تعليم الأنثى.. فريضة إسلامية تغيّبها عادات متوارثة

متابعات الأمة برس
2022-02-18

تعليم الإناث واجب على الدولة مثله مثل تعليم الذكور وعليها تأمين سبله، ‬وضمان تنوعه وكفاءته (ويكيبيديا)أهدرت مجتمعات عربية وإسلامية كثيرة حق المرأة في‮ ‬التعليم، ‬ورفع البعض شعار‮ «‬زواج البنت أولى من تعليمها‮»‬؛ ‬ولذلك سجلت الإحصاءات أعلى نسب الأمية بين النساء، ‬وحرمت هذه الأقطار العربية والإسلامية من عقول وجهود نسائها في‮ ‬مجالات تنموية كثيرة، ‬كانت تتطلب وجودها؛ لتقوم بواجباتها إلى جانب الرجل‮.‬
يحدث هذا‮ - ‬للأسف‮ - ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬كفلت فيه شريعة الإسلام للمرأة كل حقوقها في‮ ‬التعليم والتثقيف، والحصول على العلوم والمعارف التي‮ ‬تجعلها عنصراً صالحاً في‮ ‬المجتمع، ‬وتؤهلها لتكون قادرة على العمل والإنتاج، ‬فطلب العلم في‮ ‬المنظور الإسلامي‮ ‬فريضة على كل مسلم ومسلمة، ‬وتعليم الإناث واجب على الدولة مثله مثل تعليم الذكور وعليها تأمين سبله، ‬وضمان تنوعه وكفاءته، ‬بما‮ ‬يحقق مصلحة المجتمع، ‬ويتيح للإنسان معرفة دينه، ‬ويؤهله لكل عمل نافع ومفيد له وللمجتمع الذي‮ ‬يعيش فيه‮. ‬
في‮ ‬البداية‮ ‬يستنكر العالم الأزهري د‮. ‬محمد أبو زيد الأمير، ‬‬ارتفاع معدلات الأمية بين النساء في‮ ‬العديد من البلاد العربية والإسلامية، ‬ويؤكد أن حرمان الفتيات من حقهن في‮ ‬التعليم في‮ ‬أي‮ ‬بلد عربي‮ ‬أو إسلامي‮ ‬يمثل مخالفة صارخة لتعاليم وتوجيهات الإسلام الذي‮ ‬منح المرأة حق تلقي‮ ‬كل العلوم والمعارف؛ ‬بل جعل ذلك واجباً عليها وعلى المجتمع الذي‮ ‬تعيش فيه، ‬ويقول‮: ‬شريعة الإسلام جعلت الحق في‮ ‬التعليم والثقافة من أهم الحقوق التي‮ ‬ينبغي‮ ‬على الإنسان‮ - ‬رجلاً كان أو امرأة ‮- ‬أن‮ ‬يحرص عليها وأن‮ ‬يطالب بها في‮ ‬كل وقت، ‬فالتعليم والثقافة ليسا منحة من الدولة؛ ‬بل هما واجب عليها، ‬وتعاليم الإسلام تلزم كل مؤسسات التربية والتوجيه المختلفة من الأسرة والمدرسة والجامعة وأجهزة الإعلام وغيرها بالعمل على تهيئة المناخ المناسب للمرأة؛ لكي‮ ‬تتعلم وتتثقف دينياً ودنيوياً وتنمية شخصيتها، ‬وتعزيز إيمانها بالله، ‬واحترامها لحقوق الآخرين والوفاء بها، ‬وبما‮ ‬يؤهلها للعمل والإنتاج‮.‬

دين ودنيا

ويضيف الأمير: ‬استقراء النصوص الدينية‮ ‬يؤكد اهتمام الإسلام الكبير بالتعلم والتعليم، ‬والإسلام لا‮ ‬يحث المسلم أو المسلمة على طلب العلم؛ ‬بل‮ ‬يحث العلماء على تعليم‮ ‬غيرهم، ‬ويجعل من‮ ‬يقصر في‮ ‬تعليم‮ ‬غيره مع قدرته على ذلك من العاصين والآثمين، ‬والنصوص التي‮ ‬تحض على التعلم والتعليم كثيرة ومتنوعة، ‬فالله سبحانه وتعالى‮ ‬يقول‮: «‬يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات‮»‬، ‬وهو‮ ‬يرفض تسوية الذين‮ ‬يعلمون بالذين لا‮ ‬يعلمون‮، قال تعالى: «‬قل هل‮ ‬يستوي‮ ‬الذين‮ ‬يعلمون والذين لا‮ ‬يعلمون‮»‬، ‬ويجعل للعلماء مكانة كبيرة عند الله وعند الناس؛ ‬لأنهم أكثر الناس إدراكاً لواجباتهم، وحرصاً على حقوقهم‮.‬
والتعليم الذي‮ ‬يستهدفه الإسلام للمرأة ليس مقصورا‮ً - ‬كما‮ ‬يقول د‮. ‬الأمير‮- ‬على تعلم أمور الدين ومعرفة الأحكام الشرعية؛ ‬بل‮ ‬يتعدى ذلك إلى كل ما هو نافع لها وللمجتمع الذي‮ ‬تعيش فيه، ‬فهناك من تتخصص في‮ ‬أمور الدين؛ لنشر هداية الإسلام بين النساء والرجال أيضاً؛ ‬حيث لا‮ ‬يوجد ما‮ ‬يمنع المرأة من أن تعمل داعية بين الرجال ما دامت تلتزم بالآداب والأخلاقيات الإسلامية في‮ ‬لباسها وسلوكها العام، ‬وهناك من تتخصص في‮ ‬العلوم العصرية من طب وهندسة وتجارة وتدريس وغير ذلك؛ لتفيد نفسها وأسرتها من عائد هذا العمل، ‬كما تفيد المجتمع الذي‮ ‬تعيش فيه‮.. ‬وما أحوج مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلى جهود فتياتها المتعلمات المثقفات المؤهلات؛ لممارسة كل الأعمال التي‮ ‬تناسب طبيعة المرأة، ‬وهي‮ ‬كثيرة ومتنوعة وتشمل كل مجالات الحياة‮.‬
وأوضح رئيس قطاع التعليم الأزهري‮: ‬إن الأزهر لا‮ ‬يفرق في‮ ‬التعليم بين الفتى والفتاة، ‬ويقول‮: ‬نحن نهتم بتعليم الإناث كما نهتم بتعليم الذكور، ‬ومعاهد الفتيات تنتشر في‮ ‬كل محافظات مصر إلى جانب معاهد البنين، ‬كما أن كليات البنات بجامعة الأزهر انتشرت في‮ ‬معظم المحافظات المصرية، ‬وتخرج كل عام عشرات الآلاف في‮ ‬مختلف التخصصات‮.‬

نصوص واضحة

ويؤكد الشيخ سعد الفقي، ‬وكيل وزارة الأوقاف المصرية، أن انتشار الأمية بين النساء في‮ ‬بلادنا العربية والإسلامية جريمة في‮ ‬حق ديننا، ‬وفي‮ ‬حق مجتمعاتنا، ‬ولا علاقة للإسلام بذلك من قريب أو بعيد، ‬فالإسلام لم‮ ‬يفرق بين الرجل والمرأة في‮ ‬حق تلقي‮ ‬العلم والثقافة؛ ‬حيث لم‮ ‬يفرق بين ذكر وأنثى في‮ ‬طلب العلم؛ ‬بل أمرهما بالتسلح بالعلم النافع، ‬وبالثقافة المفيدة، ‬وبالمعرفة التي‮ ‬تعود عليهما وعلى أمتهما بالخير والرخاء‮.‬ ‮ ‬ويضيف‮: ‬الله سبحانه وتعالى شرّف أهل العلم، ‬سواء كانوا من الذكور أم من الإناث تشريفاً عظيماً، ‬ونصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة الواضحة التي‮ ‬تحث على العلم وتجعله حقاً وفريضة في‮ ‬الوقت نفسه لم تفرق في‮ ‬ذلك بين الرجال والنساء‮.. ‬وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم‮ ‬يجلس بين النساء ويعلمهن، ‬وفي‮ ‬حديث نبوي‮ ‬كريم جاءت امرأة فقالت‮: «‬يا رسول الله ذهب الرجال، ‬بحديثك، ‬فاجعل لنا في‮ ‬نفسك‮ ‬يوماً نأتي‮ ‬إليك فيه تعلمنا مما علمك الله، ‬فجاء صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله‮».. ‬والذي‮ ‬يراجع كتب السنة النبوية‮ ‬يرى أن كثيراً من الأحاديث رواها عدد من النساء عن النبي‮ ‬صلى الله عليه وسلم، ‬وقد كان للسيدة عائشة رضي‮ ‬الله عنها نصيب كبير منها، ‬وكذلك لغيرها من أمهات المؤمنين‮.‬

علم وعمل

من هنا‮ ‬يؤكد الشيخ الفقي‮ ‬أنه لا‮ ‬يجوز لأحد حرمان المرأة من حقها في‮ ‬التعليم والثقافة، ‬فالمرأة شريكة للرجل في‮ ‬تحمل المسؤوليات والأعباء، ‬وإذا كان الإسلام‮ ‬يعطيها الحق في‮ ‬العمل فلابد أن تتعلم جيداً، ‬وتتدرب جيداً، ‬وتسلح نفسها بكل العلوم والمعارف، ‬فمجتمعاتنا في‮ ‬أمس الحاجة إلى المرأة المتعلمة المثقفة الواعية بهموم ومشكلات مجتمعها، ‬القادرة على العمل والإنتاج، ‬والمساهمة الجادة في‮ ‬صنع التنمية والتقدم‮.‬
ويقول‮: ‬الذين‮ ‬يحرمون بناتهم من التعليم مخالفون لمنهج الإسلام وجاهلون بتعاليمه، ‬وفتوى‮ «‬تزويج البنت أهم وأولى من تعليمها‮» ‬لا تستند إلى أساس شرعي، ‬فالزواج حق‮ ‬يسبقه حق التعليم، ‬ولا‮ ‬يجوز حرمان فتاة من التعليم تحت مبرر المسارعة بتزويجها‮.‬

حقوق ضائعة

الفقيهة الأزهرية، ‬د‮. ‬سعاد صالح، ‬أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، ‬تؤكد أن الشريعة قررت حقوقاً مثالية للمرأة لم تحظ بها النساء في‮ ‬مواثيق الأمم المتحدة، ‬وفي‮ ‬الدول التي‮ ‬تدعي‮ ‬الحضارة والتقدم‮.. ‬لكن ‮- ‬للأسف ‮- ‬معظم هذه الحقوق ضائعة؛ بسبب العادات والتقاليد المتوارثة في‮ ‬عالمنا العربي‮ ‬والإسلامي، ‬وبسبب المفاهيم الخاطئة التي‮ ‬تسيطر على عقول كثير من الرجال والثقافة الذكورية السائدة في‮ ‬عالمنا العربي‮ ‬والتي‮ ‬تستند إلى فهم عقيم لبعض التشريعات الإسلامية المتعلقة بالمرأة‮.‬
وتقول‮: ‬منظومة الحقوق الإسلامية تنص على أحقية المرأة المسلمة في‮ ‬التعليم والتثقيف، ‬لكن من المؤسف أن‮ ‬يتجاهل بعض المسلمين هذه التعاليم والتوجيهات الإسلامية، ‬ويهملوا تعليم بناتهم مما‮ ‬يؤدي‮ إلى زيادة نسب الأمية بينهن، ‬ومن المؤسف أيضاً أن‮ ‬يحمّل البعض الإسلام مسؤولية ذلك استناداً لمفاهيم دينية خاطئة، ‬أو فتاوى‮ ‬غير دقيقة مثل فتوى‮ «‬تزويج البنت أهم وأولى من تعليمها‮» ‬وهي‮ ‬فتوى تتجاهل تماماً حق المرأة في‮ ‬التعليم، ‬وتداعيات هذا الكلام دينياً واجتماعياً واقتصادياً وتربوياً خطرة جداً على واقعنا الاجتماعي‮ ‬في‮ ‬الدول العربية؛ ‬إذ ليس هناك ما‮ ‬يمنع من تفرغ‮ ‬المرأة لرعاية زوجها وتربية أولادها؛ لكن على الجميع أن‮ ‬يدرك أن عطاء الزوجة والأم المتعلمة لزوجها وأولادها وبيتها أفضل كثيراً من عطاء الزوجة الأمية‮.‬
وتطالب أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر كل امرأة مسلمة بعدم التفريط في‮ ‬حقوقها الشرعية، ‬وخاصة حق تلقي‮ ‬العلم بكل أنواعه، ‬وتؤكد أن الإسلام لم‮ ‬يعط للمرأة الحق في‮ ‬طلب العلم فقط؛ بل جعله فريضة واجبة عليها؛ ‬حيث‮ ‬يقول الرسول صلى الله عليه وسلم‮: «‬طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة‮». ‬







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي