محللة سياسية أمريكية تحذر من تزايد نفوذ روسيا في أفريقيا

د ب أ- الأمة برس
2022-06-24

وفقا لتقرير حديث لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت روسيا أكبر مورد للاسلحة إلى الدول الأفريقية بين عامي 2017 و 2021 (أ ف ب)

نيويورك: عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من آذار/مارس الماضي على مشروع قرار إدانة روسيا لغزوها أوكرانيا، امتنعت 17 دولة أفريقية عن التصويت، ولم تصوت 8 دول على الإطلاق بينما صوتت دولة واحدة فقط هي اريتريا ضد مشروع القرار. وعندما تم تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 7 نيسان/أبريل، كانت الدول الأفريقية أقل استعدادا لأن تكون ضد روسيا، حيث صوتت تسع دول أفريقية ضد تعليق عضوية روسيا، بينما امتنعت 24 دولة عن التصويت.

وقالت الكاتبة الصحفية والمحامية والمحللة السياسية جوديث بيرجمان في تحليل نشره معهد جيتستون الأمريكي، إن انماط التصويت الأفريقية في الأمم المتحدة تدل على تنامي النفوذ الروسي في أفريقيا. وفي حين أن حجم انخراط روسيا في القارة لا يقارن بحجم انخراط الصين، إلا أن روسيا على الرغم من ذلك تقوم بتعميق نفوذها على القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمبيعات الأسلحة، وبين عامي 2015 و2017، دخلت روسيا في 19 اتفاقية شراكة مع الدول الأفريقية، وتركزت بدرجة كبيرة على مبيعات الاسلحة الروسية، وتزويدها بالمرتزقة.

ويرى جوزيف سيجل، مدير الأبحاث بمركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة بروكينجز "على عكس معظم الشركاء الرئيسيين من الخارج، روسيا لا تستثمر بدرجة كبيرة في قضايا فن الحكم التقليدي في أفريقيا، على سبيل المثال، في الاستثمار الاقتصاي والتجاري، وفي تقديم المساعدة الأمنية. وإنما تعتمد روسيا بدلا من ذلك على سلسلة من الإجراءات المتباينة (والتي غالبا ما تكون خارج نطاق القانون) من أجل الحصول على النفوذ، مثل المرتزقة وصفقات الأسلحة مقابل الموارد والعقود المبهمة والتدخل في الانتخابات والتضليل".

ووفقا لتقرير حديث لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت روسيا أكبر مورد للاسلحة إلى الدول الأفريقية بين عامي 2017 و 2021، بنسبة تصل إلى 44% من واردات الأسلحة، تليها الولايات المتحدة بنسبة 17 % ثم الصين بنسبة 10 % . وقد تم عقد أول قمة روسية أفريقية في سوتشي عام 2019، وحضرها 40 زعيما من زعماء الدول الأفريقية. ومن المقرر أن تعقد القمة الروسية الأفريقية الثانية في الخريف المقبل.

وأشارت بيرجمان إلى أنه على الرغم من أن التجارة بين روسيا والدول الأفريقية تضاعفت منذ عام 2015، لتصل إلى 20 مليار دولار سنويا، لا تزال الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا حيث وصل حجم التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا إلى 254 مليار دولار في عام 2021. إلا أن أهداف روسيا المنشودة في نهاية المطاف في أفريقيا هي نفس أهداف الصين، وهي الحصول على النفوذ عن طريق جعل الدول الأفريقية معتمدة على خدمات كل منهما.

وفي حين أن الصين تسعى لتحقيق أهدافها من خلال عرض الاستثمارات والبنية التحتية مقابل الوصول الاستراتيجي إلى الموارد الطبيعية الحيوية والنفوذ السياسي، فإن روسيا تعرض الأسلحة والمرتزقة الذين تدعمهم الدولة والذين يعرفون بالشركات العسكرية الخاصة من أجل الحصول على النفوذ.

وقالت فيدريكا سايني فاسانوتي من مؤسسة بروكينجز "في استراتيجيته الأفريقية، يتحرك الكرملين في الأساس بناء على رغبة في إحباط أهداف السياسة الأمريكية، بغض النظر عن جوهرها".

وتابعت فاسانوتي "مع اعتبار أفريقيا واحدة من أولويات السياسة الخارجية لروسيا، يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا لخلق اعتماد أفريقي على الأصول العسكرية لموسكو والوصول إلى الموارد الأفريقية، حيث يستهدف الدول التي لديها حكومات هشة لكنها غالبا غنية بالموارد الخام المهمة، مثل النفط والذهب والألماس واليورانيوم والمنجنيز... كما يقدمون لهذه الحكومات القدرة على تنفيذ عمليات لمكافحة التمرد والإرهاب غير المقيدة بمسؤوليات حقوق الإنسان... في المقابل، تسعى روسيا للحصول على تنازلات من أجل الموارد الطبيعية والعقود التجارية المهمة او الوصول إلى مواقع استراتيجية، مثل القواعد الجوية أو الموانئ".

لقد انتشر المرتزقة الروس في العديد من الدول الأفريقية من السودان وحتى موزمبيق، حيث تركوا خلفهم أدلة على انتهاكات حقوق الإنسان. وتعد أكبر وأشهر مجموعة من المرتزقة الروس، هي مجموعة "فاجنر جروب" وهي منظمة شبه عسكرية مرتبطة بيفجيني بريجوجين، الحليف المقرب للرئيس بوتين. وعلى الرغم من أنها تبدو في الظاهر كشركة خاصة فإن "إدارتها وعملياتها متشابكة للغاية مع الجيش الروسي وأجهزة الاستخبارات"، وفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ولذلك يجب أن يتم النظر إليها على أنها "منظمة تعمل بالوكالة عن الدولة الروسية وليست شركة خاصة تبيع خدمات في السوق المفتوحة".

وذكر تقرير نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في أيلول/ سبتمبر 2020: " أن استراتيجية روسيا مباشرة:وهي تقويض القوة الأمريكية وزيادة نفوذ موسكو باستخدام قوات تتوارى عن الأنظار ويمكن إنكار وجودها مثل شركات عسكرية خاصة يمكن أن تقوم بكل شيء، من تقديم الأمن للزعماء الأجانب حتى التدريب والمشورة والمساعدة للقوات الأمنية الشريكة".

وأضاف التقرير أن "استخدام موسكو للشركات العسكرية الخاصة تزايد بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، ليعكس الدروس التي تم تعلمها من عمليات الانتشار السابقة، والعقلية التوسعية المتنامية ورغبة في تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية جغرافية وعسكرية... وتقوم الشركات العسكرية الخاصة الآن بأدوار متنوعة لتقويض النفوذ الأمريكي ودعم مصالح روسيا التوسعية السياسية الجغرافية والعسكرية والاقتصادية".

وفي شهادة أمام لجنة خدمات القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي في 15 آذار/مارس الماضي، أشار الجنرال ستيفن تاونسند، قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا، إلى الشركات العسكرية الروسية الخاصة، وخاصة "فاجنر جروب" على أنها ذات "تأثير خبيث".

وتابع تاونسند "إنهم لا يتبعون قواعد أحد. إنهم يفعلون ما يريدون. إنهم ينصبون حكاما مستبدين... إنهم يرتكبون انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. أعتقد أن هذا أمر سيئ لأمن أفريقيا وازدهارها في المستقبل. إنهم حاضرون في ليبيا... وبدرجة أقل في السودان. إنهم يديرون جمهورية أفريقيا الوسطى. وهم الآن في مالي... وهناك أكثر من ألف عنصر من فاجنر في مالي الآن".

وتابع الجنرال تاونسند قائلا إن "الغزو الروسي لأوكرانيا- والعقوبات التي أعقبته- من المرجح أن يحفزا روسيا للسعي إلى مزيد من الانخراط في القارة الأفريقية في السنوات القادمة، وهذا أيضا ينطبق على الصين. يجب أن يكون هذا تذكيرا للإدارة الأمريكية الحالية والإدارات المستقبلية أنه طالما أن روسيا والصين تزيدان من انخراطهما في أفريقيا وتعززان وجودهما بها، فإنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تغض الطرف. "الولايات المتحدة لا يمكن أن تتجاهل أفريقيا. إن تحديات أفريقيا وفرصها ومصالحها الأمنية لا تنفصل عن فرصنا ومصالحنا".

وأضاف تاونسند "من الواضح أن منافسينا يرون الإمكانيات الغنية لأفريقيا. روسيا والصين تسعيان إلى تحويل استثمارات القوة الناعمة والقوة الحقيقية إلى نفوذ سياسي ووصول استراتيجي ومكاسب عسكرية".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي