
هل تعلم أن إسبانيا من الدول الأوروبية، التي يوجد بها أعلى نسبة من الشباب الذين لا يدرسون ولا يعملون؟ كما أن 19.9 بالمئة من الشباب ليس لديهم أهداف واضحة بشأن مستقبلهم، بحسب آخر تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
أوضحت مجلة "اتابا انفانتيل" الإسبانية، في تقريرٍ ترجمه موقع "الأمة برس"، أن هذه الظاهرة، تشير إلى أن المراهقين والشباب لا تحفزهم الدراسة والعلم والتقدم المعرفي، ناهيك أنهم غير مهتمين بالعمل أو لديهم أهداف طويلة الأجل في حياتهم. وعلى الرغم من أنه يعتبر موقفًا نموذجيًا لمَرحلة المراهقة، إلا أنه في الواقع مشكلة تبدأ في وقت مبكر جدا، وينبغي أن يجد لها الأهل حلا مناسبا قبل فوات الآوان.
أسباب هذا السلوك
هؤلاء المراهقين والشباب الذين لا يهتمون بالدراسة والتعليم، ولا يحبون الاستماع إلى والديهم ولا يتعاونون في المنزل، كانوا مدللين بشكل لا يعقل خلال طفولتهم. هذه التصرفات المبالغ فيها من قبل الوالدين، أصبحت الآن عائقا أمام نموهم السليم وحاجزا يمنع عنهم الوصول إلى مراحل النضج والمسؤولية.
زيادة على ذلك، بهذه الطريقة، يربي الآباء أطفالا غير قادرين على تحمل الفشل، واتخاذ القرارات بأنفسهم، وتحمل المسؤولية.
وفي حقيقة الامر، لم تتح لهؤلاء الأطفال أبدًا الفرصة لاختبار قدراتهم، واكتشاف اهتماماتهم الحقيقية وشغفهم في الحياة، وتنمية الثقة بالنفس اللازمة. هذه التربية، ينتج عنها شباب متكاسل، ومُتراخي، ناهيك أنه ليس لديهم خطة واضحة لحياتهم، وذلك أساسًا لأنهم يعرفون أن الحل دائما عند والديهم، وسيبقون على هذا الحال، حيث سيلجأون إلى والديهم في مشاكلهم ويفضلون البقاء في منطقة الراحة الخاصة بهم.
في سياق متصل، إن الشباب الذين يتسمون بعدم الاحترام و ينقطعون عن الدراسة في وقت مبكر لا يعتبرون "ضحايا" الحماية المفرطة لوالديهم، بل كانوا أطفالًا متمردين. هؤلاء هم الأطفال الذين ينزعجون بسهولة، والذين يجدون صعوبة في اتباع القواعد، والذين يستمتعون بعصيان والديهم لأن هذا يجعلهم يشعرون بالقوة.
هذا الموقف يخفي في الواقع تدني احترام الذات في بعض الحالات وفي حالات أخرى، عدم وجود حدود واضحة كما يعتمد الأهل، نمط تعليمي متساهل للغاية من جانب الآباء وغيرهم من البالغين.
في الأساس، كانوا أطفالا طبيعيين، لكنهم نشأوا وهم يفعلون كل ما يريدون، ولا يعرفون حدودًا في حياتهم اليومية، وبالتالي، لم يتعلموا احترام القواعد. نشأوا وأصبحوا شبانًا يتحدون المبادئ ويجدون صعوبة في اتباع القواعد. هؤلاء الشباب، يجدون صعوبة في طاعة الكبار ولا يهتمون بمستقبلهم على المدى الطويل.
ما الذي يمكنك فعله لمنع طفلك من أن يصبح "شابا متراخ"؟
أفضل استراتيجية لتربية شباب سعداء ومستقلين، هي التوقف عن الإفراط في حماية أطفالك الصغار. لا يعني هذا أنك لن تساعدهم او ستتخلى عنهم. علاوة على ذلك، من المهم أن يعرفوا أنك موجود من أجلهم إذا كانوا يحتاجون حقًا إلى مساعدتك، ولكن امنحهم الحرية ليتخذوا قراراتهم الخاصة ويتحملون مسؤولية نتائجها.
فيما يلي قدمت المجلة بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك:
لا تفرط في حمايتهم
لا يحتاج الأطفال إلى الاهتمام بهم على مدار 24 ساعة في اليوم، فهذا لا يربكهم فحسب، بل يسلبهم أيضًا حريتهم في اكتشاف العالم بأنفسهم. في الواقع، سيكون هذا التصرف إيجابيًا بالنسبة لهم. وبالتالي، يمكن للصغار تكريس بعض الوقت للقيام بالأشياء التي يحبونها أكثر لتعلم كيفية إدارة ساعات فراغهم. وسيكون لديهم المزيد من الوقت لاكتشاف مهاراتهم والاستمتاع بهواياتهم المفضلة.
تشجيع استقلاليتهم والسماح لهم بارتكاب الأخطاء
يتمتع الأطفال بنظرة محدودة للعالم، لكنهم لا يزالون قادرين على اتخاذ بعض القرارات بأنفسهم. من الواضح أنهم لن يكونوا على حق دائمًا، لكن الأخطاء هي أيضًا جزء أساسي من التعلم، وإذا تمت إدارتها بشكل جيد، فإنها تحفز الثقة بالنفس والاستقلالية. لذا اسمح لهم بارتكاب الأخطاء، ودعهم يخطؤن ويفشلون، هذا يساعدهم على الاستعداد للحياة ومعارك المستقبل.
ثقفهم من أجل التغيير
يحتاج الأطفال إلى درجة معينة من الاستقرار ليشعروا بالأمان. ومع ذلك، نحن نعيش في مجتمع مضطرب للغاية حيث تكون التغييرات وعدم اليقين هي أساس الروتين اليومي، لذلك من المهم إعداد الأطفال ليستطيعوا مواجهة هذا الواقع بمفردهم. تتمثل إحدى الطرق الجيدة لتحقيق ذلك في تعزيز موقف منفتح للتغيير بحيث يتعلمون، منذ الصغر، كيفية التعامل مع عدم اليقين والتغيرات الاجتماعية والتأقلم مع الظروف، كي لا يصبحون مرتبطين جدًا بالظروف أو الأشياء التي تحيط بهم.
أظهر لهم الواقع كما هو
يميل العديد من الآباء إلى تحسين الواقع لأطفالهم، من خلال خلق عالم من السعادة والمثالية غير الموجودة. من الواضح أنه من المهم أن يتمتع الأطفال بذكريات جيدة عن طفولتهم، لكن هذا لا يعني أنهم يجب ألا يعرفوا العالم الذي يعيشون فيه والواقع الذي ينتظرهم، لانه عاجلاً أم آجلا ، سيتعين عليهم مواجهته. بالطبع، لا يتعلق الأمر بإثقال كاهلهم أو جعلهم يشعرون بالسوء والخوف من الغد، بل يتعلق الأمر بإعدادهم للحياة وتعليمهم أن أهم الأشياء عادة ما تستغرق الكثير من الوقت والعمل والتضحية والجهد المتواصل. وهذه وسيلة بسيطة جدًا لتشكيلهم للمستقبل وتحفيز مسؤوليتهم من سن مبكرة.
علمهم كيفية التعامل مع المشاكل
إن إبقاء الأطفال في منطقة الراحة، لمنعهم من الاضطرار إلى التعامل مع المشاكل لن يؤدي إلا إلى زيادة خوفهم من الحياة. وليس هناك شيء يسبب الشلل للإنسان أكثر من الخوف. لذلك، إذا كنت ترغب في تثقيف أطفال قادرين على تخطي العقبات دون أن يصبحوا ضحايا للتوتر والقلق ونوبات الذعر، فلا يوجد شيء أفضل من إعدادهم للحياة. حاول قدر الإمكان ألا تخفي الصعوبات التي يواجهونها في المدرسة والأسرة، وتحدث عنها بطريقة طبيعية، وعلمهم أن ينظروا إليها من وجهة نظر موضوعية وحثهم على إيجاد حل