قيمة الوسائط والكولاج في لوحات القطري أحمد نوح

2022-05-16

من أعمال الفنان التشكيلي الطري أحمد نوح محمد البندوري *

تنبني أعمال الفنان التشكيلي أحمد نوح على مؤشرات القوة التعبيرية العميقة المنصهرة في المادة الوسائطية، وما ينتج عنها من تجليات فنية ودلالية. إنه سياق فني معاصر يحمل في طيه تقنيات متجددة تظهر من خلالها مختلف التعبيرات التي تعكس تصوراته المتنوعة وأفكارها المتعددة، إذ يجسد التشكيلات والحروفيات ومختلف الوسائط الكولاجية باستهداف جمالي، وفي نطاق أسلوب معاصر تتنوع فيه المواد التشكيلية والوسائط الفنية.
إنها تجربة تضطلع بتقاطعات مليئة بمجموعة من المكونات التي تستفز المادة التشكيلية في عمقها الفني والدلالي. وهو إبداع تشكيلي يؤشر إلى أن هناك مادة جمالية مثبتة كولاجيا، تقود إلى إرساء التخصص المبني على الأسس الوسائطية المثقلة بحمولة من العوالم المتنوعة، التي تروم العناصر الفنية والمفردات التشكيلية المعاصرة، التي تؤطر المنحى الجمالي والتعبيري المستبطن في كنف العملية الإبداعية ككل. إنه مسلك في التشكيل تؤطره الرؤية البصرية التي تعتمد السمات الجمالية في العمل الفني، وبذلك يهدف المبدع إلى التعبير العميق وفق منهج شكلي بصري صرف، ووفق اشتغال يأخذ بعين الاعتبار الاكتنافات الداخلية والانفعالات والأحاسيس ذات الأبعاد المنضوية في حكم المطلق، يرسلها بشكل غير مباشر إلى القارئ، لا تحدها حدود ولا يسعها مكان ولا زمان، وبذلك يرسم لها الاستمرارية من خلال مسلك وسائطي بأسلوب معاصر.

  الفنان التشكيلي أحمد نوح

ولا شك في أن التقنيات التي يوظفها المبدع تلعب دورا رئيسيا في توجيه أعماله نحو ما يرغب توصيله. كما أن مؤهلاته الكبيرة في مجال التشكيل تجعله يؤثث أسلوبا تشكيليا وفق منظور خاص وبطرائق متنوعة، وهو بذلك يخضع أعماله الكولاجية إلى سلطة التصور التشكيلي الممنهج ليتحكم في المادة التشكيلية، فينتج من خلال استعمالاته التقنية وعمليات التوظيف المتقنة للألوان والأشكال والوسائط والعلامات، مادة فنية ملأى بالمعاني والدلالات، فيكون موفقا في ربط مجموعة من العلاقات التشكيلية بالمضامين الباطنية، والحد من مجموعة من التباينات داخل الأنساق اللونية في علاقاتها بالأشكال المختلفة والألوان والعلامات والوسائط. الشيء الذي يمكنه من توطيد أسلوبه التحاوري بمحاكاة مختلف المواد التي تحتويها الوسائط، ووفق مادة معرفية وسيطة تؤلف بين استخدام الأدوات التحولية، وأشكال التعبير المختلفة، والمضامين الداخلية، لذلك يسعى من خلال الألوان تكثيف التداخلات العلاماتية والأشكال، وبسط نوع من الانسجام بين هذه المواد والأشكال التي تتراءى في لوحاته، وهي في جوهرها تنتج فضولا لما وراء ستار تلك التراكمات المتداخلة على مستوى المضمون وعلى مستوى المادة الجمالية، وتجعل القارئ يضع أكثر من تساؤل عن الصيغ الجمالية التي تتلاءم مع هذا التوجه في التعبير بأدوات مختلفة وبمضامين متنوعة تمر عبر إطار فني إلى أبعاد فلسفية عميقة الدلالات.
إن للمبدع أحمد نوح من الإمكانات والتقنيات العالية ما يمكنه من بسط تصوراته وأفكاره داخل الفضاء التشكيلي بالاستعمالات الوسائطية والعلاماتية ودمجها في التشكيل أو مع الحروفيات وفق التعبير بأسلوب بديع، يشعر القارئ بالحس الإبداعي والجمالي وبجهازه المفاهيمي، الذي يعبر المسافات بتوازن دقيق وتحاورات جمالية وأبعاد فنية، تتحول بحركة انسيابية إلى صيغ جمالية، وفي ذلك تتبدى إبداعاته رائقة باعتبار أن المجال التشكيلي لديه مثقل بالإشارات والمعاني التي يقارب بها المادة التشكيلية بأبعادها الوسائطية.

من أعمال الفنان التشكيلي أحمد نوح

*كاتب مغربي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي