في ظل ساعات البث المتواصلة كيف يؤثر التلفزيون على سلوكيات الأطفال؟

2022-01-14

يحذر الاخصائيون النفسيون الآباء والامهات من إفراط الأطفال في مشاهدة التلفزيون والتي أصبحت مشكلة رئيسية في العصر الحاضر (بيكسيلز)صنعاء(الجمهورية اليمنية) – ميادة العواضي - تبدأ علاقة الفرد بالتلفزيون منذ السنوات الأولى من عمره، عن طريق حاستي البصر والسمع، حيث يستخدم التلفزيون العديد من العناصر الجذابة للحواس كالصورة والصوت والحركة والألوان.

أطفال اليمن كغيرهم من الاطفال في العالم يتابعون القنوات الفضائية التي تلبي حاجاتهم الترفيهية، وقد اثبتت الدراسات والأبحاث العلمية ان للتلفزيون آثار كبيرة على سلوكيات الطفل وتكوينه النفسي.

ويحذر الاخصائيون النفسيون الآباء والامهات من إفراط الأطفال في مشاهدة التلفزيون والتي أصبحت مشكلة رئيسية في العصر الحاضر؛ فكثير من الاُسر تقضي معظم وقتها أمام التلفاز، خاصة في ظل مئات القنوات الفضائية التي تبث عبر عشرات الأقمار، حتى تحولت مشاهدة التلفاز إلى حالة من الإدمان الشديد؛ فلم تعد الاُم تجد الوقت الكافي للجلوس مع الأطفال، وكذلك الاب، كما أن الأطفال لم يعودوا يهتمون بدروسهم لإنشغالهم الشديد بمتابعة ومشاهدة ما يبثه التلفزيون من مسلسلات وأفلام.

وتشير الدراسات إلى أن القنوات الفضائية أصبحت تلعب دورا مهماً وبارزاً في حياتنا اليومية كونها وسيلة إخبارية، وتثقيفية، وترفيهية، وتعليمية.

وإنطلاقاً من أهمية هذا الموضوع "سبأ نت"، استطلعت آراء عدد من الاباء والامهات والمختصين النفسيين والاجتماعيين؛ لمعرفة تأثير البث التلفزيوني على سلوكيات الأطفال.

إضعاف دور الأسرة والمدرسة

يقول محمد المسعود :" القنوات الفضائية منتشرة جدا وموجودة في كل بيت، و جمهورها يمتد من الأطفال حتى المسنين رجالاً ونساء ومراهقين ونحن الاباء لا نستطيع التحكم في كل ما يراه أطفالنا رغم محاولاتنا الكثيرة؛ لذلك القنوات الفضائية أثرت كثيراً على شخصية أطفالنا".

من جهتها ترى أُم وليد أن ولدها أكتسب الكثير من السلوكيات الجيدة كفعل الخير وإنصاف المظلوم من خلال مشاهدته للمسلسلات الهادفة التي تحرص على توجيه إليها.

أما الطفل سامر محمد فقد أصبح عدوانيا وعنيدا جدا، كما يقول والده الذي أكد على تأثير مشاهدة التلفاز على سلوكيات طفله.

ويرى خالد الذيب أن من أهم الآثار السلبية الناتجة عن متابعة الطفل للتلفزيون في مرحلة ما قبل المدرسة، تخيل وتقمص الشخصيات الاجرامية التي يشاهدها حيث يقول خالد: "ابني يشاهد التلفاز بشكل كبير لأنني لا اسمح له بالخروج للشارع وذلك سبب له حالة من التماهي بينه وبين التلفزيون وأصبح يقلد الابطال في مسلسلات التلفزيون ".

وتوضح الدراسات البحثية أن كثرة القنوات الفضائية الموجهة للأطفال؛ أوجد حالة تنافس قوية بينها لملء ساعات البث؛ وبالتالي فهي تتسابق فيما بينها لشراء وإنتاج مواد إعلامية ومسلسلات وبرامج أعدها منتجون بيئة وقيم مجتمعهم تختلف عن بيئة وقيم المجتمع في الدول العربية والإسلامية، وهذا بطبيعة الحال يجعل الأطفال يتعرضون لرسائل إعلامية تؤثر في تشكيل قيمهم وسلوكياتهم.

تشتكي الأمهات كثيراً من انعزال أطفالهن، خاصة في ظل قنوات متخصصة تبث موادها وبرامجها بشكل متواصل؛ حيث ترى اُم سامي ان المشكلة التي تواجهها هي جلوس طفلها لمدة طويلة امام التلفزيون، وكيف ان طفلها يتعطل عن الحركة ويتسمر لساعات طويلة لمشاهدة برامجه المفضلة.

انعزال وانطواء

من جهته يقول الدكتور عبد الله الصنعاني – إعلامي وأكاديمي مختص في علم الاجتماع – إن التلفزيون يعد أكبر تحدِ بين عشرات التحديات الأخرى في عالم الفضاء المفتوح؛ فهو يساهم في اغتراب الأطفال وعزلتهم عن واقعهم ومحيطهم.

ويشير الدكتور الصنعاني إلى أن التلفزيون يؤثر سلبيا على الأطفال في خلق حالة الاغتراب، وغرس العنف والانانية والحد من الطابع الإنساني، وفتور المشاعر، وربما الخواء الأخلاقي.

ويبين الصنعاني أن أهم المشكلات التي تواجه الآباء والمربين هي حالة الاستسلام والخنوع لسطوة وسلطة التلفزيون بإعتباره وسيلة قوية للتلاعب بالعقول؛ علاوة على الساعات الطويلة التي يتعرض فيها الطفل لمواد التلفزيون والتي تؤثر على نفسيته وشخصيته التي تمر بأحرج مراحل النمو وأيضا تأثير التعرض الطويل على علاقة الطفل بكل من حوله باعتباره كائنا اجتماعيا.

ويشير الدكتور الصنعاني إلى أن التلفزيون وسيلة إعلامية مؤثرة يمكن تسخيرها في غرس القيم والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية .

وتقول الدراسات المسحية لوسائل الاعلام إن كل ساعة عرض تلفزيوني تقدم على الأقل 20 مشهدا يمكن تصنيفه بأنه عنيف او يشجع على العنف، وينطبق ذلك على مشاهدة أفلام الكرتون، وتضيف الدراسات أن الأطفال الذين هم دون الثامنة لا يمكنهم التمييز بين عالم الواقع وعالم الخيال المقدم في أفلام الكرتون؛ فيعتقدون إمكانية تقليد الابطال في أعمالهم الخارقة .

وأظهرت دراسات إجتماعية ان الطفل الذي عمره 13 عاما يكون قد شاهد ما يقرب من مائة الف مشهد عنيف في التلفزيون، ويكون من ضمنها على الأقل ثمانية آلاف جريمة قتل!

تقنين المشاهدة

من جانبها توضح الأستاذة بثينة القرشي -إعلامية وأكاديمية متخصصة في مجال الطفل- أن هناك كثير من الهموم تؤرق الاسرة اليمنية فيما يخص القنوات الفضائية ودور التلفزيون في تشكيل شخصية الطفل.

وتقسم الأستاذة بثينة الطفولة الى ثلاثة اقسام حيث ان الطفولة المبكرة تعتمد على الألوان والصوت أكثر من المعلومة بعكس مرحلة الطفولة المتوسطة التي ترى انها من أهم المراحل التي يكون فيها تركيز الغرب على الغزو الفكري والثقافي الذي يستهدف قيم واخلاق الدول الإسلامية وتختم المراحل بالمرحلة المتأخرة حيث أصبح فيها الطفل يفكر بشكل جيد ويبدأ باستيعاب ما يقدم له من خلال الفضائيات.

وتنوه الأستاذة بثينة ان باستطاعة الاخصائيين والكتاب في مجال الطفولة استخدام التلفزيون كوسيلة لتقديم معلومات او مبادئ وقيم عن الصدق والأخلاق والولاء للوطن.

وتضيف: "بالفعل القنوات الفضائية تضعف دور الأسرة ما لم يتم التقنين في متابعة البرامج بحيث يكون التلفزيون معاون ورديف للأسرة في التربية خاصة الاسرة التي يكون فيها الابوين منشغلين بالعمل فان التلفاز يأخذ مكانهما لأن الطفل يقضي معظم اوقاته وهو يشاهد هذه الفضائيات."







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي