أثرياء روس يُحرَمون من مقتنياتهم الفارهة جراء عقوبات مفروضة على بلادهم

أ ف ب-الامة برس
2022-05-10

 اليخت "أماديا" المحجوز بطلب من الولايات المتحدة (أ ف ب)

موسكو: من اليخوت الفارهة إلى القصور الضخمة والطائرات الخاصة والتحف الفنية، يُحرم أثرى الأثرياء الروس من مقتنياتهم الفاخرة جراء عقوبات تطالهم على خلفية الحرب التي يشنّها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا.

وثبت بالفعل أن مصادرة الأصول وتجميدها يشكّلان أصعب تحدّ للأثرياء الروس النافذين المقربين من الكرملين، وكثر من هؤلاء اغتنوا على أثر انهيار الاتحاد السوفياتي.

في بريطانيا فُرضت عقوبات على أكثر من مئة شخصية روسية من الأثرياء النافذين وعائلاتهم. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على 140 من هؤلاء فيما استهدف الاتحاد الأوروبي أكثر من 30 منهم.

وقال وزير النقل البريطاني غرانت شابس إن الخطوة ترمي إلى استهدافهم بتدابير مؤلمة لهم عبر حرمانهم من الاستفادة من "مقتنياتهم الفاخرة".

منذ سنوات تطلق على العاصمة البريطانية تسمية "لندنغراد" بعدما تحوّلت إلى ملاذ للروس ولأموالهم، يتعلّم فيها أولادهم ويتابعون منها الدعاوى القضائية.

وجاء في مقالة لصحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية "بساط الترحيب بدأ يسحب من تحت أقدام الأثرياء الروس النافذين".

وطاول الاستهداف رجل الأعمال الشهير رومان أبراموفيتش الذي أجبر على عرض نادي تشلسي الذي اشتراه في العام 2003 للبيع.

لكن اتّخاذ تدابير ضد لاعبين كثر في اقتصاد ضخم منفتح بشكل كبير على العالم يعد خطوة "في المجهول"، وفق أليكس نايس، الباحث في معهد "إنستيتيوت فور غافرنمنت".

بحسب نايس ستنتهي الحرب يوما ما، لكن الانقسام الحاد بين الغرب وروسيا سيبقى قائما، حتى وإن كانت الأصول مجمّدة فقط ولم يتم تجريد أصحابها من حق ملكيتهم لها.

وقال نايس "لا يبدو أن هناك أي احتمال لرفع العقوبات عمّا قريب".

في موسكو، قال المحلل السياسي المستقل كونستانتين كالاتشيف إن "العملية الخاصة" التي يقودها بوتين في أوكرانيا قد تستمر "سنوات"، وربما يتّسع نطاقها لتحقيق حلمه في إعادة بناء الإمبراطورية الروسية.

وقال نايس إنه إذا توقف القرار على أوكرانيا "فلن ترفع العقوبات".

- سيل من العقوبات -

مما لا شكّ فيه أن العقوبات تحقق أهدافها.

الشهر الماضي شطبت مجلة فوربز 34 روسيا من قائمتها السنوية لأصحاب المليارات بسبب "سيل من العقوبات".

وقالت معدّة كتاب "روس أثرياء" إليزابيث شيمفوسل، أستاذة علم الاجتماع المحاضرة في جامعة آستون في برمنغهام في وسط إنكلترا، إن "الحرب كارثة مطلقة بالنسبة إليهم".

وقال هاوي جمع التحف الفنية الروسية بيتر آيفن في تصريح لصحيفة "فاينانشال تايمز" إنه ليس واثقا مما إذا "من المسموح له (توظيف) عامل تنظيف أو سائق"، وهو يواجه خطر ترحيله من المملكة المتحدة.

وقال شريكه ميخائيل فريدمان لوكالة بلومبرغ الإخبارية إنه "تحت تأثير الصدمة" ويواجه صعوبات في تسديد أتعاب عامل التنظيف.

يحمل أثرياء روس نافذون كثر جنسيات عدة وهم لا يسارعون للعودة إلى روسيا.

وقالت شيمفوسل إن الغرب كان "قاعدة يمكنهم التوجّه إليها في أي وقت حين يخشون التعرّض للملاحقة القضائية في روسيا".

وأضافت أن "الأثرياء الروس النافذين لم يبذلوا يوما أي مجهود لترسيخ سيادة القانون في روسيا".

- مسلسل تلفزيوني طويل -

حجم الأصول المستهدفة بالعقوبات هائل. إذ تفيد تقديرات الحكومة البريطانية بأن قيمة الأصول المملوكة لأبراموفيتش فقط تتخطى تسعة مليارات جنيه.

وهي استهدفت أيضا شريكين له تتخطى قيمة الأصول التي يملكانها عشرة مليارات جنيه.

يُعتقد أن ابراموفيتش يمتلك ستة يخوت فارهة، يرسو اثنان منها في تركيا منذ آذار/مارس لتجنّب العقوبات.

وأعلنت دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تجميد أصول روسية بنحو 30 مليار دولار بينها يخوت ومروحيات وعقارات وتحف فنية بقيمة نحو سبعة مليارات.

من جهتها أعلنت واشنطن أنها فرضت عقوبات وصادرت قوارب وطائرات بأكثر من مليار دولار.

واقترح الرئيس الأميركي جو بايدن فرض عقوبات دائمة، وقال إنه يجب ألا يُسمح للأثرياء الروس النافذين أن يتمتعوا بمقتنياتهم الفاخرة فيما أطفال أوكرانيا يموتون.

في فيجي، حجزت الشرطة الأسبوع الماضي على اليخت "أماديا" البالغ طوله 106 أمتار والذي تقدّر قيمته بنحو 300 مليون دولار ويُشتبه في أنه مملوك للمتمول الروسي سليمان كريموف الذي تستهدفه عقوبات أميركية على صلة بالحرب في أوكرانيا.

وتنغّص مشاهد اليخوت المحجوزة والقصور المغلقة التابعة لمقربين من بوتين حياتهم المترفة في روسيا أيضا.

وقال كالاتشيف إن "الروس العاديين يودون أن يروا ’الأغنياء أيضا يبكون’"، في إشارة إلى المسلسل التلفزيوني المكسيكي الطويل الذي تابعه الروس في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

لكن لم يتّضح بعد إن كانت تداعيات العقوبات ستؤثر على قرارات موسكو.

وقال كالاتشيف إنها لا تؤثر على بوتين لأنه يلتقي رجال الأعمال هؤلاء لـ"إعطائهم توجيهاته" بمعنى أن اللقاء لا ينطوي على حوار.

وقال نايس إن "سجل استعمال الضغوط الاقتصادية لإحداث تغيير في السياسة الخارجية ليس جيدا"، لكنه شدد على أن العقوبات "ستُضعف من دون شك قدرات روسيا على القتال".

- معارضة -

ينشط أبراموفيتش على خط المحادثات الرامية لوضع حد للحرب بتفويض من الجانبين. وقد أعرب أثرياء روس نافذون معارضتهم للنزاع الدائر.

وفي تعليق على إنستغرام انتقد رجل الأعمال والمصرفي الروسي أوليغ تينكوف الخاضع لعقوبات بريطانية "هذه الحرب الجنونية" وجيش روسيا "القذر".

وحض فريدمان على وضع حد لسفك الدماء، فيما قال أوليغ ديريباسكا الخاضع لعقوبات بريطانية وأوروبية وأميركية إن استمرار القتال "ضرب من الجنون".

لكن محلّلين شككوا في إمكان أن يشكلوا جبهة ضد بوتين. وقال نايس "من الصعب أن يحدث ذلك".

من جهتها قالت شيمفوسل "لن يكون من مصلحتهم أن يبدوا معارضة لبوتين في توقيت سابق لأوانه".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي