البشرية أمام خيارين.. أما أن تتدارك المستقبل المظلم للذكاء الاصطناعي أو سيفوتها القطار

2021-11-26

الذكاء الإصطناعي محاطره أكثر من فوائده (التواصل الاجتماعي)

تَعد تقنية الذكاء الاصطناعي بالكثير من الرفاهية للإنسان، ولكن في نفس الوقت العديد يرى أن هذه التقنية قد يكون خطرها أكبر من فوائدها.

ولا تكمن المشكلة في الذكاء الاصطناعي نفسه بالطبع. بل بالطريقة التي نستخدمها بها. هذا ما يراه البروفيسور دارون أسيموغلو الذي كان كتابه بعنوان "لماذا تفشل الأمم؟" عام 2013 من أكثر الكتب مبيعا في "وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal)، حيث إن المنظمات الجيدة في تطبيق التعرف على الأنماط الإحصائية على مجموعات البيانات الكبيرة تكتسب ميزة كبيرة جدا من خلال المستهلكين والعاملين والمنافسين.

روبوت يلعب السلة وآخر متفوق في كرة الطاولة.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي الألعاب الرياضية؟

ولا تتركز مخاوف أسيموغلو من الاستخدام الخاطئ الحالي للذكاء الاصطناعي في حد ذاته، بل إنه قلق من أن الذكاء الاصطناعي -الذي لا يزال قيد التطوير حاليا- سيؤدي إلى عواقب تفوق بكثير فوائده على المدى الطويل.

والنبأ السار هو أن التنظيم يمكن أن يحل المشكلة، ولكن فقط إذا تحركنا سريعا.

السوق المدفوع بالذكاء الاصطناعي

يبدو التسوق عبر الإنترنت كسوق يعمل بشكل جيد، حيث يمتلك المستهلكون أكثر من معلومات كافية لإجراء عملية شراء ذكية، ويقر أسيموغلو بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفيد المستهلكين من خلال مساعدة الشركات على صنع منتجات أفضل.

على سبيل المثال، يمكن استخدام الرؤى المستندة إلى الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المنتج وتلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل. ومع ذلك، في مقال حديث في "فوكس إيه يو" (voxEU) أوضح أسيموغلو أنه وجد أدلة على عدة طرق تضر التكنولوجيا بالسوق وتتجه نحو المسار الخطأ.

وتكمن المشكلة الأساسية في أن الشركات التي تجمع الكثير من البيانات عن عملائها يمكنها أيضا استخدام الرؤى المستندة إلى الذكاء الاصطناعي للضغط على المستخدم في كل سنت من كل معاملة.

مثال على ذلك، يستخدم تجار التجزئة تقنية تسمى "تمييز السعر" لتحقيق أكبر قدر ممكن في كل معاملة عن طريق فرض أسعار مختلفة على العملاء المختلفين. تعطي البيانات لتجار التجزئة إشارة إلى مدى حاجة أو رغبة قطاعات معينة من العملاء في الحصول على منتج ومقدار استعدادهم للدفع، وهم يحددون أسعارهم وفقا لذلك. وتتضمن تقنية أخرى عرض الإعلانات المخصصة خلال "لحظات الضعف الرئيسية" عندما تكون الإعلانات أكثر فاعلية.

هذه الأساليب منطقية من الناحية التجارية للشركات التي تستخدمها، لكنها تخنق المنافسة وتقلل من الأموال التي يتعين على العملاء إنفاقها في أماكن أخرى. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن أسيموغلو يشير إلى أن هذا التوجه يزيد أيضا من عدم المساواة والتمييز.

الذكاء الاصطناعي في العمل

يعمل الذكاء الاصطناعي أيضا على تغيير العلاقة بين الشركات وعمالها. فقد أدت الاختراعات الجديدة إلى طرد الناس من العمل وخلق وظائف للآخرين منذ فترة طويلة قبل ظهور الذكاء الاصطناعي. ولكن ما هو مختلف الآن هو حجم ووتيرة التحول القادم.

يعمل الذكاء الاصطناعي بالفعل على تغيير كيفية إنجاز العمل في الصناعات من الرعاية الصحية إلى التصنيع إلى التمويل.

ومع أن أسيموغلو لم يجد دليلا على وجود أزمة بطالة جماعية تلوح في الأفق -على الأقل ليس في أي وقت قريب- لكن بحثه يظهر أن الأتمتة التي يقودها الذكاء الاصطناعي تستعد لزيادة عدم المساواة الاقتصادية من خلال إجبار بعض العمال على وظائف منخفضة الأجر أو جعلهم عاطلين عن العمل تماما.

والنتيجة؟ يمكن أن تعاني الديمقراطية نفسها إذا قام الذكاء الاصطناعي "بتحويل ميزان القوى بعيدا عن قوى العمل وباتجاه رأس المال" ، كما يقول أسيموغلو. في الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل فئات كاملة من الناس يمكن الاستغناء عنها في سوق العمل.

قد يكون من الصعب قبول أن إحدى التقنيات يمكن أن يكون لها مثل هذا التأثير على المؤسسات الضخمة. ومع ذلك، لدينا بالفعل مؤشرات بسيطة لما يمكن أن يحدث عندما يتم إطلاق العنان لخوارزميات مدعومة بالذكاء الاصطناعي على المجتمع، حيث أكدت تجربة كبيرة مؤخرا أن خوارزمية "فيسبوك" (Facebook) تحد من تعرض المستخدمين للأخبار من منظور لا يتفقون معه. وقد ساعد ذلك في انتشار التطرف والمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.

نحو مستقبل أكثر إشراقا

ليس هناك من ينكر أن الذكاء الاصطناعي يَعد بالعديد من الفوائد للبشرية. ففي مجال الطب فقط، أعطى الذكاء الاصطناعي بالفعل للأطباء أدوات لتشخيص بعض الحالات بشكل أكثر دقة وعلاجها بشكل أكثر فعالية.

إذن، كيف يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون المعاناة من أضراره؟ يقول أسيموغلو إن الجواب هو التنظيم الذكي.

يمكن تجنب السيناريو الأسوأ إذا قام صانعو السياسات بإعادة النظر في النظم المحددة لهذه التقنية لتقنين استخدام الذكاء الاصطناعي في بعض التطبيقات، بما في ذلك الأتمتة وأشكال معينة من جمع البيانات.

هذه القواعد لديها القدرة على منح الناس العاديين فرصة للاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي، وليس فقط الشركات الكبرى التي تقود حاليا أبحاثها وتنفيذها.

أسيموغلو ليس خبير الذكاء الاصطناعي الوحيد الذي يحاول جعل الخوارزميات تعمل بشكل أفضل للمجتمع. ففي مقال نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" (York Times)؛ قال عالم بيانات فيسبوك السابق رودي ليندسي إن بإمكان الكونغرس معالجة المشكلة باستخدام القانون لتغيير حوافز المنصات. والحل هو جعل الشركات مسؤولة عن المحتوى الذي تدفعه خوارزمياتها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي