضطر لان يلعب تصفيات هو المنتخب البرازيلي .

كما قرر "الفيفا" في عهد بلاتر وجوب اتخاذ كل اتحاد دولي لكرة القدم عقوبات صارمة وفورية امام كل لاعب يتصرف تصرفات غير لائقة ولو كان بعد ان اكتشف في الاعادة التلفزيونية، كما ثبت أن قرار الحكم في المباراة يعتبر نهائيا تماماً ومن المتسحيل ان يتغير مهما حصل .

في عام 2007، قرر جوزيف بلاتر بانه لا مباراة لكرة القدم ستلعب بمسافة 2500 متر " 8200 قدم " فوق سطح البحر وكان الرقم المسموح به لحد اقصى هو 3000 متر ، وذلك القرار اتخذ في 26 يونيو 2007 . وكان هذا القرار قد سبب مشكلة كبيرة في كل من كولومبيا والاكوادور وبوليفيا والبيرو الذين كانوا يملكون ملاعب عديدة تصل الى 3000 متر فوق سطح البحر .

وكان السبب في هذا القرار بانه سيكون خطيراً على صحة اللاعبين ان لعبوا في هكذا ملاعب، ولكن على العموم لايوجد اي دليل طبي يثبت ذلك .

وكما أن سيرة بلاتر على رأس "الفيفا" لا تخلو من "إنجازات" فإنها أيضا لا تخلو من تصريحات ومواقف غريبة، منها تعليقه الغريب على كرة القدم النسائية بقوله "اعتقد ان النساء يجب ان يلبسوا شورت أضيق في وقت اللعب"، وقد أثارت تلك التصريحات انتقادات كثيرة لا سيما في الدول العربية والإسلامية وحتى في الغرب، حيث اعتبر أنه قرار لا يحترم خصوصيات النساء، لأن هذا الإجراء يخرج الرياضة النسائية عن أهدافها النبيلة، لتصبح عرضا للأجساد الناعمة تحت الأزياء الضيقة.

وهناك تصريح مشؤوم أطلقه بلاتر على اللاعب البرتغالي كرستيانو رونالدو عندما وصفه بالعبد، وهو وصف عنصري لا يليق برجل يرأس اتحاد رياضة دوليا ومقره في "دولة محايدة" هي سويسرا.

ففي عام 2008، قدم نادي ريال مدريد الاسباني عدة عروض لنادي مانشستر يونايتد للاعب الكبير كرستيانو رونالدو بعقد حتى عام 2012، ولكن عندما قرر رونالدو ان يرحل عن نادي مانشستر يونايتد رفض النادي طلبه . وقال جوزيف بلاتر : بهذا القرار الذي اتخذ كرستيانو رونالدو اصبح يعامل كالعبيد من قبل نادي مانشستر يونايتدعندما رفضوا انتقال الجناح الرائع الى نادي ريال مدريد الاسباني .

وكانت هذه التعليقات قد اغضبت نادي مانشستر يونايتد وخصوصاً بول باركر الذي قال "هو في الحقيقة يبدو انه لايستوعب الانتقالات التي شبهها كوضع عبيد لنا، والاشخاص الذين يجوعون ويضربونهم العبيد وليس اللاعبين الذين يتقاضون ملايين الباوندات للعب كرة القدم . وقد صرح الاسطورة البرازيلية بيليه قائلاً لكرستيانو رونالدو : ان كنت تمتلك عقداً فمن الواجب عليك ان تنهيه، وانت ستبقى مع نادي مانشستر يونايتد الى حين انتهاء العقد وبعد انتهاء هذه الفترة يمكنك ان تصبح حراً وتذهب أينما تشاء ".

الغضب الذي جوبهت به تصريحات بلاتر السابقة، جعلت الكثير من المراقبين يكتشفون البعض من حقيقة الاتحاد الدولي لكرة القدم وجانبا خفيا من شخصية رئيسه، حتى أنه هناك من يطالب بنقل الاتحاد من مقره الحالي في جنيف، ويطالب بتوزيع أكثر عدالة من خلال الاهتمام بالرياضات العالمية، وبالقارات والشعوب الأخرى، فمنذ تأسيس هذا الاتحاد قبل أكثر من قرن لم تحظ القارة الافريقية بشرف تنظيم كأس العالم إلا هذا العام، بينما حظيت آسيا بمرة واحدة في كوريا واليابان عام 2002، بينما كان نصيب الأسد لأوروبا وأمريكا الوسطى والجنوبية.


 
 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي