كورونا من منظور سوسيولوجي في كتاب للمغربي الهادي الهروي

2021-11-23

مصطفى لغتيري

يقول الهادي الهروي أستاذ الفلسفة والباحث في علم الاجتماع في مقدمة كتابه «كورونا فيروس- الاجتياح، أزمة الهويات وآفاق تغيير البنيات الاجتماعية» «إن الموضوع الذي نقاربه موضوع طارئ لم تتوقع البشرية في أزمنتنا الراهنة حدوثه، ولم يسبق أن عرفت مرضا باسم فيروس كورونا، أو كورونا التاجيةcovid-19 ، كما لم يسبق أن فكرنا فيه، بل هو الذي فكر فينا وأرغمنا على المجيء إليه»» ويضيف الباحث قائلا» فالضوضاء التي أحدثها فيروس كورونا جعلتنا نبحث عن الآليات والقوالب الكفيلة لمقاربة هذا الموضوع سوسيولوجيا ووضع خطة طريق لاستنطاق محتويات هذه الضوضاء ومختلف الآراء المنسوجة حولها وإمكانية المساعدة على اقتراح الحلول».

وفي الفصل الأول من الكتاب الذي سماه بمبادئ الدراسة، تناول فيه الباحث مصطلحات بعينها في إطار ما أطلق عليه «المفهمة» ومنها مفهوم الصحة ومفهوم الجنسية والجنوسة ومفهوم المرض ومفهوم الوباء ومفهوم الجائحة ومفهوم الحجر الصحي ومفهوم الكمامة ومفهوم الهوية، ثم انتقل في الفصل نفسه إلى ما اطلق عليه «الأشكلة» قائلا: «لكي نجعل الموضوع أكثر إثارة وعلمية، يمكن الانطلاق من الإشكالية العامة التي جعلت من فيروس كورونا حدثا استأثر بملايين البشر عامة وخاصة، حضريين وقرويين، متعلمين وأميين» محاولا طرح إشكالات عميقة لمقاربة هذه الظاهرة/ الوباء. من قبيل هل تكون كورونا مدخلا لمسار مجتمعات متعددة الثقافات، أو عاملا للانطواء والانكماش على الذات؟ منطلقا من فرضيات ثم محددا متغيرات الدراسة.

أما الفصل الثاني فقارب فيه الباحث نوعية المنهجية محددا إياها في تقنية المقابلات وملء الاستمارة وجمع الوثائق وتفريغ الاستمارات. ليتحدث في ما بعد عن طريقة البحث الكمي، وطريقة البحث الكمي، ليخبرنا في ما بعد بنوعية العينات التي اعتمد عليها، محددا مجالها الجغرافي، حيث يلاحظ أنها توزعت على جل جهات المغرب. معززا ذلك بأرقام وإحصائيات دقيقة، ومستنتجا خلاصات تساعد على مقاربة الظاهرة بشكل علمي.

في الفصل الثالث اهتم الباحث بما سماه تاريخية الوباء والجوائح، وتناول فيه سيرورة الأوبئة ومخلفاتها، ثم ركز على الأوبئة في المغرب من خلال تركيز حديثه عن الطاعون والكوليرا والجدري، لينتقل في ما بعد لرصد بعض المعطيات التعريفية المعرفية عن فيروس كورونا محاولا تتبع مسار ظهوره وانتشاره، انطلاقا من ظهور سارس وتناسله وتطوره، دون أن يفوته الحديث عن التفسير التقليدي البدائي للوباء، والعلاج الذي يعتمده البعض في محاربته، انطلاقا من ترسانتهم العلاجية التقليدية.

القسم الثاني من الكتاب خصصه الباحث للجائحة بين التفسير والتأويل، محاولا الانطلاق من بعض الفرضيات والاقتراحات، من قبيل هل يمكن تفسير الجائحة باعتبارها نتيجة للبذخ والمتعة والازدهار والرخاء، حسب المنظر الخلدوني، أم العكس، ليتساءل في الوقت نفسه عن المداخل والمواقف والمقاربات الكفيلة بتفسير دقيق للجائحة. في هذا القسم تناول الهادي الهروي، في الفصل الأول مقاربات العلوم الاجتماعية باعتبار كورونا مشكلة سوسيولوجية، ثم تحدث عن المقاربة السيكولوجية، ولم يفته الحديث عن المقاربة الفقهية الدينية، وخلالها ناقش بعض الفتاوي الدينية في هذا الخصوص.

اما الفصل الثاني فناقش فيه الباحث كورونا بين خطاب العلم وخطاب القدر، ثم كوفيد والأخلاق، وكورونا والسياسة، والانحراف في زمن كورونا، ثم توقف عند المقاربة الأمنية وتدخلات الدولة في ظروف هذه الجائحة.

في القسم الثالث من الكتاب ركز الباحث على المقاربة الإحصائية، باعتبار أن مقاربة الجائحة وفهمها وتحليلها يتطلب استحضار التحليل الإحصائي ولو في شكله الوصفي، والإلمام بمبادئه لقياس الظاهرة وتفسير نتائجها وتقييمها وإصدار الحكم عليها، ويتابع الهادي الهروي قائلا إن أهمية الموضوع وراهنيته فرضت عليه تناوله إحصائيا، وبالتالي توظيف مفاهيم إجرائية وتقنيات كالنسب المئوية والمعدلات والمتوسطات الحسابية والتوزيعات التكرارية والمنوال ومقاييس التشتت وتوظيف معامل ارتباط» بيرسون» والتحليل الإحصائي للجداول والعلاقات بين المتغيرات وجمع الاستبيانات والنقاط القياسية لرأي عينة الدراسة بهدف صياغة الحكم اللازم حكما متجانسا وشفافا.

يختتم الباحث كتابة بخلاصة، تحدث فيها عن بعض ما توصل إليه من استنتاجات خلال هذه الدراسة، ومن بينها قوله «صحيح أن المغرب تعامل مع الجائحة بكثير من العقلانية والجدية في تدبير الأزمة منذ بدايتها، إلا أنه شاب تدبيره نوع من الفتور والانهزام أمام رغبات الفئات الخاضعة لمحنة التراث ومحك التقاليد والطقوس».

كاتب مغربي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي