سفر وسياحةتعليمأحداث وتواريخمدن وأماكنحياةابراج

فندق "ناسيونال" في هافانا يستعيد نبضه بعد استراحة قسرية خلال الجائحة

ا ف ب – الأمة برس
2021-12-31

فندق "ناسيونال" في هافانا كما بدا في 2 نوفمبر 2021 (ا ف ب)

هافانا: لم تكن الحركة تهدأ في  فندق "ناسيونال" في هافانا خلال مسيرته الممتدة 91 عاماً، وكان هذا المعلم في العاصمة الكوبية شاهداً على أحداث  تاريخية كأزمة الصواريخ وقمة المافيا، ومرّت به شخصيات متنوعة، كخياطات النظام ونجوم هوليوود بتصرفاتهم الغريبة، لكنّه قلّما عرف وحدة كتلك التي عاشها خلال جائحة كوفيد-19.

فالفندق غرق في سبات طالَ 20 شهراً قبل أن يبدأ أول السياح الأجانب بالعودة إليه اعتباراً من 15 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.

وأفاد المبنى الذي يضم أكثر من 400 غرفة من فرصة توقف نشاطه لتجميل نفسه، فرمم واجهته وبدّل أرضياته وجدّد حمام السباحة واستبدل بعض نوافذه، ومنها تلك الخاصة بالغرفة 211 في الطبقة الثانية منه.

هذه الغرفة الشهيرة هي التي اقام فيها لاكي لوتشيانو في كانون الأول/ديسمبر 1946 خلال قمة لرؤساء المافيا الإيطالية الأميركية عُقدت برئاسته، وخلّدها عام 1974 فيلم "ذي غودفاذر 2" لفرانسيس فورد كوبولا، حيث يبدو زعماء العصابات وهم يتقاسمون كعكة مزينة برسم لجزيرة كوبا وفي الوقت يتوزعون الأنشطة غير القانونية.

وأقام نحو 500  من رجال العصابات في الفندق يومها للمشاركة في المؤتمر، وكان ضيف الشرف فرانك سيناترا الذي أحيا بصوته الحفلات الفخمة في عيد الميلاد من تلك السنة.

وتشرح المتخصصة في تاريخ الفندق ارلين أورتيز أن "لاس فيغاس لم تكن موجودة، وكانت كوبا المكان المثالي لألعاب الميسر، لقربها من الولايات المتحدة، ومناخها، وشواطئها، ومشروب الروم" فيها.

- مشاهير -

وهذا المبنى الضخم الواقع على كورنيش ماليكون الشهير، قبالة خليج هافانا، وهو على شكل حرف H، فتح أبوابه في 30 كانون الأول/ديسمبر 1930، بتمويل جزئي من عصابات الجريمة المنظمة، وتميز بأرضيات من البورسلين الإنكليزي لا تزال إلى اليوم سليمة، وبساعات الحائط المستوردة من ألمانيا وبثرياته المتدلية من الأسقف العالية.

وترى أورتيز أن الأشغال التي أجريت خلال مرحلة توقف عمل الفندق بفعل إغلاق الحدود، ستتيح "للسياح إعادة اكتشاف فندق ثلاثينات القرن العشرين، من خلال إعادة الحياة إلى الماضي مع توفير راحة أكبر" للنزلاء.

وقد ترك الماضي ندوباً على المبنى الحجري والخرساني تذكّر بمحطات تاريخية، بينها  ثقوب الرصاص التي اخترقت واجهته خلال انقلاب عسكري شهدته كوبا عام 1933، وفي الحدائق شبكة الأنفاق التي تعود إلى أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962.

وعندما انتصرت ثورة فيدل كاسترو عام 1959، تحول الفندق لبعض الوقت إلى عنبر للنوم وورشة عمل لـ900 امرأة قروية أتين إلى العاصمة لتعلّم الخياطة.

وتلاحظ أورتيز  أن "هؤلاء الشابات اللواتي لم يكنّ يوماً غادرن بيوتهن ذات الأرضيات الطينية والتي تفتقر إلى التيار الكهربائي"، وجدن أنفسهن فجأة في هذه الغرف والقاعات الأنيقة.

جانب من المشهد الداخلي لفندق "ناسيونال" في هافانا في 2 نوفمبر 2021 (ا ف ب)

وكانت هذه المرة الوحيدة التي لم يستقبل فيها "ناسيونال" خلال تاريخه نزلاء أجانب في ديكوره المنتمي إلى أسلوب فن الآرت ديكو المطعّم بالكلاسيكية الجديدة، باستثناء فترة الإقفال الطويلة خلال تسعينات القرن الفائت بسبب عملية تجديد شاملة.

وتتوزع في ممرات الفندق وغرفه صور وأغراض وحتى رسائل من زبائن بارزين استحق عنها الفندق إدراجه منذ عام ضمن برنامج  ذاكرة العالم  في اليونسكو. 

وعلى جدران الفندق، خُلِّدَت ذكرى إقامة قائمة طويلة من المشاهير فيه، بينهم الممثلون مارلون براندو وإرول فلين  وجوني وايسمولر وريتا هايوورث وآفا غاردنر، وعازف البيانو نات كينغ كول، والكتاب جان بول سارتر وإرنست همنغواي وغابرييل غارسيا ماركيز، أو حتى رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرشل الذي كان من أشد هواة السيجار الكوبي.

وتقول سييرا، وهي معلمة أميركية تبلغ 39 عاماً، وهي تنظر من الفندق إلى خليج هافانا المقابل "لوجودي هنا مفعول السحر. أحب الطاقة التي يولّدها هذا المكان (...) أود أن أعرف المزيد عن الفندق وتاريخه".

أما تانيا فرنانديز، وهي طبيبة من مقاطعة في وسط الجزيرة، فاصطحبت أولادها لزيارة هذا المكان التاريخي، فترى أن "عدد الفنادق الحديثة (في كوبا) غير مهم، فما يريده السياح الأجانب هو الجلوس في الفندق الذي أقام فيه الكثير من المشاهير".

صورة التقطت في 2 نوفمبر 2021 لحدائق فندق "ناسيونال" في هافانا (ا ف ب)







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي