ايسلندا تستعد للحفر داخل بركان ايسلندي لاستكشاف الصهارة تحت الأرض

أ ف ب-الامة برس
2021-11-27

صورة التقطت في 14 نيسان/أبريل 2018 ووفرتها شركة الكهرباء الوطنية الايسلندية في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 لمحطة الطاقة الحرارية الأرضية المقامة قرب بركان كرافلا في شمال شرق ايسلندا (أ ف ب)

يشكّل بركان كرافلا في ايسلندا بفوهته المليئة بمياه زرقاء فيروزية وبالبخار الذي يتصاعد منه مختلطاً بالكبريت والماء الموحل، أحد عجائب الجزيرة الطبيعية، وفيه سينفذ تحالف دولي مشروع تنقيب، سعياً إلى إنشاء أول مرصد للصهارة تحت الأرض في العالم.

وستحصل عملية الحفر وصولاً إلى عمق كيلومترين مباشرة داخل البركان الواقع في شمال شرق ايسلندا، في مشروع على طريقة المغامرات العلمية للكاتب الفرنسي الشهير جول فيرن، لكنه ينطوي أيضاً على أهداف تتعلق بالطاقة.

ويتولى علماء ومهندسون من 38 مؤسسة بحثية وشركة في 11 دولة بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تنفيذ هذا المشروع الكبير الذي أطلق عام 2014 وتقدر تكلفته بمئة مليون دولار، ومن المقرر أن تبدأ اعمال الحفر سنة 2024. 

وأطلقت على المشروع تسمية " كرافلا ماغما تِست بِد" (كيه إم تي)، ويهدف إلى الوصول إلى جيب مليء بالصهارة، إذ أن الصخور المنصهرة على عمق كيلومترات تحت الأرض لا تزال مجهولة، خلافاً للحمم البركانية السطحية التي أجريت عليها دراسات كثيرة.

وأوضح عالم البراكين في المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين باولو بابالي المشارك في المشروع لوكالة فرانس برس أن "ما مِن  مرصد كهذا" في العالم حتى الآن، مضيفاً "لم نرّ قط صهارة تحت الأرض، باستثناء ثلاث مرات عرضية أثناء أعمال حفر" في هاواي وكينيا وأيسلندا.

يهدف المشروع في الوقت نفسه إلى التقدم في العلوم الأساسية، سواء لجهة استغلال الطاقة الحرارية الجوفية المعروفة باسم "الحرارة الفائقة"، أو على صعيد التنبؤ بالانفجارات البركانية ومخاطرها.

وشدد بابالي على أن "معرفة مكان الصهارة أمر حيوي للاستعداد جيداً". وقال "من دونها، نحن شبه عميان".

وتشمل المرحلة الأولى من الحفر التي يتوقع أن تكلف 25 مليون دولار، عدداً من الثقوب الاستكشافية حول الصهارة وأسفلها، ومن المتوقع أن تبدأ سنة 2024.

وسيتيح الحفر الذي سيظل مفتوحاً الوصول إلى الصهارة وأخذ العينات.

في العام 2009 وقع حادث عندما كان يجري العمل على تعزيز قدرات محطة الطاقة الحرارية الأرضية قرب بركان كرافلا في شمال شرق ايسلندا، فأدت أعمال حفر إلى ثقب جيب من الصهارة بحرارة 900 درجة مئوية على عمق 2,1 كيلومترين (أ ف ب)

ولدت الفكرة بعد وقوع حادث. ففي العام 2009 ، كان يجري العمل على تعزيز قدرات محطة الطاقة الحرارية الأرضية المقامة في كرافلا منذ عام 1977 ، فأدت أعمال حفر إلى ثقب جيب من الصهارة بحرارة  900 درجة مئوية على عمق 2,1 كيلومترين.

تحدٍ

ما لبث الدخان أن خرج إلى السطح ، وارتفعت الحمم البركانية لبضعة أمتار داخل الأنبوب، وتلفت معدات الحفر، ولم يصب أحد بأذى لحسن الحظ. وبفضل هذا الحادث،  أصبح علماء البراكين يعرفون موقع وجود جيب من الصهارة تقدر كميتها فيها بنحو 500 مليون متر مكعب، يكفي الحفر للوصول إليه.

ورأى باولو بابالي أن "هذا الاكتشاف يمكن أن يكون خطوة جبارة إلى الأمام تتيح فهم أمور كثيرة" ، من أبرزها أصل القارات وآلية عمل البراكين وأنظمة الطاقة الحرارية الأرضية.

ووفر الحادث أيضا فرصاً واعدة كثيرة لشركة الكهرباء الوطنية "لاندسفيكيون" التي تدير الموقع.

فعلى عمق كيلومترات تحت الأرض، تصل الصخور إلى درجات حرارة قصوى لدرجة أن السوائل التي الناتجة عنها تسمى "فوق حرجة" ، أي أنها تتصرف كحالة وسيطة بين الحالتين السائلة والغازية.

وتفوق الطاقة المنتجة في هذا الموقع بخمس إلى عشر مرات الطاقة الموجودة في بئر تقليدية. وخلال حادث عام 2009 ، وصل البخار المتصاعد إلى السطح إلى درجة غير مسبوقة تبلغ 450 درجة مئوية.

وبالتالي ، يكفي بئران من السوائل فوق الحرجة للوصول إلى طاقة 60 ميغاوات التي تولدها المحطة حاليًا بـ ... 18 بئراً تقليدية.

وقال المدير التنفيذي لعمليات الطاقة الحرارية الأرضية في "لاندسفيكيون" فورديس إيريكسدوتيش "نريد تطوير تقنية جديدة  بفضل المشروع لنكون قادرين على الحفر بشكل أعمق والإفادة من هذه الطاقة، وهو ما لم يحصل من قبل".

ويمثل الحفر في مثل هذه البيئة القاسية تحدياً تقنياً، إذ ينبغي تكييف المواد لمقاومة التآكل الناجم عن البخار الشديد السخونة.

وأقرّ الأستاذ الفخري للجيولوجيا والجيوفيزياء في جامعة ألاسكا جون إيتشلبرغر بأن احتمال أن تؤدي العملية إلى ثوران بركاني هو "مصدر قلق طبيعي"، لكنه يعادل "وخز فيل بإبرة".

ولاحظ أن "عشرات الثقوب لامست الصهارة في ثلاثة أماكن مختلفة (في العالم) ولم يحدث شيء خطير".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي