بطولات الأدوار الثانية في الدراما الرمضانية… إبداعات منسية!

2022-05-23

الفنانة سميحة أيوب في مسلسل «انحراف» (لقطة من المسلسل)كمال القاضي*

كما هي العادة دائماً يبدأ الموسم الدرامي الرمضاني وينتهي بالتركيز على البطولات الأولى للنجوم والنجمات، فمهما كان مستوى الأعمال المُقدمة لا يتأثر نجوم الصف الأول كثيراً برأي النقاد والكُتاب والجمهور، طالما هناك ضوء مُسلط على أدوارهم وشخصياتهم فهم مستفيدون في كل الأحوال، وما هو مُختلف عليه ليس إلا وجهات نظر حسب اعتقاد المعنيين بالاهتمام سلباً أو إيجاباً.
هذه القاعدة معمول بها في كل المواسم، وبناءً عليها يسقط حق نجوم الصف الثاني في مسألة التقييم، ولا يرد ذكر أي منهم إلا على هامش الحديث عن المُسلسل أو أبطاله الرئيسيين، وفي حالات نادرة فقط تشمل الاستفتاءات السنوية الختامية بعض الممثلين البارزين من باب جبر الخواطر، أو استيفاء التحقيق حول العمل الدرامي ذاته، دون الإشارة الصريحة والواضحة للأداء أو طبيعة الدور الخاص بالبطل الآخر، الذي يقف طوال الحلقات في منطقة الظل لا يظهر إلا بظهور البطل الأول.
وكذا بطلات الأدوار الثانية أيضاً من النساء والفتيات فأداؤهن وظهورهن وبريقهن يرتبط طوال الوقت بأداء النجمة وتوهجها أو إخفاقها وخفوتها.
في المُسلسلات الرئيسية، على سبيل المثال، التي استحوذت على نسب المشاهدة الأعلى بفعل الدعاية المُكثفة، ظهر الإهمال الفج والمعيب لممثلين وممثلات من العيار الثقيل، فسميحة أيوب توارت خلف أيتن عامر في مسلسل «انحراف» فبحكم البطولة المُطلقة المُسندة للبطلة الشابة كان لها النصيب الأوفر من الدعاية والاهتمام، بينما اكتفت الممثلة القديرة بما تيسر من الثناء على دورها ومشوارها وتميزها الفني المُعتاد، وهو تقييم بأثر رجعي يستند إلى التراكم الإبداعي التاريخي لدى الفنانة الكبيرة. وبالنظر إلى أيتن عامر بوصفها الممثلة الموهوبة والأصغر سناً، فقد حظيت بعدة بطولات خلال الموسم الرمضاني ومثلت النموذج الصارخ للهيمنة الكاملة على أشكال العناية والتركيز كافة، فهي بطلة مسلسل «النقطة العميا» ومسلسل «مكتوب عليا» بالإضافة للمُسلسل المذكور سلفاً «انحراف» ففي «النقطة العميا» شاركها البطولة أحمد السعدني وصلاح عبد الله وإيهاب فهمي وهاجر الشرنوبي، ورغم تميز كل هذه الأسماء والكفاءات، إلا أنها كانت المُقدمة عليهم في كل شيء، من بداية التتر وحتى النهاية.
وكذلك كان حالها في مسلسل «مكتوب عليا» الذي شاركها فيه البطولة عمرو عبد الجليل وهنادي مهنا وأكرم حسني، وذلك لأن جهة الإنتاج اعتمدت عليها بشكل أساسي في عملية التسويق والبيع للمحطات الفضائية التي حصلت على حق عرض الحلقات خلال الشهر الكريم كعرض أول، ناهيك عن صفقات العرض الثاني والثالث، وكله بالتأكيد محسوب بالورقة والقلم ويصب في حساب الجهة الإنتاجية مادياً، وفي صالح البطلة أدبياً ومعنوياً بعد الاتفاق على الأجر بطبيعة الحال وحصولها على المُستحقات المدونة في العقود.
ولم يختلف الشكل الدعائي كثيراً في مسلسل «أحلام سعيدة» بطولة يسرا، فهي النجمة المُعول عليها شعبياً وجماهيرياً، أما بقية البطلات فهن في حكم السنيدة، أي العناصر الداعمة مهما بلغت قدراتهن الفنية ودرجة جماهيريتهن، فغادة عادل ومي كساب وميسرة وشيماء سيف في الحسبة التجارية مجرد شخصيات ثانوية لها كل الاعتبار، لكن يُعتد بهن كركائز في المقام الثاني، وتختلف أجورهن عن أجر البطلة الأساسية وتقل امتيازتهن عن امتيازاتها وكله بالاتفاق والتراضي!
وتتسع قاعدة التعامل بهذه الطريقة لتشمل الأعمال كافة، فالمقاييس واحدة.. البطل والبطلة لهما الأولوية في كل الامتيازات، حتى في ترتيب الصور على أفيشات الدعاية وأماكن وجودها، ففي مسلسل «راجعين يا هوى» جاء ترتيب اسم أحمد بدير وصورته في آخر اللوحة وفقاً لأهمية الدور، بينما جاءت صورة خالد النبوي واسمه في الواجهة، كونه البطل الرئيسي والورقة التجارية الرابحة.
وفي مسلسل «ملف سري» تصدر هاني رمزي كل لوحات الدعاية في المواقع المهمة كافة، كأنه الممثل الوحيد في المسلسل، علماً بأن بقية الأبطال المُشاركين كلهم نجوم كبار، كعائشة بن أحمد ونضال الشافعي وماجد المصري ومادلين طبر. وأيضاً برزت نيللي كريم اسماً وصورة في أفيشات مسلسلها «فاتن أمل حرب» بينما ظهرت في الخلفية صورة هالة صدقي وصورة فادية عبد الغني، رغم أنهما الأسبق فنياً وزمنياً، لكنها أحكام البطولة المُطلقة تفرض نفسها وتستمد شروطها من الواقع المادي لسوق البيع والشراء.
وفي مسلسل «دنيا تانية» الذي تزعمت بطولته ليلى علوي حدث نفس الشيء وبالمعايير ذاتها، فالبطلة ليلى علوي كانت صاحبة الحظوة والمكانة الرفيعة، أما بقية الأبطال فكانوا القوة الدافعة لها، والعناصر المُكملة للوحة الدرامية البراقة، وفاء صادق وأشرف زكي ومي سليم ومجدي كامل، الجميع متساوون في الحقوق الأدبية والمعنوية.. لكن بعد البطلة بمسافة!

*كاتب مصري







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي