اتساع رقعة أعمال العنف القبلية في السودان وسط تحذيرات من محاولات توظيفها سياسيا

د ب أ- الأمة برس
2022-07-20

دفعت السلطات السودانية بتعزيزات من الجيش وقوات التدخل السريع في محاولة لإرساء الاستقرار في الولايات التي تشهد الاضطرابات (ا ف ب)

الخرطوم: ككرة الثلج يزداد حجم التوتر في جنوب دولة السودان ليهدد السلم الأهلي ليس في هذه المنطقة فحسب ، بل في ربوع البلد الذي يبحث أساسا عن مخرج من نفق الاضطرابات والمظاهرات المستمرة منذ عدة أشهر.

نزاع بين قبيلتي الهوسا والبرتا بدأ بسبب مقتل مزارع في ولاية النيل الأزرق الخميس الماضي وأودى بحياة العشرات ، امتدت تداعياته كالنار في الهشيم لتشهد عدة محليات بالإقليم هجمات عنيفة مع رفض عدة قبائل منح الهوسا إدارة أهلية باعتبارهم ليسوا من أصحاب الأرض، بينما تعالت الأصوات المنادية بترحيلهم من الولاية. كما نُفذت ضد المنتمين للهوسا حملات انتقامية في الأحياء والشوارع.

وأشارت صحيفة واشنطن بوست إلى اتساع نطاق الاضطرابات ليشمل ولايات أخرى في شرق السودان من بينها كسلا والقضارف.

والهوسا تعتبر واحدة من أهم قبائل أفريقيا ويقدر عدد المنتمين إليها بعشرات الملايين ويعيش أفرادها في مناطق تمتد من السنغال إلى السودان.

وتضع تقديرات عدد أفراد تلك القبيلة في السودان عند نحو ثلاثة ملايين شخص وهم مسلمون يتحدثون لغة الهوسا التي تنتشر في غرب القارة ويتركزون بشكل رئيسي في إقليم دارفور وولايات كسلا والقضارف وسنار والنيل الأزرق على الحدود مع إثيوبيا وإريتريا.

وألقت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على التطورات الدامية في السودان ، مستدعية صراعات قبلية أخرى شهدتها البلاد منذ الإطاحة بالحكومة الانتقالية من الحكم في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ويحذر محللون من تفاقم حالة الاحتقان والمواجهات في ظل التوترات وعدم الاستقرار السياسي الذي يشهده السودان ومحاولة البعض استغلال هذه الأحداث وتوظيفها سياسيا.

وفي هذا السياق ، حمل تحالف الحرية والتغيير السلطة الحاكمة مسؤولية التطورات العنيفة التي تشهدها ولايات عدة وأعلن عن إرسال وفد للنيل الأزرق للوقوف على الأحداث على الأرض والتضامن مع الضحايا.

كما اتهم المتحدث باسم التحالف وجدي صالح عناصر النظام الذي عزل عام 2019 بتأجيج أحداث النيل الأزرق من خلال فرض "سياسات الانحراف عن شعارات الثورة".

ونقل موقع "سودان تريبيون" الإخباري عن صالح قوله إن "أحداث النيل الأزرق من منتوجات الانقلاب، التي يقف خلفها عناصر النظام البائد بفرض سياسات يحاولون من خلالها الانحراف عن شعارات الثورة ومقايضة الاستقرار مقابل التخلي عن التحول المدني الديمقراطي".

واعتبر بيان للحرية والتغيير أن "قوات الشرطة وغيرها من القوات النظامية تواصل فقدان هيبتها وثقتها لدى المواطنين في كافة ربوع البلاد"، متحدثا عن غياب تام عن مناطق الأحداث، و"مماطلة" في الاستجابة لنداءات المواطنين للتحرك المسبق لحفظ الأمن.

كما شجبت الجبهة الثورية أحداث العنف والاقتتال الأهلي في النيل الأزرق وطالبت القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الولاية بتفعيل وسائل التوعية بين المواطنين لتفويت الفرصة على من أسمتهم أصحاب الغرض والمتربصين بالسلام.

بدوره حمل الحزب الشيوعي سلطات إقليم النيل الأزرق المسؤولية كاملة في "تراخيها عن حماية المواطنين والتغافل عن بوادر الأزمة التي امتدت لأكثر من شهرين وعمليات التحشيد القبلي التي تمت والتسليح الذي ساهم في إشعال الفتنة".

ودعا في بيان لتكوين لجنة قانونية للنظر في أصل الصراع الدائر الآن وتحديد من قام بعملية التسليح ومصادر السلاح.

وعقد ائتلاف الحرية والتغيير اجتماعا طارئا الثلاثاء على مستوى المكتب التنفيذي ناقش خلاله الأحداث التي وقعت في النيل الأزرق وما رافقها من تطورات امتدت لولايات أخرى ، مشيرا إلى التواصل مع كافة مكونات الولاية لوضع حد للاقتتال.

كما أعلن الاتجاه لدعوة مكونات الشعب السوداني "السياسية والأهلية والدينية والثقافية لتكوين أوسع جبهة للتصدي لمخططات تفتيت البلاد وإثارة خطاب الكراهية بين مكوناتها" ، وتحدث البيان عن تسيير مواكب "السودان الوطن الواحد" في العاصمة الخرطوم والولايات والتنسيق لإنجاحها مع كافة القوى الثورية والشعبية الأخرى الأحد المقبل.

وأشار الائتلاف إلى ضرورة "وحدة قوى الثورة في معركتها مع السلطة الانقلابية" ، كاشفا عن نيته طرح مشروع إعلان دستوري "يشكل أساسا لإقامة السلطة المدنية الديمقراطية التي تمثل أوسع قطاعات من الشعب، كطريق لوقف نزيف الدم والخلاص من الانقلاب".

من جهتها ، دفعت السلطات السودانية بتعزيزات من الجيش وقوات التدخل السريع في محاولة لإرساء الاستقرار في الولايات التي تشهد الاضطرابات ، وفرضت حظرا على التجول الليلي وعلى التجمعات في عدة محليات منها الروصيرص والدمازين ، محذرة من أنها ستضرب بيد من حديد كل "مثيري الفتن والخارجين عن القانون".

ونقلت صحيفة "سودان تريبيون" عن شهود عيان وصفهم الأوضاع في المنطقة بأنها بالغة التعقيد، وقالوا إن بعض المواطنين نفذوا هجمات على الهوية في عديد من المناطق حيث قتل رجل بعد ضربه بالعصي وأحرقت سيارته بعد تأكيد انتمائه للهوسا كما تم التعدي على أسرته وقتل عدد من أفرادها برغم محاولات إسعافهم.

كما أدت الهجمات العنيفة والقتل بسبب الانتماء لموجات نزوح عالية، بحسب الصحيفة.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال أعمال العنف القبلية ، ودعا رئيس البعثة الأممية فولكر بيرتس في تغريدة على تويتر "الأطراف والمجتمعات المحلية إلى ضبط النفس والامتناع عن الأعمال الانتقامية والعمل مع الإدارة الأهلية وسلطات الإقليم لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعايش السلمي".

ووصف بيرتس الخسائر في الأرواح في منطقة النيل الأزرق بأنه "أمر محزن ومقلق للغاية".

وتحدثت صحيفة واشنطن بوست عن مخاوف من أن تعصف أعمال العنف في جنوب دولة السودان بالوضع في البلاد وتؤدي إلى إفشال اتفاق السلام "الهش" قبل الانتخابات التي يأمل المجتمع الدولي أن تجرى العام المقبل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي