أيهما أفضل للإنسان.. جودة النوم أم عدد ساعاته؟

Is quality over quantity better when it comes to sleep?
2021-11-14

الموازنة بين جودة النوم ومقداره الزمني (التواصل الاجتماعي)

نشر المنتدى الاقتصادي العالمي تحليلًا لدراسة أُجريَت على مدار عِدَّة سنوات على البالغين الأكبر سنًّا، حيث تتحدَّث عن الموازنة بين جودة النوم ومقداره الزمني. وأشار التقرير الذي أعدَّته تمارا بهانداري، الكاتبة الطبية في جامعة واشنطن، إلى أن هناك عوامل عِدَّة تسهم في معرفة أفضل عادات النوم، مؤكدة أن ثمَّة علاقة على شكل حرف «U» تربط بين النوم والتدهور الإدراكي. وأبرز التحليل نقاطًا مهمة:

أظهرت الأبحاث أن البالغين الأكبر سنًّا الذين يأخذون قِسطًا معتدلًا من النوم تَقِل معاناتهم من التدهور الإدراكي موازنةً بأولئك الذين ينامون لمدة طويلة أو قصيرة.

يسهم مرض الزهايمر في 70% من حالات الإصابة بالخَرَف، وتُعد قِلَّة النوم من الأعراض الشائعة التي تؤدي إلى تطوُّر هذا المرض.

ينبغي أن يسأل الأطباء الذين يستقبلون المرضى الذين يعانون من شكاوى تتعلَّق بالإدراك عن جودة نومهم (قياس مدى جودة النوم، وبعبارة أخرى هل النوم مريح ومنعش أم لا) لأنها من المُحتمَل أن تكون عامل خطر يمكن اتخاذ إجراءات لتغييره.

الاعتدال في النوم

تنوِّه الكاتبة في مستهل تحليلها إلى أن هناك بحثًا جديدًا يشير إلى أن الاعتدال في النوم، مثل كثير من الأشياء الجيدة الأخرى في الحياة، هو أفضل أشكال النوم.

وخلُصَت دراسة أُجريَت على مدار عِدَّة سنوات على البالغين الأكبر سنًّا أن الأشخاص الذين ينامون لمدة قصيرة أو طويلة يعانون من تدهور إدراكي أكثر من الأشخاص الذين يأخذون قِسطًا مُعتدلًا من النوم، حتى عندما أخذ الباحثون في الحُسبان الآثار الناجمة عن مرض الزهايمر المُبكِّر.

وترتبط قلَّة النوم ومرض الزهايمر بالتدهور الإدراكي، وقد ثبُت أن فصل الآثار الناجمة عن كلٍّ منهما يُشكِّل تحدِّيًا. ومن خلال تعقُّب الوظيفة الإدراكية في مجموعة كبيرة من البالغين الأكبر سِنًّا على مدى عدة سنوات وتحليلها مقابل مستويات البروتينات المرتبطة بمرض الزهايمر وقياسات نشاط المُخ أثناء النوم، استنتج الباحثون بيانات مُهمَّة تساعد في فكِّ العلاقة المُعقَّدة بين النوم ومرض الزهايمر والوظيفة الإدراكية.

يقظة العقول مع التقدُّم في العمر

ويؤكد التحليل أن النتائج الواردة في مجلة «Brain» يمكن أن تساعد في الجهود المبذولة للمساعدة في الحفاظ على يقظة عقول الناس مع تقدُّمِهم في العمر.

وأبرز التحليل ما قاله بريندان لوسي، أهم مُعدِّي الدراسة وأستاذ علم الأعصاب المشارك ومدير مركز سانت لويس لطبِّ النوم التابع لكلية الطب في جامعة واشنطن، إنه: «كان من الصعب تحديد كيفية ارتباط النوم بالمراحل المختلفة لمرض الزهايمر، ولكن هذا ما تحتاج إلى معرفته حتى نبدأ في تحديد التدخُّلات المطلوبة».

وأضاف: «وتشير دراستنا إلى أن هناك نطاقًا متوسِّطًا، أو «نقطة مُميَّزة»، لإجمالي وقت النوم عندما كان الأداء الإدراكي مُستقرًّا مع مرور الوقت. وارتبطت أوقات النوم القصيرة والطويلة بأداء إدراكي أسوأ، وربما يرجع ذلك إلى مُدَّة النوم غير الكافية أو سوء جودته. ويتمثَّل أحد الأسئلة التي لم تجد لها إجابة بعد فيما يلي: إذا كان بإمكاننا أن نتدخَّل لتحسين أوضاع النوم، مثل إضافة ساعة أو نحو ذلك على وقت النوم للأشخاص الذين ينامون لمدة قصيرة، فهل سيكون لذلك الإجراء تأثيرًا إيجابيًّا في أدائهم الإدراكي حتى لا تتدهور قدراتهم بعد ذلك؟ نحتاج إلى مزيد من البيانات الطولية للإجابة عن هذا السؤال».

 قلة النوم عرض شائع للزهايمر (التواصل الاجتماعي)

ووفقًا للتحليل، يُمثِّل مرض الزهايمر السبب الرئيس للتدهور الإدراكي لدى البالغين الأكبر سِنًّا، نظرًا إلى إسهامه في نحو 70% من حالات الخَرَف. وتُعد قِلَّة النوم عرَضًا شائعًا للمرض وقوة دافعة يمكن أن تؤدي إلى تعجيل تطوُّر المرض. وأظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يُبلِغون بأنفسهم عن أنهم ينامون لمدة قصيرة وطويلة على حدٍّ سواء أكثر عُرضَة لتحقيق أداء ضعيف في الاختبارات الإدراكية، غير أن هذه الدراسات المتعلقة بالنوم لا تتضمَّن عادةً تقييمات للإصابة بمرض الزهايمر.

وحتى يُفَك الارتباط القائم بين الآثار المنفصلة للنوم ومرض الزهايمر على عملية الإدراك، لجأ لوسي وزملاؤه إلى المتطوعين الذين يشاركون في الدراسات التي تتعلَّق بمرض الزهايمر من خلال مركز أبحاث «تشارلز إف وجوان نايت» لأبحاث مرض الزهايمر. ويخضع هؤلاء المتطوعون لتقييمات سريرية وإدراكية سنوية، ويقدِّمون عينة دم حتى تُختَبَر من أجل تحديد المتغيِّر الجيني المعروف باسم صميم البروتين الشحمي إي 4 (APOE4) لمرض الزهايمر العالي الخطورة. وقدَّم المشاركون في هذه الدراسة أيضًا عيِّنات من السائل النخاعي لقياس مستويات بروتينات مرض الزهايمر، ونامَ كل فرد منهم باستخدام تخطيط كهربية دماغ (EEG) دقيق، وذلك من خلال ربطه على جباهِهم لمدة تراوحت من أربع إلى ست ليالٍ لقياس نشاط الدماغ أثناء النوم.

نتائج الدراسة

وبصفة عامة، بحسب الكاتبة، حصل الباحثون على بيانات النوم ومرض الزهايمر الخاصة بمئة مشارك خضعت وظائفهم الإدراكية للمراقبة لمدة يبلغ متوسطها أربع سنوات ونصف. ولم يعاني معظم المشاركين (88 مشاركًا) من إعاقات إدراكية، وتعرَّض 11 مشاركًا منهم لضعف خفيف للغاية، كما أُصيب شخص واحد بضعف معرفي خفيف. وبلغ متوسط عمر المشاركين 75 عامًا في وقت إجراء الدراسة المتعلقة بالنوم.

وخلُص الباحثون إلى أن هناك علاقة على شكل حرف «U» بين النوم والتدهور الإدراكي. وبصفة عامة، انخفضت الدرجات الإدراكية للمجموعات التي نامت أقل من أربع ساعات ونصف أو أكثر من ست ساعات ونصف في الليلة الواحدة، وفقًا لقياسات تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، بينما ظلَّت الدرجات الإدراكية مستقرَّة عند أولئك الذين ناموا نصف المدة الزمنية المذكورة آنفًا. ويميل تخطيط كهربية الدماغ (EEG) إلى تقديم تقديرات لوقت النوم، والتي تقل نحو ساعة عن وقت النوم المُبلَغ عنه ذاتيًّا، ولذلك تتوافق النتائج مع خمس ساعات ونصف إلى سبع ساعات ونصف من النوم المُبلَغ عنه ذاتيًّا، وفقًا لما ذكره لوسي.

وتنطبق العلاقة التي جاءت على شكل حرف «U» على مقاييس مراحل نوم معيَّنَة، بما في ذلك نوم حركة العين السريعة، والأحلام، والنوم، ونوم حركة العين غير السريعة. وعلاوةً على ذلك، استمرَّت العلاقة حتى بعد إدخال تعديلات على العوامل التي يمكن أن تؤثِّر في النوم والإدراك على حدٍّ سواء، مثل العمر، ونوع الجنس، ومستويات بروتينات الزهايمر، ووجود صميم البروتين الشحمي إي 4 (APOE4).

جودة النوم العامل الحاسم (التواصل الاجتماعي)

جودة النوم.. العامل الحاسم

وتستشهد الكاتبة بما ذكره ديفيد هولتزمان، أستاذ علم الأعصاب المشارك في الدراسة، أنه: «كان من المثير للاهتمام على نحوٍ خاص أن نلاحظ أن المعاناة من مزيد من التدهور الإدراكي لم تتضمَّن الأشخاص الذين ينامون أوقاتًا قصيرة فقط، بل تتضمَّن أيضًا أولئك الذين ينامون أوقاتًا طويلة». وأضاف: «وهذا يشير إلى أن جودة النوم قد تكون هي العامل الحاسم، على عكس إجمالي ساعات النوم ببساطة».

ويقول لوسي إن احتياجات كل شخص للنوم فريدة من نوعها، وينبغي ألا يشعر الأشخاص الذين يستيقظون وهم يشعرون بالراحة وفقًا لجداول نوم قصيرة أو طويلة بأنهم مجبرون على تغيير عاداتهم. ولكن ينبغي أن يدرك الأشخاص الذين لا ينامون جيدًا أن المشكلات المتعلقة بالنوم يمكن علاجها في كثير من الأحيان.

وتختتم الكاتبة تحليلها مستشهدةً بما قاله بو أنيس، أحد أكبر مُعدِّي الدراسة وأستاذ علم الأعصاب الذي يعالج المرضى الذين يعانون من حالات الخَرَف وحالات الظروف العصبية الأخرى في مستشفى بارنز اليهودي، إنني: «أسأل كثيرًا من المرضى الذين يزورونني: كيف حال نومك»؟ وأضاف: «كثيرًا ما يذكر المرضى أنهم لا ينامون جيدًا. وفي أغلب الأحيان، بمجرد معالجة مشكلات نومهم، ربما يؤدي ذلك إلى تحسين أوضاع إدراكهم. وينبغي أن يسأل الأطباء الذين يستقبلون المرضى الذين يعانون من شكاوى معرفية عن جودة نومهم، لأنها من المُحتمَل أن تكون عاملًا قابلًا للتعديل».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي