

الخرطوم - اوقفت السلطات السودانية الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي في منزله في وقت متأخر السبت بعد شهر على اول انتخابات تعددية في البلاد منذ 24 عاما، حسبما اعلن سكرتيره الخاص عوض بابكر.
وقال بابكر لوكالة فرانس برس "حوالى الساعة 00,20 (21,20 ت غ) حضرت قوة من جهاز الامن والمخابرات في ثلاث سيارات مدججة بالسلاح واخذت الدكتور حسن الترابي لجهة غير معلومة".
وبعد ان كان الترابي (78 عاما) من المقربين من الرئيس عمر حسن البشير، اصبح من اشد منتقديه، وقد ندد الشهر الماضي بالانتخابات واعلن انه لن يشارك في المؤسسات المنبثقة عنها متهما حزب المؤتمر الوطني الحاكم ب"التزوير".
وشهد السودان بين 11 و15 نيسان/ابريل الماضي اول انتخابات تشريعية واقليمية ورئاسية تعددية منذ 1986. وشابت العملية الانتخابية مشاكل لوجستية واتهامات بالتزوير وقاطعتها فئة من المعارضة السودانية.
وفاز في هذه الانتخابات الرئيس السوداني عمر البشير باكثر من 68 في المئة من الاصوات، لكن مرشحين خاسرين انتقدوا نتائج الانتخابات التشريعية والاقليمية وخصوصا في جنوب السودان.
من جهة اخرى، اعلن الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر لوكالة فرانس برس ان سلطات الامن السودانية صادرت فجر الاحد صحيفة "رأي الشعب" اليومية التابعة للحزب.
وقال "بعد ان اعتقلت سلطات الامن امين عام الحزب ذهبت للمطبعة وصادرت كل النسخ المطبوعة ومن بعد ارسلت قوة لمقر الصحيفة في وسط الخرطوم وطردت الصحافيين منه واحتلته".
واكد رئيس تحرير الصحيفة ابو زر علي الامين لوكالة فرانس برس انه اعتقل. وقال عبر هاتفه المحمول "في حوالي التاسعة وعشر دقائق صباحا (6,10 ت غ)، جاءت مجموعة من الامن والمخابرات الى منزلي ووضعوني في سيارة واخذوني الى مكاتبهم". واضاف "لم يقولوا لي اسباب احتجازي ومضت ساعتان ولم يتم استجوابي بعد".
واكد مسؤولون في حزب المؤتمر الشعبي لوكالة فرانس برس ان صحافيين اثنين اخرين يعملان في "رأي الشعب" اعتقلا وهما اشرف عبد العزيز ودهب ابراهيم.
وعقد نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي عبدالله حسن احمد مؤتمرا صحافيا بعد ظهر الاحد هدد فيه بتنظيم تظاهرات احتجاجا على اعتقال الترابي.
وقال "سنقوم بكل الاعمال التي كفلها لنا القانون من اعتصامات ومظاهرات، والحكومة تعرف اننا لم يسجل ضدنا حادثة عنف واحدة، كما سنفضح هذا النظام ونعريه امام المجتمع الدولي ونحن على استعداد لتقديم ارواحنا فداء لحرية الشعب السوداني".
وكان الترابي الزعيم الاسلامي اعتقل اخر مرة في كانون الثاني/يناير 2009 بعد يومين على دعوته البشير لتسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية. وكان تعرض للتوقيف عدة مرات من قبل السلطات.
وفي اذار/مارس 2009، اصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور الذي يشهد حربا.
وقد خلف النزاع في هذا الاقليم منذ سبع سنوات 300 الف قتيل بحسب ارقام الامم المتحدة، فيما تقول الخرطوم ان الحصيلة 10 الاف قتيل. ولم يترشح الترابي شخصيا في الانتخابات فيما مثل حزب المؤتمر الشعبي عبدالله دينق نيال ايوم.
وقال الترابي عند فرز الاصوات "الاقتراع وحسابه زور، سنرفع الامر للقضاء، ولكنهم من العسير عليهم معالجته". واضاف "ولذا قررنا ان نعتزل ما سيترتب على هذه الانتخابات من نيابة ومؤسسات، وحتى لو افلت واحد منا، لن ندخل اصلا (البرلمان)، او مجالس الولايات". واضاف "ننتظر ان تاتينا قياداتنا من الولايات وسنتخذ موقفا اشد من ذلك ونتشاور مع القوى السياسية، وتعرفون بدائل صناديق الاقتراع".
وكانت مؤسسة كارتر وبعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي اللتان اشرفتا على الانتخابات السودانية اكدتا ان هذه الانتخابات لا ترقى الى "المعايير الدولية"، وذلك قبل ان تجريا تقويما لفرز الاصوات.
وشكلت الانتخابات محطة مهمة في اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 والذي انهى الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب، تمهد لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الولايات الجنوبية العشر في كانون الثاني/يناير 2011. وكان البشير وصل الى الحكم في 1989 اثر انقلاب بدعم من الترابي ثم تدهورت العلاقات بينهما.