الهتفنة.. المفهوم.. التأثير والضرر؟

2022-01-18

براء الجمعة

عندما تعود إلى المنزل من العمل متعبا ولا يرفع زوجك أو طفلك رأسه عن هاتفه الخلوي، ويجيبك ويتواصل معك بكلمات غامضة مبهمة مقتضبة سريعة حتى وأنتم تجلسون لتناول الطعام معاً، فأنت محاصر هنا بظاهرة تدعى: الهتفنة.

عندما ينصرف الجميع على الفور- بعد التحايا الاستقبالية – للانشغال بهواتفهم المحمولة في الحفلات أو التجمعات الودية أو العائلية، أو اللقاءات أو السهرات والاجتماعات، إلخ. فأنت منشغل باضمار عينيك عن التواصل مع الآخرين وغارق ربما بكل ازدراء باللهو بهاتفك. عندما تذهب إلى مقهى أو تجلس في المنزل في جلسة ودية أو عاطفية مع شريكك ويقوم أحدكم بفحص هاتفه باستمرار، فأنت عالق أيضاً بظاهرة الهتفنة.

وجدت إحدى الدراسات أن أكثر من 17% من الأشخاص يفحصون هواتفهم خلسة أربع مرات على الأقل يومياً أمام الآخرين، وأثناء التحدث إليهم، حوالي 32% من الناس يقومون بعمل الهتفنة مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم. على الرغم من أن هذا السلوك قد لا يبدو مشكلة كبيرة بالنسبة لكثيرين، إلا أن الأبحاث تظهر أن هذا الفعل يمكن أن يضر بعلاقاتك وسلامتك وعافيتك النفسية.

ما هو (Phubbing) الهتفنة / الانشغال بالهاتف؟

الانشغال بالهاتف أو إن صح التعبير الاستدلالي: هتفنة، والكلمة جاءت من Phone + Snubbing تعني: تجاهل الشخص الذي يتحدث إليك من خلال النظر إلى هاتفك المحمول، أو بعبارة أخرى: عدم إيلائك عناية واهتمام لمن يتحدث إليك وأنت مستمر بالانشغال بهاتفك ولا تنظر إلى محدثك. الهتفنة تهدد الاحتياجات الأساسية للإنسان وهذه الاحتياجات الأساسية هي: الشعور بالانتماء، الثقة بالنفس، حياة هادفة، الشعور بالسيطرة. وتظهر الأبحاث أيضاً أن الأشخاص الذين يعانون من الهتفنة يميلون إلى أن يكون لديهم اتصال دائم بشبكة الإنترنت، وألا ينقطع اتصالهم بمواقع التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص، وبالتالي هذه الوسيلة بالنسبة لهم هي ملء فجوة الاتصال الحضوري عندهم وجهاً لوجه، ومن هنا تبدأ هذه الحلقة المفرغة بالتوسع والاستمرار. في ما يلي ثلاث علامات تدل على الهتفنة:

لديك محادثتان في الوقت نفسه، واحدة عبر الهاتف والأخرى مع الشخص الذي أمامك، من المحتمل أنك لن تجري أيا من هاتين المحادثتين على الوجه المطلوب.

وأنت تتناول الطعام، أو في مناسبات اجتماعية أخرى، يعد قرارك بوضع هاتفك بجوار صحن طعامك، علامة تحذير من أن علاقاتك ستختل.

تذكر أنك تؤثر سلبا في علاقتك حتى لو أنك لا تلمس هاتفك وهو بجوارك أثناء حديثك لمن حولك.

وجدت إحدى الدراسات أن مجرد وجود هاتف في يدك أو بجانبك يجعل زوجتك أو طفلك أو عائلتك أو أصدقائك وزملائك في العمل أقل احتمالية ورغبة ودافعية للتواصل معك. لا يمكنك الانتهاء من طعام فطورك أو غدائك أو عشائك، دون فحصك لهاتفك على الدوام، هذه علامة القلق الحقيقي، التي من الممكن أن تتطور بالتراكم إلى حالة مرضية، من خلال الخوف المستمر من فقدان اتصالك بالإنترنت، أو تغيبك عن رسالة أو لعبة أو منشور جديد على وسائل التواصل.

طرق لتجنب حالة الهتفنة؟

1- حاول أن تتناول الطعام دون الهاتف

2- حاول جدولة أوقات أن يكون الهاتف بعيداً عن متناول يدك

3- حاول تعريض وتدريب نفسك على ذلك

لا يعني ما تم ذكره أنه يتوجب ويتعين عليك التوقف عن استخدام هاتفك بالمطلق للتخلص من الهتفنة، عليك المحاولة لأن تكون أكثر وعياً ويقظة لذلك، إن الانتباه لأفعالك وسلوكك ومشاعرك وتواصلك عندما تكون بالقرب من أشخاص آخرين هي علامة لبداية مهمة للتغيير والتحسن. كما يمكنك أيضاً أن تطلب من الأصدقاء والعائلة المساندة، إذا شعروا بأنك تستغرق في الهتفنة، ألا يترددوا في الحديث إليك ولفت انتباهك إلى هذا الأمر. إن استخدام الهاتف والانشغال به «الهتفنة» عن الاهتمام بالآخر هو سلوك مكتسب، وقد يتطور ليصبح عائقاً ومشكلة، لكن اعلم أنه يمكنك التخلص منها، سيستغرق الأمر بعض الوقت وبعض العمل، لكن صحتك من أجل سلامتك وعافيتك النفسية وجودة علاقاتك، حاول، فذاتك والعائلة والأصدقاء وحتى الآخرين يستحقون عنايتك واهتمامك وتواصلك.

كاتب سوري







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي