دعوة إلى التظاهر تثير استياء الحكومة في كوبا

أ ف ب
2021-11-10

 

 تظاهرة ضد حكومة الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل في هافنا في 11 تموز/يوليو 2021(ا ف ب)

تشهد كوبا صراعا غير مسبوق بين الحكومة والمعارضة على خلفية التوتر مع الولايات المتحدة، سيتجلى في 15 تشرين الثاني/نوفمبر، التاريخ الذي يترقبه البعض للاحتفال بعودة السياح بعد رفع القيود الصحية، فيما يعتزم البعض الآخر التظاهر فيه للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

وجرى تجاذب بهذا الصدد بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة إذ بادرت المعارضة في بادئ الأمر إلى طلب إذن بالتظاهر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر في سبع من المحافظات الـ12 في الجزيرة، فأعلنت الحكومة ذلك اليوم يوم الدفاع الوطني، يسبقه يومان من المناورات العسكرية.

ورد منظمو التظاهرة بتقريب مشروعهم خمسة أيام ليتزامن مع عودة تلاميذ الصفوف الابتدائية إلى المدرسة وإعادة فتح البلاد أمام السياحة بعد إغلاق فرضه وباء كوفيد-19.

عندها ردت السلطات الشيوعية بحظر التظاهرة لاتهامها بالسعي لتغيير النظام بدعم من واشنطن، وستقيم في ذلك اليوم احتفالات في الذكرى 205 لتأسيس مدينة هافانا

وأعلن الرئيس ميغيل دياز كانيل بحزم مخاطبا النواب "لن يفسد أحد علينا الاحتفال!".

غير أن ذلك لن يثني المعارضة، وأوضحت سايلي غونزاليس (30 عاما) التي تنظم الاحتجاجات في سانتا كلارا بوسط البلد، متحدثة لوكالة فرانس برس "نعتبر هذا الرد غير قانوني، وبالتالي يبدو لنا من العدل أن نصرّ على تظاهرتنا".

وقالت سايلي غونزاليس التي تملك فندقا صغيرا في هذه المدينة التي تؤوي رفات تشي غيفارا، إنها تعتزم السير في خطى التظاهرات العفوية التاريخية التي هزت الجزيرة في 11 تموز/يوليو على صيحات "حرية" و"نحن جائعون".

- "انقلاب ناعم" -

 

وبحسب منظمة "كوباليكس" غير الحكومية، تم اعتقال 1175 شخصا خلال تلك التجمعات، فيما قتل شخص وأصيب العشرات بجروح. ولا يزال 612 شخصا معتقلين.

وأكدت سايلي أن التظاهر في 15 تشرين الثاني "واجب علينا تجاه الذين تظاهروا في 11 تموز/يوليو وهم اليوم في السجن"، حتى لو أن التحركات هذه المرة لن يكون لها وقع المفاجأة.

وتتهم السلطات سايلي غونزاليس والكاتب المسرحي يونيور غارثيا (39 عاما) منظم التظاهرة في هافنا الذي أنشأ مجموعة النقاش السياسي "أرشيبيلاغو" (الأرخبيل) على فيسبوك، بتقاضي أموال من الحكومة الأميركية بهدف زعزعة الاستقرار في البلاد، وهي اتهامات ينفيانها بشدة.

وقالت سايلي "جوابي هو أن يفتحوا برّادي" مؤكدة أنه فارغ تماما بسبب أزمة المواد الغذائية في الجزيرة، مشيرة إلى أن الأزمة الاقتصادية هي من العوامل خلف الدعوة إلى التظاهر.

غير أن الرئيس دياز كانيل يصر على أن "دبلوماسيين أميركيين يجتمعون مرارا بمنظمي مناهضي الثورة، فيقدمون لهم توجيهات ودافعا ودعما لوجستيا، ويمولون أنشطتهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة".

واتُّهم يونيو غارثيا في النشرات الإخبارية بالتخطيط لـ"انقلاب ناعم" بعدما تلقى تدريبا في الخارج، استنادا إلى إفادة طبيب قال إنه عميل للدولة الكوبية.

وأقر يونيور نفسه بتلقي اتصال من أعلى مسؤول في السفارة الأميركية في هافانا تيموثي زونييغا براون، لكنه رفض المساعدة التي اقترحها عليه حتى لا تستخدم ضده.

- "محاصر" -

وأوضح ويليام ليوغراندي الأستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن وخبير العلاقات الكوبية الأميركية، أن السفارة لطالما كانت "قناة لتقديم المساعدة المادية للمنشقين الكوبيين"، مشيرا إلى أن "ذلك يسيء إلى مصداقية جميع المعارضين" سواء تلقوا هذه المساعدة أم لا.

وفي مواجهة معارضة تجدد زخمها مع مدّ الإنترنت مؤخرا ولو أنها لا تزال تعتبر غير قانونية، أوضح الأستاذ الجامعي أن "الحكومة الكوبية تشعر أنها محاصرة فعلا بين تردي الاقتصاد وتشديد الحظر، خصوصا وأن 11 تموز/يوليو كشف الاستياء الشعبي العميق".

وهذا ما يبعث برأيه مخاوف بشأن رد فعلها، مذكرا بأنه آخر مرة شعرت الحكومة بأنها مهددة كان عام 2003، وفي ذلك الحين حكم على 75 معارضا بعقوبات قاسية.

واعتبر الدبلوماسي الكوبي السابق كارلوس ألزوغاراي أنه كان يجدر بالحكومة السماح بالتظاهرة، قائلا "كان يتعين على الطرفين أن يبحثا عن تسوية، أن يحاولا التفاوض".

لكن "الولايات المتحدة ضالعة تماما بالطبع، وهذا يسيء إلى التظاهرة وإلى أي جهود للتحاور".

لكنه دعا رغم ذلك السلطات الكوبية إلى "البحث عن آليات ووسائل لجعل الجهاز السياسي أكثر انفتاحا، أكثر تحاورا وأقل تسلطا".

كما دعاها إلى التوقف عن اعتبار أي انتقاد بمثابة تهديد وقال "أنا شخصيا لدي انتقادات كثيرة تجاه الحكومة، على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، لكنني لا أريد أن أُعتبر على ارتباط بمشروع لتغيير النظام".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي