بكين تعزز الضغوط على تايوان بتكثيف التوغلات الجوية لمقاتلاتها الحربية

اف ب
2021-10-23

 

صورة وزعتها وزارة الدفاع التايوانية في 25 أيار/مايو 2018 لطائرة اف16 تايوانية (يسار تراقب قاذفة صينية من طراز اتش6(ا ف ب)

تشكل الطائرات المقاتلة الصينية التي تظهر على شاشات الرادار التايوانية أحدث أداة لبكين لتعزيز الضغط على الجزيرة الديموقراطية، مما يثير مخاوف من أن يتسبب أي خطأ بتحوّل الصراع البارد إلى حرب شاملة، كما يرى خبراء.

واستنادا إلى قاعدة بيانات وكالة فرانس برس التي تضم كل عمليات توغل الطائرات الحربية الصينية المعروفة في منطقة "تعريف الدفاع الجوي بالجزيرة" منذ أن بدأت وزارة الدفاع التايوانية في الإعلان عنها في أيلول/سبتمبر 2020، تبدو الزيادة في وتيرتها وحجمها واضحا.

ووقع أكبر توغل في وقت سابق من الشهر الجاري عندما سجلت 149 طلعة جوية في منطقة الدفاع الجوي بجنوب غرب تايوان خلال أربعة أيام كانت تحتفل الصين خلالها بعيدها الوطني.

وسجلت في هذه الأيام الأربعة وحدها زيادة بنسبة 28 بالمئة عن إجمالي توغلات الشهر السابق الذي كان شهد أكبر عدد من الطلعات الجوية حتى الآن.

وقالت تايوان إنها سجلت العام الماضي حوالى 380 عملية توغل في القطاع الجنوبي الغربي من منطقة الدفاع الجوي، وهو رقم تم تجاوزه فعليا مرتين منذ بداية العام مع تسجيل 692 عملية توغل بين الأول والثاني والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر.

والطائرات المستخدمة تشكل تهديدا متزايدا أيضا، ولا سيما القاذفة "اتش6" التي تتمتع بقدرة نووية.

وحتى أيلول/سبتمبر 2020 سجلت تايوان توغل 32 مقاتلة وثلاث قاذفات. ومنذ بداية الشهر الجاري كانت هناك 124 طلعة لطائرات مقاتلة و16 عملية توغل لقاذفات.

ويعتقد المحللون مع ذلك أنه يجب عدم المبالغة بالخطر الذي تشكله هذه الطلعات.

و"منطقة تعريف الدفاع الجوي بالجزيرة" لا تتطابق مع المجال الجوي الإقليمي لتايوان بل تشكل مساحة أكبر تخترق جزءا من منطقة تحديد الدفاع الجوي الصينية وحتى جزءا من البر الرئيسي.

- "تأهيل طيارين صينيين" -

حتى العام الماضي، كان نادرا أن تعبر الصين القطاع الجنوبي الغربي.

وقال الأدميرال المتقاعد لي سي مين الذي كان قائد القوات المسلحة التايوانية، لفرانس برس إن "هذا جزء مما نسميه تكتيك 'المنطقة الرمادية'. إنه يبقي الضغط النفسي على تايوان''

و"المنطقة الرمادية" مصطلح يستخدمه المحللون العسكريون لوصف أعمال عدوانية تقوم بها دولة ما دون أن يصل الامر الى حرب مفتوحة. وقد وصفها وزير الدفاع البريطاني بن والاس أيضا بأنها "المعبر بين السلام والحرب"

وشهدت تايوان عودة هذا النوع من التهديدات منذ انتخاب الرئيسة تساي إنغ وين في 2016. وتكن الصين كراهية لتساي لأنها تعتبر تايوان دولة "مستقلة فعليا" وترفض مبدأ الصين الواحدة

وقال لي إن اجراءات "المنطقة الرمادية" تشمل تكثيف الهجمات الإلكترونية وحملات تضليل وزيادة هائلة في الجرافات الصينية التي تأخذ الرمال من المياه المحيطة بجزيرتي كينمن وماتسو التايوانيتين على بعد بضعة كيلومترات من البر الرئيسي.

وأضاف أن الطلعات في منطقة تعريف الدفاع الجوي بما في ذلك التوغلات الليلية تسمح للصين "بتحسين تدريب الطيارين" واختبار دفاعات تايوان

كما أنها تشكل اختبارا لأسطول تايوان المقاتل القديم. ونسبت العديد من الحوادث التي سقط فيها قتلى إلى إلى أعطال ميكانيكية.

وتعيش الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي ويبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، تحت تهديد الغزو الصيني منذ انفصال الجانبين في نهاية حرب أهلية في 1949.

ولم تتحدث الصين التي تعتبر تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتعهدت باستعادتها يوما ما، كثيرا عن طلعاتها الجوية هذه.

لكن محللين يقولون إن ذلك يوجه رسالة إلى ثلاثة أطراف: حكومة تايوان وشعبها، والجمهور الصيني الذي يصبح قوميا أكثر فأكثر، والقوى الغربية.

وقال مايكل كول الخبير المقيم في تايوان أن "بكين تريد أن تظهر أنها لن تسمح للتحالفات الأمنية الإقليمية التي يجري بناؤها وتستهدف الصين بلا شك، بترهيبها".

وأضاف ان الصين "تظهر للجمهور الوطني انها ليست راضية عن التطورات التي تصب في مصلحة تايوان" 

وأبقت الولايات المتحدة على "الغموض الاستراتيجي" فيما يتعلق بتايوان من خلال بيعها أسلحة دون أي التزام بتقديم المساعدة لها. لكن الرئيس جو بايدن قال مرتين إن الجيش الأميركي سيدافع عن الشعب التايواني إذا هاجمت الصين الجزيرة.

- "حلقة مفرغة" -

والطلعات الجوية في منطقة تعريف الدفاع الجوي بعيدة عن أن تكون إعلان حرب، لكن المراقبين يخشون من أن يعزز تزايد عمليات التوغل الجوي خطر حدوث تصادم أو خطأ قد يؤدي إلى إطلاق نزاع أوسع.

وتعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ بالسيطرة على تايوان عندما يبدأ ولاية ثالثة العام المقبل.

ويرى جيا تشينغوو خبير العلاقات الدولية في جامعة بكين الذي يقدم مشورة للحكومة الصينية أن طريقة تصرف بكين تجاه تايوان مرتبطة "بقدراتها العسكرية المتنامية" والضغوط الداخلية من أجل التوحيد.

كما تشعر الصين بأنها مضطرة للتحرك في مواجهة التطور المتزايد للعلاقات بين تايوان والولايات المتحدة حيث أصبح الدفاع عن تايبيه قضية تتجاوز الانقسامات السياسية.

وحذر الخبير من أن "تفاعل الأطراف الثلاثة يدور في حلقة مفرغة ما يجعل المواجهة العسكرية وحتى الحرب الشاملة سيناريو محتمل بشكل متزايد".

وقال سو تسو يون الخبير العسكري في معهد أبحاث الأمن والدفاع الوطني في تايوان  إن إنزالا برمائيا عبر مضيق تايوان يبقى "أكثر عملية عسكرية تعقيدا، وإذا تعرض جزء من العملية للخطر  فسوف تفشل".

وأضاف ان الصين "يمكن ان تشن حربا ولكن معرفة ما اذا كانت تستطيع الانتصار فيها مسألة اخرى".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي