بقعة القمامة الكبرى.. كارثة تمتد على مساحة 1.6 مليون كلم مربع في المحيط الهادي

2021-12-12

يقدر العلماء أن النفايات البلاستيكية العالمية التراكمية قد تتجاوز 25 مليار طن متري بحلول عام 2050 (أ ف ب)

فكرت المهدي: تعد منطقة شمال المحيط الهادي شبه الاستوائية مستقرا لقارة جديدة من القمامة التي تعرف بـ"بقعة القمامة الكبرى بالمحيط الهادي" (Great Pacific Garbage Patch)، والتي تنتشر على مساحة 1.6 مليون كيلومتر مربع في المحيط المفتوح، ويقدر العلماء أنها تحتوي على 79 ألف طن متري من النفايات البلاستيكية.

ووفقا لتقرير نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science Alret) فقد تم طرح أفكار مختلفة حول كيفية التعامل مع هذه الكارثة البيئية، لا سيما بعد أن لاحظ العلماء أن مجموعة كبيرة من الأنواع الساحلية التي كانت تعتبر أجنبية في المياه المفتوحة قد استوطنت هذا الموطن البلاستيكي الجديد.

الطوافات البلاستيكية في المحيط المفتوح

وفي بحث جديد نشر في دورية "نيتشر كوميونيكيشن" (Nature Communications) في الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، قامت لينسي هارام المؤلفة الرئيسية وعالمة البيئة البحرية وزميلة سابقة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مركز سميثسونيان للبحوث البيئية "إس إي آر سي" (SERC)، بتقييم الأنواع البحرية التي اتخذت من "بقعة القمامة" المحيطية موئلا جديدا لها.

لاحظت هارام وزملاؤها أن هناك تحوّلا في تكوين أنواع اللافقاريات المحيطية، مع ظهور تنوع متزايد من الأنواع الساحلية القادرة على احتلال هذه الطوافات البلاستيكية. تشمل هذه المجتمعات أنواعا من شقائق نعمان البحر (anemone)، ومزدوجات الأرجل الشبيهة بالروبيان. وقد أطلق فريق هارام على هذه المجتمعات الجديدة تعبير "نيوبيلاجيك" (neopelagic)، حيث ترمز "neo" إلى الجديد، و"pelagic" إلى المحيط المفتوح بدلا من المياه الساحلية.

كانت معظم أنواع اللافقاريات المحيطية، على مر العصور، عبارة عن "نيوستونات" (neustons)، وهي كائنات طافية أو سابحة صغيرة تلتصق بأعلى أو أسفل الطبقة السطحية من مياه المحيط. كما أنها تعيش على جذوع الأشجار العائمة والأعشاب البحرية والحيوانات البحرية الأخرى. ويرى الباحثون أن وصول هذه الكائنات الساحلية الجديدة إلى هذه البقعة قد يؤدي إلى تعطيل نظام بيئي حساس يفتقر فعليا إلى الموارد.

وفي بيان رسمي نشر على موقع "يوريك ألرت" (Eurekalert)، تقول هارام "تتنافس الأنواع الساحلية بشكل مباشر مع تلك التي تستوطن العوارض الخشبية من جذوع الأشجار العائمة والأعشاب البحرية والحيوانات البحرية الأخرى"، وأضافت "تتنافس تلك الأنواع على الموائل والموارد في تفاعلات غير مفهومة إلى حد كبير حتى الآن". وقد أشارت أبحاث سابقة إلى دور تلك البذور والأشجار والأعشاب البحرية في انتشار الأنواع الساحلية والقارية عبر مسافات كبيرة من المحيط.

ويعتقد أن هذه العملية مسؤولة عن استعمار الإغوانا البحرية (marine iguana)، وهي أرخبيل من جزر بركانية موزعة على جانبي خط الاستواء في المحيط الهادي، ينحدر أسلافها في الأصل من أميركا الجنوبية.

النفايات البلاستيكية بحلول عام 2050

مع إدخال الإنسان للبلاستيك على نطاق واسع في البيئة، وفرت الأطواف البلاستيكية فرصة دائمة للأنواع الساحلية لعبور أحواض المحيطات، الأمر الذي مهد الطريق لتكوين موطن طويل الأجل للاستعمار في المحيط المفتوح.

بيد أن إدخال هذه الأنواع الساحلية الجديدة في المحيط المفتوح يمثل نقلة نوعية في الجغرافيا الحيوية البحرية، إذ تعتبر المساحات الشاسعة من المياه المفتوحة حاجزا ماديا وبيولوجيا لتوزع أنواع مختلفة من الكائنات البحرية، إضافة إلى التغيرات المناخية التي تلعب دورا أساسيا في توزع الأنواع البحرية.

ومع ظهور هذا الموطن الجديد في المحيط المفتوح يمكن للكائنات الساحلية أن تعيش وتتكاثر في مجتمعات مكتفية ذاتيا ضمن مياه المحيط المفتوحة بعيدا عن الساحل، وهو ما يمكن أن يشكل خطرا كبيرا يتمثل في تكاثر تلك المجتمعات الجديدة الغازية لمياه المحيطات.

كتب الباحثون "نحن بحاجة إلى معرفة مدى قدرة المجتمعات التي تعيش في أعماق البحار الجديدة على العيش بالاكتفاء الذاتي، أو أنها بحاجة إلى إمدادات مستمرة من العوارض الخشبية العائمة وغيرها من متطلبات الحياة من السواحل".

ويرى الباحثون أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة المزيد عن هذه النظم البيئية العميقة لاسيما وأن العديد من أسئلتهم لا تزال من دون إجابة. إذ إنهم لم يتمكنوا من معرفة مدى التنوع البيولوجي للأنواع الساحلية التي لا تزال موجودة في البحر، كما أنهم لم يتمكنوا من حل لغز التعايش على عوامات بلاستيكية ما بين الأنواع الساحلية والأنواع الحديثة. كما أشاروا إلى ضرورة فهم مجموعة العوامل اللاحيوية التي يحتمل أن تؤثر على نجاح المجتمعات الساحلية في المحيط المفتوح.

وبالنظر إلى زيادة الطلب البشري لإنتاج البلاستيك، يقدر العلماء أن النفايات البلاستيكية العالمية التراكمية قد تتجاوز 25 مليار طن متري بحلول عام 2050، مما يزيد من فرص الأنواع الساحلية للقيام برحلتها الأولى إلى عمق البحر.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي