يعتبر البخل آفة وأداة هدم في جدار الأسرة، فهو كالحشرة التي تنخر الخشب حتى يتآكل، وربما يأخذ الأسرة للهاوية، فكيف لنا أن نخفف من حدتها؟ وكيف نصل لمرحلة التوازن، فالبخل يكون غالباً في الإنفاق، وفي بعض الأحيان يكون في المشاعر. ففي الحياة الزوجية قد تجد الزوجة ما يصدمها في كثير من الأحيان، لذا علينا أن نفكر قليلاً ونحلل ونوازن ونقارن ونقف عند بوابة الأولويات، ونتعلم كيف نتصرف مع تلك السلوكيات المرفوضة بحكمة وصبر. الدكتورة نعيمة قاسم المستشارة التربوية، تتحدث في لقائنا معها عن أسباب بخل الزوج وكيفية تعامل الزوجة معه.
حرصاً وليس بخلاً
تقول الدكتورة قاسم، إن البخل يتأرجح ما بين شدته ولينه فهناك البخيل على نفسه، وهناك البخيل على أسرته، وهناك من يجمع كافة الألوان معاً، فلا يدع للدرهم متنفسا، ويحرم نفسه ومن حوله، وهنا نحتاج كل أنواع تجارب الحكماء الآخرين فلا نفقد الأمل، ولا نترك السفينة في مهب الريح، وأول خطوة للأمام أن نعود مئات الخطوات للخلف، ونعرف البيئة التي تربى فيها، وما الظروف المحيطة التي تركت بصمة البخل تتحول لوشم في جسده، والصبر ثم الصبر إذا على الأقل وفر الزوج البخيل أساسيات الحياة، وعلينا منحه الشعور بأن ما يقوم به ما هو إلا حرص وليس بخلا، وتأمين للمستقبل لا حرمان، فالعناد والإلحاح يضاعف الأعراض.
الزواج رباط مقدس
وتتابع الدكتورة قاسم موضحة أن على الزوج البخيل أن يشعر أن زوجته راضية عن تصرفاته وتشاركه بالمصروف تدريجياً وتحمل العبء عنه. كما أن من الأساليب المعززة للثقة رفضها الشراء في الفترة التي تكون الأسعار فيها مرتفعة، وتبين له أن عليهم انتظار العروض والتنزيلات. على الزوجة أن تحقق لزوجها البخيل مشاعر الاطمئنان، فلا تذكر بخله أمام الأسرة أو أولاده أو أصدقائه حرصاً على نفسيته، وأن تضع خطة اقتصادية لتنظيم المصروف وتعود أبناءها على الاستثمار وعدم الهدر، كما يجب أن لا تقارن حياتها بحياة الأخريات وتتبع أتفه الأمور كهدية عيد الحب وما إلى غير ذلك، وتربط العلاقة بالمحبة لا بالمال، وعليها أن لا تغضب لأن زوج أختها أحضر هدية وزوجها لا، وعليها أن تدرك أن كل بيت له ظروفه وكل منا يتأقلم مع هذه الظروف، فمن يعيش في الصحراء ليس كمن يقطن على ساحل البحر، وكل منهما عليه التكيف، فمع الأيام يبدأ جليد البخل بالذوبان تدريجياً، ومن الخطأ الكبير أن يؤدي البخل لهدم كيان أسرة ويوصل بالزوجة لأبواب المحاكم، وبالأولاد للتشرد الذي هو أشد قسوة من البخل، خاصة إذا أدركنا أن الزواج عقد شراكة ورباط مقدس وهذه الشراكة بين الطرفين لن تؤتي ثمار النجاح إلا بقوة تحمل كل منهما للآخر.