برؤى فنية وإلهام جمالي : السوري إدوار شهدا يحول الشكل الواقعي إلى دلالات

2022-05-18

من أعمال الفنانمحمد البندوري

 

ترتكز التجربة التشكيلية للفنان التشكيلي إدوار شهدا على أُسّ واقعي بحس انطباعي وغنى تقني؛ فأعماله تستمد مقوماتها من الأسس الفنية والجمالية للتشخيص برؤى فنية وإلهام جمالي وتأثير معرفي وثقافي، حيث يستقي مادته التشكيلية من الواقع المتعدد المرامي، وفق خاصياته الجمالية المتنوعة، وأسلوبه التشكيلي الذي يزخر بمقومات فنية، وتفاعليات جمالية، سواء على مستوى البناء الفضائي أو على مستوى التقنيات العالية، أو على مستوى الاستعمالات المضامينية والجهاز المفاهيمي بكل تمظهراته. لتتبدى المادة الفنية في صيغ تعبيرية متنوعة، ذات أشكال وألوان متنوعة حسب ما تقتضيه المادة التشكيلية، وما تشكله رؤاه الفنية من تفاعل مع الواقع ومع المسار المتقدم في الفن المعاصر. فهو ينفتح بشكل مباشر على الألوان المعاصرة وعلى الشخوصات التي يشكلها في أشكال متنوعة لينسج منها المادة التعبيرية. فمختلف المواد الفنية التي يشتغل عليها مرتبطة بمضامين حمالة لأوجه من المعاني، ولعدد من الدلالات والمعاني القوية. ولصنع ذلك، فإنه يعمد إلى صناعة مجموعة من العلاقات التحاورية، لتمرير الأشكال وفق مجموعة من التقنيات الحديثة والأدوات التحولية المعاصرة، والاستعمالات الرمزية والعلاماتية. فالمبدع يبني فضاءات أعماله باعتماد بعض تفاصيل الحياة الواقعية كأسّ مركزي للتعبير وفق نسيج لوني ورمزي وعلاماتي يتم توظيفه وفق أبعاد فنية وقيم جمالية، وبطرق ممنهجة يتوخى من خلالها بسط الصيغ الجمالية بحمولة تتنوع فيها الأشكال والمضامين، باعتبار واقعية الشخوصات التي تتمتع بالسيولة التعبيرية وما تختزنه وراء حجب الشكل من تنوع في المضامين.

 الفنان في مرسمه

إن جماليات التشخيص الإيحائي في عمقه التشكيلي يُحدث حركات فنية قادرة على منح التشكيل تعبيرا تفاعليا يتيح تعددية القراءة، فالمبدع لديه مهارات تجعله يبلور العملية الإبداعية، وفق خاصيات جديدة وأسلوب معاصر في التعبير. وهو بذلك يصنع مجالا تشكيليا يتأسس على ثوابت تصورية تشكل قيمة فنية وتعبيرية، ما يجعل الصيغ الجمالية أكثر نجاعة في أعماله لتقود المجال الشكلي إلى منحى دلالي يتطور في عمق الصورة الشخوصية بصيغ تفاعلية متنوعة، تتلاءم مع مختلف الأنساق الفنية التي تُطاوع تصورات المبدع. فهو يؤلف بين مختلف المفردات باستخدامات تحولية يتقصد من خلالها الواقع بفنيات لونية وبنماذج شكلية تتوهج على ملمس فني يتأثر بقوة الاعتناء بقيم السطح. فالتعبير بمفردات الواقع وفق مسلك فني هو تأكيد على عمل فني ممنهج، إذ يعتمد تحريك الأشكال وفق خاصيات محددة وعلامات معينة؛ وهو في جوهره انزياح فني نحو إنتاج المعنى التشكيلي، ما يعكس النسق الجمالي المتجدد الذي يميز الخطاب الواقعي ويعلن عن تصورات ورؤى المبدع، سواء عبر الطلاء أو عبر محددات الشكل.
وفي هذا الخضم المليء بالمفردات والعناصر الفنية والجمالية؛ تلعب الأشكال المتعددة التي تطال مجال الشكل من خلال الشخوصات أدوارا مهمة في صياغة الحركة التي تبعث نبرات موسيقية، تحرك الفضاء التشكيلي برمته. فيتبدى الحس الفني من خلال الفضاء الذي يعج بالحركات المتنوعة الدالة على مضامين عميقة الدلالات، في وصل صريح بين مختلف المفردات الفنية التي تحمل تلك المضامين المتنوعة، والتي تشكل حيزا مهما في التعبير، فيتحقق في أعماله الارتقاء الإبداعي عبر وحدة التكوين والتصور وعصرنة الأسلوب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي