كيف يمكن لصاروخ هندي "طائش" أن يشعل حربا نووية مع باكستان؟

د ب أ- الأمة برس
2022-03-27

لواقع أن حقيقة أن السلطات الهندية لم تستخدم خيار التدمير الذاتي بعد الإطلاق "العرضي" ولم تكلف نفسها حتى عناء إبلاغ الجانب الباكستاني على الفور (تاس)

واشنطن: تشهد العلاقات بين الهند وباكستان توترات من حين لآخر وسط أعمال العنف الطائفية بين المسلمين والهندوس ودخول البلدين في عدة حروب ونزاعات ومواجهات عسكرية.

 وتقول سيتارا نور، الباحثة البارزة في مركز دراسات الفضاء والأمن في إسلام آباد إنه في 10 آذار/مارس 2022 ، عقد المدير العام لمكتب العلاقات العامة المشترك للقوات المسلحة الباكستانية ، مؤتمرا صحفيا وأعلن أنه في اليوم السابق، قطع صاروخ سوبرسونيك (أسرع من الصوت) ، مصدره الهند ، مسافة 124 كيلومترا على ارتفاع 40 ألف قدم في المجال الجوي الباكستاني وتحطم بالقرب من مدينة ميان تشانو، بمنطقة خانيوال الباكستانية.

وبعد يومين، أكدت وزارة الدفاع الهندية رسميا الحادث، مشيرة إلى أن صاروخا أطلق "عن طريق الخطأ" أثناء الصيانة الروتينية. وأكد بيان للوزارة كذلك أن الحكومة اتخذت وجهة نظر جادة في هذه المسألة وأمرت بتشكيل فريق رفيع المستوى للتحقيق في الحادث.

وتقول نور إنه في حين أن التفاصيل المحددة للحادث ستظهر على السطح بعد تحليل وتحقيق شاملين، فإن أنباء إطلاق الهند "عن طريق الخطأ" صاروخ كروز "سوبرسونيك" على باكستان، خصمها المسلح نوويا، صدمت العديد من صانعي السياسة الذين يدركون العواقب المحتملة لمثل هذا الحادث. ولقي رد باكستان الفوري إشادة باعتباره "ناضجا" و "مسؤولا"، ومع ذلك، طالبت إسلام آباد بإجراء تحقيق مشترك لأنه كان يمكن أن يؤدي إلى عواقب أكثر خطورة.

وتضيف أنه أولا وقبل كل شيء، فإن التوقيت مثير للريبة. فبعد أسبوع واحد فقط من اكتشاف البحرية الباكستانية غواصة تابعة للبحرية الهندية في منطقتها الاقتصادية الخالصة، تحطم صاروخ هندي داخل باكستان. وهذا يثير مخاوف جدية بشأن نوايا القيادة العسكرية الهندية. ومن الإنصاف القول إنه لا يوجد نظام موثوق به بنسبة 100% ، وقد تقع الحوادث لأسباب غير متوقعة، لكن تعامل الحكومة الهندية بشكل عام مع هذه القضية كان غير مسؤول للغاية.

والواقع أن حقيقة أن السلطات الهندية لم تستخدم خيار التدمير الذاتي بعد الإطلاق "العرضي" ولم تكلف نفسها حتى عناء إبلاغ الجانب الباكستاني على الفور، أثارت تساؤلات حول نظام القيادة والسيطرة الهندي، وثقافتها الاستراتيجية، وقدرتها على التعامل مع مثل هذه التكنولوجيا الحساسة.

ولم يعرض البيان الرسمي للهند أي معلومات حول نوع الصاروخ ، لكن المعلومات المتاحة تتطابق مع خواص رحلة صاروخ براهموس كروز أرض-أرض الهندي. وفي حين صنفت الهند صواريخ براهموس كصاروخ تقليدي (في المقام الأول لتجنب وصفها بأنها منتهكة للمبادئ التوجيهية لنظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ)، فإنها قادرة على حمل حمولة نووية أيضا.

وبغض النظر عن التصنيف المعلن، من المرجح أن يفسر أي صاروخ قادم على أنه نووي في بيئة أمنية مشحونة لأنه من المستحيل التمييز بين الحمولة التي يحملها الصاروخ القادم. ومع تخفيف الهند مؤخرا من تعهدها بـ "عدم البدء بالاستخدام" والتلاعب بفكرة استهداف القوة المضادة الاستباقية، حيث من المرجح أن يكون براهموس السلاح المفضل لهذه الاستراتيجية، كان بإمكان باكستان أن تنظر إلى هذا الصاروخ على أنه ضربة استباقية لنيودلهي، خاصة في ضوء العلاقات الثنائية الحالية.

وتقول نور إنه من الضروري تحديد ما إذا كان هذا الحادث هو نتيجة لفشل في السلامة أو فجوة أمنية. ووفقا للتقارير الأولية، تتبع مركز عمليات الدفاع الجوي التابع لسلاح الجو الباكستاني رحلة الصاروخ في مرحلته الأولية. ويقال إنه أطلق من قاعدة جوية تابعة للقيادة الجوية الغربية في منطقة سيرسا بولاية هاريانا. وتم اكتشاف الصاروخ على ارتفاع 40 ألف قدم، مما يشير إلى أنه ربما جرى إطلاقه من الجو. ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون اختبارا لنسخة جوية غير ناجحة من براموس، حيث لم يصدر أي إخطار للبعثات الجوية والموقع غير معروف باختبارات الصواريخ.

ويتم إجراء اختبارات الصواريخ الهندية في الغالب في ميدان اختبار في بوخران براجستان أو ميدان الاختبار المتكامل في شانديبور ، قبالة ساحل أوديشا على خليج البنغال. وتثير طبيعة الحادث القلق إزاء هذا الادعاء بحدوث إطلاق عرضي أثناء الصيانة وتلمح إلى احتمال الرضا عن الذات أو الانتهاكات الجسيمة لبروتوكولات السلامة من جانب السلطات المعنية.

كما شكل إطلاق الصاروخ تهديدا خطيرا للطيران المدني، حيث كانت العديد من الرحلات التجارية، مثل رحلات تابعة لقطر والخطوط الجوية السعودية، تحلق على هذا المسار وقت إطلاق الصاروخ. وكان بإمكان الحكومة الهندية إصدار "إشعارا للطيارين" بشكل طارئ للطائرات القادمة لتجنب كارثة جوية محتملة.

كما يضع الحادث علامة استفهام حول قوة ونطاق تدابير بناء الثقة القائمة بين الهند وباكستان. وتم إبرام اتفاقية الخط الساخن لعام 2004 لهذا الغرض بالذات، للإبلاغ بأي حالة طوارئ قد تؤدي إلى أي أزمة غير مقصودة، لكن هذا الإجراء الضروري لم تتخذه الهند.

واتفقت الهند وباكستان أيضا على الإخطار المسبق بتجارب الصواريخ الباليستية أيضا. وفي عام 2005، اقترحت باكستان إدراج إخطار مسبق بتجارب قذائف كروز أيضا، ولكن الهند لم تقبل.

وترى نور أنه في حين أن الإخطار باختبار الصواريخ الباليستية يهدف إلى تجنب التصعيد غير المقصود حيث يمكن إساءة تفسير المسار الباليستي لصاروخ على أنه ضربة استباقية من قبل الخصم ، فإن الإخطار بصاروخ كروز لا يخدم هذا الغرض لأن الصاروخ لا يزال في مسارات التحليق المنخفضة ويصعب تتبعه على أي حال.

ومن المهم تسليط الضوء على أن الهند تصرفت ضد روح تدابير بناء الثقة المتفق عليها بصورة متبادلة لأنها لم تخطر باكستان بتجاربها للصواريخ الباليستية من منصات تحت سطح البحر لأنها تعتبر أن اتفاق عام 2005 يقتصر على الصواريخ التي تطلق من الأرض فقط. وبالنظر إلى هذه الثغرات، من المهم النظر في توسيع نطاق اتفاق اختبار الصواريخ الباكستاني الهندي.

وتحدث كل هذه التطورات في الوقت الذي تعمل فيه الهند باستمرار على زيادة مستوى التأهب لديها، وخاصة في مجال الصواريخ. ,من أجل تقليل وقت الإطلاق ، تعمل الهند بشكل مستمر على التخلص من الخطوات المختلفة التي قد تبطئ عملية الإطلاق خاصة أثناء الأزمات، مما يزيد من خطر الإطلاق العرضي أو غير المقصود.

ومع وجود ثقافة استراتيجية إشكالية وعدم وجود نظام قوي للقيادة والسيطرة، فإن هذه التطورات هي وصفة لكارثة للسلام الإقليمي.

وبغض النظر عما إذا كان إطلاق الصاروخ عرضيا أو متعمدا ، فإن هذا الحادث هو تذكير صارخ بأن جنوب آسيا لا تزال بؤرة اشتعال نووية. كما أنه يكشف عن التركيز غير المتناسب على باكستان وحدها والإهمال الصارخ لسجل الهند الضعيف في مجال السلامة والأمن النوويين من قبل العلماء الغربيين والحكومات على حد سواء.

وتعرب الباحثة عن أملها في أن يؤدي هذا الحادث إلى بعض التأمل في أفكار واشنطن، وأن تكون المؤسسة الأمنية الهندية والحكومة الهندية على استعداد للإجابة على بعض الأسئلة الصعبة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي