لاكروا: هدوء مخادع في سوريا.. السلام لا يزال حلما بعيد المنال

2022-01-16

سكان سوريا الذين يواجهون ظروفا معيشية كارثية، نصفهم منفي أو مشرد، و80% منهم تحت خط الفقر (د ب أ)

في مدينة الرقة التي كانت ذات يوم عاصمة لتنظيم الدولة الإسلامية، والتي تم التخطيط فيها لمعظم الهجمات الإرهابية التي ضربت أوروبا، يمكن للمرء أن يشرب مشروب العرق اليوم في المقاهي المنتشرة على طول نهر الفرات بعد أن تحقّق استقرار، وإن كان هشا، تحت قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي "بي واي دي" (BYD)، وهو فرع من حزب العمال الكردستاني.

بهذه المقدمة، يفتتح رئيس تحرير صحيفة "لاكروا" (La Croix) الفرنسية جان كريستوف بلوكين عموده ليلقي نظرة إلى الوراء على الوضع في سوريا بعد الحكم على عقيد سابق في المخابرات السورية بالسجن مدى الحياة في ألمانيا بتهمة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".

ويقول الكاتب إن الرقة التي دمرت بنسبة 80% أثناء احتلالها من قبل المليشيات الكردية المدعومة من قبل تحالف غربي، تشهد منذ عدة أشهر حركة بناء متواصلة، جلبت إليها رجال الأعمال من المدن الخاضعة لسيطرة النظام السوري الساعين للاستفادة من السياق الاقتصادي الأكثر ديناميكية، في مدينة 3 أرباع سكانها من النازحين الذين فروا من أجزاء مختلفة من البلاد.

ونسب الكاتب هذه الحركة إلى ما تحقق من استقرار في جميع أنحاء المنطقة الحدودية مع تركيا والعراق تحت قيادة المليشيات الكردية التي لا تعترف بسلطة نظام دمشق والمعادية لتركيا، حيث أنشأت إدارة محلية لمواكبة الانتقال من سياق الحرب إلى الحياة المدنية الطبيعية، ونشرت مؤخرا مشروع ميزانيتها لعام 2022 البالغ نحو 630 مليون دولار تغطي عائدات النفط 80% منها.

بين فكي كماشة

ومع ذلك -يقول جان كريستوف بلوكين- إن الوضع لا يزال هشا والسلام حلم بعيد المنال، لأن منطقة شمالي شرقي سوريا العالقة بين فكي كماشة بين نظام دمشق الذي يريد إعادة تأكيد سيادته عليها، وتركيا المعادية بشدة للحزب الكردي والتي تحتل الجيوب القريبة من المنطقة، وتعيش، مثل البلد كله، في هدوء مؤقت مضطرب بسبب المناوشات على خطوط التماس، وهو هدوء تحفظه توازنات بين القوى المسلحة تحت رعاية قوى خارجية تهيمن عليها روسيا.

وأشار الكاتب إلى أن سكان سوريا الذين يواجهون ظروفا معيشية كارثية، نصفهم منفي أو مشرد، و80% منهم تحت خط الفقر، وهم مشتتون بين حكم الأكراد في الشمال الشرقي وجهاديي هيئة تحرير الشام في الشمال الغربي، في حين يحكم نظام بشار الأسد ثلثي الأراضي بطريقة عشوائية، ويتنازل عن جزء من السيطرة لمليشيات موالية لإيران، ولا يزال تنظيم الدولة ينفذ بضع الغارات في الصحراء.

وفي هذه اللحظة الهشة، يعتزم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تعزيز مكاسبه بتقديم وثيقة تأسيسية، والتخطيط لإجراء انتخابات من شأنها أن تعزز نظام الحزب الواحد، من أجل تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين ما زالتا موجودتين عسكريا في المنطقة.

ولا شك في أن مثل هذا الاقتراع سيمثل مصدر إزعاج شديد لتركيا، مما يعني -حسب الكاتب- أن تناول مشروب العرق على ضفاف نهر الفرات من شأنه كذلك أن ينسيك التفكير مليا في المستقبل.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي