ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية في عددها الصادر، الثلاثاء 28ديسمبر2021، أن الجدل بشأن بناء خط أنابيب الغاز الروسي (نورد ستريم 2) ومروره عبر الأراضي الألمانية ما يزال على أشده بين برلين وجيرانها الغربيين، في وقت تواصل فيه واشنطن انتقاد إتمام بناء الخط وتنفيذه.
وقالت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني في هذا الشأن - إن خط أنابيب (نورد ستريم 2) الروسي يمكن أن يوفر إلى ألمانيا كمية وفيرة من الغاز الطبيعي، غير أن التوترات السياسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجعله بعيد المنال.
ولم يكن المستشار الألماني الجديد، أولاف شولتز، مضطرًا إلى الانتظار طويلاً بعد توليه منصبه حتى يُسأل عن موقفه بشأن نورد ستريم 2؛ وهو خط أنابيب للغاز يمر تحت البحر من روسيا إلى ألمانيا، أثار غضباً عارماً في واشنطن والعواصم الأوروبية في وقت سارت فيه التوترات مع موسكو بوتيرة عالية.
وأضافت أن الحكومة الائتلافية لشولتز تضم حزب الخضر، الذي ينتقد أعضاؤه بشدة (نورد ستريم 2) حتى أنه فاجأ الكثيرين باتخاذ نفس موقف المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، التي دافعت عن خط الأنابيب باعتباره مشروعا تجاريا ضروريا لنجاح ألمانيا واستمرارها في تدشين قاعدة صناعية كبرى داخل أوروبا، فيما أكد شولتز للصحفيين أن "(نورد ستريم 2) هو مشروع ينتمي للقطاع الخاص، وأن القرار النهائي بشأن الموافقة على خط الأنابيب ستتخذه وكالة داخل ألمانيا، غير سياسية تمامًا".
مع ذلك، أكدت (نيويورك تايمز) أن الأمر ليس بهذه البساطة، فمع احتشاد آلاف الجنود والقوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا والتهديد بفرض عقوبات أمريكية محتملة على خط الأنابيب، يظل مستقبل نورد ستريم 2 غير مؤكد، واعتبرت أن ما يزيد المشكلة هو أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، التي حطمت الأرقام القياسية في الأسابيع الأخيرة بسبب شح الإمدادات؛ حيث ترتفع هذه الأسعار بشكل كبير بينما يتم وقف نصف المفاعلات النووية الستة المتبقية في ألمانيا عن العمل واشتداد فصل الشتاء، مما سيؤدي حتماً إلى زيادة الطلب على الغاز.
وتابعت الصحيفة تقول إن هناك ضغوطًا داخل حكومة شولتز نفسه، حيث أدلى قادة من حزب الخضر بتصريحات تدعم الدفع الأوروبي والأمريكي لألمانيا لاستخدام خط الأنابيب كوسيلة ضغط ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وعلى الرغم من جل هذه التطورات، يعتقد المراقبون أن خط الأنابيب الذي تبلغ قيمته 11 مليار دولار، والمصمم لتوصيل الغاز الروسي مع تجاوز دول في مجال النفوذ الروسي السابق، سيبدأ العمل بمجرد اجتياز عقبة بيروقراطية أخيرة؛ ألا وهي شهادة جودة من المنظم الألماني.
فمن جانبها، قالت كاتيا يافيمافا، الباحثة في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة: "أعتقد أنه سيتم اعتماد مثل هذه الشهادة في نهاية المطاف، ولكن قد تكون هناك شروط مرتبطة بها تتعلق باستمرار ضخ الغاز عبر أوكرانيا، وأعتقد هنا أن السياسة ستلعب دورًا من المحتمل للغاية أن يكون دوراً كبيرًا".
وكما يشير اسمه، يمتد (نورد ستريم 2) جنبًا إلى جنب مع خط أنابيب (نورد ستريم) الأصلي الذي بدأ تشغيله في عام 2012، ولكن على عكس الخط القديم، فإن (نورد ستريم 2) مملوك بالكامل لشركة (جازبروم) شركة الطاقة العملاقة الروسية المملوكة للدولة.
ويشعر شركاء ألمانيا الأوروبيون -حسبما أكدت الصحيفة الأمريكية في ختام تقريرها- بقلق بالغ إزاء احتمال خسارة المليارات في رسوم العبور السنوية لأوكرانيا والبلدان الأخرى التي لديها خطوط أنابيب بمجرد دخول (نورد ستريم 2) إلى العمل. كما تنظر الولايات المتحدة إلى المشروع على أنه تهديد للأمن الأوروبي، وكارت يمنح بوتين طريقة سهلة لممارسة النفوذ على جزء من العالم يتمتع فيه الأمريكيون بشراكات إستراتيجية.