كيف يمكنك تطوير أنماط التعلم الخاصة بك وطفلك؟

2022-02-17

 

تختلف طريقتنا في التعلم، والأسلوب الذي يتبعه كل واحدٍ منا لفعل ذلك الأمر. ربما نظن أنّ هناك طريقة واحدة فقط للتعلم لكلٍ منا. في الواقع توجد العديد من أنماط التعلم التي يمكن الاعتماد عليها، بعضها ستجده أسلوبك الذي تفضله بالفعل الآن، والبعض الآخر هي أنماط لم تعتمد على استخدامها قبل ذلك، لكنّها موجودة. في هذا المقال سنتحدث عن أنماط التعلم المختلفة.

 

في الحقيقة من المهم إدراك أنّ الاكتفاء بنمط واحد فقط ليس خطأ، لكنك قد تحتاج إلى بعض الأنماط الأخرى في المواقف التي تمر بها في حياتك. فأنت لا تضمن دائماً وجود الموارد التي تساعدك على الاعتماد على النمط الخاص بك. 

كما أنّ حرصك على تنمية جميع أساليب التعلم، يجعلك تحصد فائدة أكبر من عملية التعلم الكاملة. لذا، من الجيد عدم التركيز على نمط التعلم المناسب لك فقط، والتركيز على تعلم جميع أنماط التعلم الأخرى، لتكون لديك قدرة التكيف مع مختلف المواقف.

 

تنقسم أنماط التعلم إلى ثماني أنماط رئيسة، ولكل نمط تعلم خصائصه المتميزة، وطريقة تطويره حتى تقدر على تحقيق أكبر فائدة من خلاله في عملية التعلم. إليك أنماط التعلم الثمانية:

1- نمط التعلم اللغوي

نمط التعلم اللغوي هو أحد أنماط التعلم الرئيسة. يعتمد نمط التعلم اللغوي على استخدام المهارات اللغوية الأربعة الأساسية: القراءة، الكتابة، الاستماع، التحدث. بالنسبة له ليس ضرورياً الاعتماد على جانب واحد فقط من هذه المهارات، لكن في بعض الأحيان يكون مزيجاً منها في الوقت ذاته.

مثلاً لتعلم شيء جديد، يمكنك القراءة عنه، ثم الاستماع إلى تسجيل صوتي يتحدث في ذات الموضوع. بعد ذلك محاولة كتابة محتوى عنه، أو التحدث مع الآخرين. ليس شرطاً هنا إنتاج محتوى قوي لنشره، لكن فقط التدوين المعتاد للممارسة.

في الحقيقة هذا النمط مهم جداً، ومطلوب باستمرار من أجل استخدامه في تعلم اللغات تحديداً. إذ لا يمكنك تعلم اللغة الجديدة دون التعامل مع هذه الجوانب الأربعة. حتى إذا كنت تحتاج إلى جزء واحد من اللغة، مثل القراءة، فلا بد لك من الاحتياج لقراءة محتوى كثير باللغة المستهدفة.

كيفية تطوير هذا النمط: يمكنك تطوير هذا النمط من خلال الحرص على التطبيق المباشر لجميع جوانب اللغة. على سبيل المثال، عندما تتعلم مفردات جديدة في اللغة، يمكنك الحرص على اختيار مصدر للقراءة عنها وعن المزيد من الاستخدامات لها، ثم بعد ذلك تحرص على الاستماع لنطقها باستمرار.

يمكنك أيضاً التوجّه إلى كتابة مجموعة من الجمل، وليكن عشر جمل مثلاً، تحتوي جميعها على هذه المفردات، بشرط أن تكون كل جملة تعطي معنىً واضحًا. بعد ذلك، يمكنك الاستعانة بأحد أصدقائك للتحدث معه باستخدام هذه المفردات. يمكنك تطبيق هذه الجوانب الأربعة دائماً، ستجد أنّ نمط التعلم يتحسن.

2- نمط التعلم الطبيعي

يعد نمط التعلم الطبيعي هو ثاني أنماط التعلم. يعتمد هذا النمط على التعامل مع الأشياء الموجودة في الطبيعة من حوله، وتجربتها في محاولة الوصول إلى فهم أفضل لها. يحتاج المتعلم في هذا النمط إلى ممارسة التجارب باستمرار، فهو لا يمكنه الحصول على محتوى نظري فقط، لكنّه يحتاج دائماً إلى رؤية تجربة توضح الأمر، ويسعى للاستفادة من هذه التجربة في الفهم.

كيفية تطوير هذا النمط: عندما يتعلق الأمر بالمفاهيم العلمية، احرص على معرفة التجارب التي تنفّذ في هذا المجال. إذا لم يكن لديك القدرة على تجربتها في أرض الواقع، يمكنك الحرص على البحث على شبكة الإنترنت، ومعرفة إذا هناك تسجيل متاح للتجارب، سيسهل عليك هذا التجربة، ويمكنك من تطوير هذا النمط 

3- نمط التعلم الموسيقي

يعد نمط التعلم الموسيقي هو ثالث أنماط التعلم. يعتمد هذا النمط على الموسيقى أو الإيقاع من أجل التعلم، وبالتالي فهو يستخدم اللحن كوسيلة أساسية للمعرفة. يمكنك أن تجد هذا النمط في العديد من الأفراد، مثلاً من يفضلون الاستماع إلى مقاطع موسيقية، أو يحاولون دائماً تحويل أي شيء من حولهم إلى إيقاع، فهذا يمنحهم فهم أفضل.

يفضل هؤلاء أيضاً العمل مع وجود صوت من حولهم، فبينما يرى البعض أنّ الموسيقى مصدر للتشتيت، بالنسبة لهم هي عامل مساعد في عملية التعلم. لذا يحاولون دائماً تشغيل أي شيء يصدر صوتاً من حولهم في التعلم، أو ربما يصدرون هم الصوت بأنفسهم، مثل الدندنة أو إصدار أي أصوات أخرى في أثناء عملية التفكير والتعلم.

كيفية تطوير هذا النمط: حتى إذا كنت غير معتاد على ذلك، لكن جرّب العمل في إطار من الضوضاء، مثلاً مع صوت التلفاز إلى جانبك، أو في بعض الأحيان جرّب أن تدندن بنفسك. إذا أمكنك تحويل ما تتعلمه إلى كلمات بإيقاع موسيقي، سيكون ذلك شيئًا جيداً. ربما ستشعر بالتشتيت في البداية، لكن مع الوقت ستعتاد على هذا الصوت، وسيكون لديك القدرة على التعامل معه دون مشكلة.

4- نمط التعلم الحركي

يعد نمط التعلم الحركي هو رابع أنماط التعلم. يعتمد هذا النمط في التعلم على فعل الأشياء كوسيلة أساسية للمعرفة. إذ يحتاج أصحاب هذا دائماً إلى التفاعل مع الأشياء حتى يقدروا على معرفتها. يختلف هذا عن نمط التعلم الطبيعي، في أنّ الأخير يعتمد على رؤية التجربة فقط بشكل أساسي، بينما نمط التعلم الحركي يحتاج إلى فعل التجربة بنفسه للفهم.

يظهر هذا النمط في الوظائف التي تقوم على الحركة بشكل أساسي، مثل وظائف الفنون أو التصنيع أو المجالات الإبداعية. إذ هذه الوظائف في طبيعتها لا يمكن ممارستها إلّا بواسطة هؤلاء الذين يملكون الخبرة، ويعتمدون على الممارسة دائماً للوصول إلى درجة الإجادة.

كيفية تطوير هذا النمط: لا تكتفِ أبداً بأي معرفة نظرية، بل حاول دائماً تحويلها إلى شيء يمكن تطبيقه حركياً. مثلاً عند تعلّم كيفية تنفيذ مهارة جديدة في أي شيء، مثل مهارة العرض.

احرص على أن تمارسها، في منزلك وأمام أصدقائك، وقدّم لهم عرضاً في موضوع معين تحبه، ستجد أنّك تتطور مع الوقت. يمكنك تطبيق هذا الأمر على أي مهارة جديدة.

5- نمط التعلم المرئي

يعد نمط التعلم المرئي هو خامس أنماط التعلم. يعتمد نمط التعلم المرئي على وجود وسائل بصرية مساعدة في أثناء عملية التعلم. مثلاً الاعتماد على العروض التقديمية، أو المخططات، أو الصور، أو الرسوم البيانية. بالنسبة له تساعده هذه الأدوات على التعلم، حتى إذا لم يكن هناك من يتحدث معه، إذ تلعب الدور الأكبر في وصول المعلومة إليه، وتعزيز قدرته على الفهم.

في الوقت الحالي نمط التعلم المرئي هو نقطة قوة، لا سيّما أنّ أغلب المجالات تحتاج إلى التعامل مع البصريات بشكل كبير، وتوجد دائماً رسومات بيانات ومرئية تشرح بعض المفاهيم.

فيمكن للمتعلم المرئي دائماً فهم أي شيء من خلال الصور، حتى إذا كانت الصور مجرد تجسيد للمفهوم دون إمكانية رؤيته في الواقع، مثل مفهوم (البايت) في الكومبيوتر.

كيفية تطوير هذا النمط: عندما تتعرض إلى مفهوم جديد، ابدأ في البحث على الإنترنت أولاً عن رسومات أو فيديوهات أو صور توضيحية له. وحاول الاعتماد على هذه المصادر فقط للتعلم، دون الاعتماد على أي مصدر آخر في البداية، وقيّم النتيجة بعد الانتهاء من ذلك. مع الوقت ستعتاد على التعلم من خلال النمط البصري.

6- نمط التعلم المنطقي

يعد نمط التعلم المنطقي هو سادس أنماط التعلم. يعتمد نمط التعلم المنطقي على تصنيف الأشياء ومحاولة فهمها. بالتالي يمكن للمتعلمين في هذا النمط، فهم العلاقات بين الأشياء، ويقدرون على حل المعادلات، والتعامل مع الأرقام بشكل أفضل من غيرهم. إذ يمكنهم استخدام التفكير المنطقي طوال الوقت في التعامل مع المعطيات الموجودة أمامهم، مثل المهندسين وعلماء الرياضيات وغيرهما.

كيفية تطوير هذا النمط: تعلّم طرح الأسئلة دائماً، تحديداً الأسئلة التي تبحث عن العلاقات بين الأشياء، ومدى الترابط الموجود بينها. سيساعدك ذلك على فهم الأمور بطريقة أفضل، وسيجعل التعلم المنطقي شيئاً أساسياً بالنسبة لك، تسعى إلى تطبيق مبادئه على جميع تجارب التعلم التي تخوضها في حياتك.

7- نمط التعلم الجماعي

يعتمد نمط التعلم هذا على وجود الآخرين لتحقيق أفضل تجربة تعلم. بالتالي، يعمل هؤلاء بشكل أفضل عند وجودهم داخل الفرق أو المجموعات، فيكون ذلك سبباً في تحسين نتيجة التعلم. يظهر هذا النمط في القادة، لكنّه أيضاً مطلوب للجميع في الوقت الحالي، فأغلب الأعمال تحتاج إلى وجود فريق عمل، وبالتالي هناك احتمالية للتعرض للآخرين والتعاون معهم.

كيفية تطوير هذا النمط: اسعَ إلى الخروج من منزلك والاشتراك في منظمات، حتى لو كانت تطوعية. سيكون بإمكانك الاستفادة من هذه التجربة، في تعلّم كيفية التعامل مع الأفراد بجماعات، وكذلك كيف يمكنك الإنتاج معهم. سيفيدك جداً تطوير مهارة العمل الجماعي، إذ تعد ركناً أساسياً، يُطلب من أي شخص في الوظائف التي يرغب بالعمل بها.

8- نمط التعلم الفردي

يعد نمط التعلم الفردي هو النمط الأخير ضمن أنماط التعلم. يمثل هذا النمط العكس للنمط السابق، إذ يفضل المتعلم هنا التواجد بمفرده من أجل التعلم والإنتاج. بالنسبة له يعتمد دائماً على الدوافع من داخله، للسعي من أجل تحقيق الأهداف. يفضل التواجد في العمل بمفرده، أو حتى دون الاضطرار للإشراف المباشر على الآخرين. قد يكون في أحد المجالات الإبداعية أو الصناعات التي تمكنه من الحصول على دور لا يقوم على التفاعل مع الآخرين.

كيفية تطوير هذا النمط: يمكنك تخصيص جزء من وقتك دائماً للقيام ببعض المهام منفرداً، دون التعاون مع الآخرين. مثلاً اختر مهمة معينة، ولا تحاول معرفة أفكار الآخرين بها، أو مقترحاتهم لتنفيذها. وابدأ مع ذاتك في البحث عن الطريقة الأفضل للتنفيذ، ثم الحرص على تطبيقها بنفسك دون مساعدة. تدريجياً ستكتسب القدرة على العمل بمفردك.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي