باحثون مصريون يستخدمون سم النحل لتنشيط علاج سرطان الكبد وتخفيف آثاره الجانبية

الجزيرة
2021-10-09

سم النحل يستخدم لتقليل جرعة العلاج الكيميائي لسرطان الكبد(ارشيفية)

طارق قابيل: استخدم فريق من الباحثين المصريين من كلية العلوم في جامعة القاهرة -بالاشتراك مع كلية الطب البيطري بجامعة كفر الشيخ- سمّ النحل ومكونه النشط لتقليل الجرعة المستخدمة من العلاج الكيميائي لسرطان الكبد.

وتناول البحث -المقرر نشره في عدد نوفمبر/تشرين الثاني المقبل من دورية "بيو أورجانيك كيمستري" (Bioorganic Chemistry)- الآلية التي يحفز بها السم ومكونه النشط دواء السورافينيب‏، لقتل الخلايا السرطانية، وتأثير إضافة سم النحل على العلاج.

سرطان الخلايا الكبدية

احتل "سرطان الخلايا الكبدية" (Hepatocellular Carcinoma) المرتبة الأولى بين جميع الأورام الخبيثة من حيث الإصابة والوفيات المرتبطة بالسرطان في مصر.

وتنتشر اضطرابات الكبد في جميع أنحاء العالم وعادة ما تخضع للتطور السريع، وقد تنتهي بسرطان الخلايا الكبدية، وهو سرطان الكبد الأساسي السائد بنسبة 90% والذي تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يموت أكثر من مليون مريض بسببه عام 2030.

والعلاج الكيميائي القياسي المعتمد لسرطان الخلايا الكبدية المتقدم هو "سورافينيب" (Sorafenib)، وهو دواء يُستعمل في علاج اللوكيميا النخاعية الحادة، وسرطان الكلى، وعلى الرغم من أنه أظهر فعالية سريرية في مرضى سرطان الكبد، فإنه يصعب تحمله بسبب آثاره الجانبية الضارة التي تشمل: سمية جلدية، إسهال، فقدان الشهية، غثيان، قيء، فقدان وزن، بحة في الصوت، إرهاق مع ارتفاع نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم، النزيف.

علاوة على ذلك، فإن معظم المرضى الذين خضعوا لعلاج سورافينيب يبدون مقاومة له في النهاية، إنها عملية معقدة ولم يتم فهمها تماما بعد، وهناك محاولات حالية لإيجاد بديل أو مساعد آمن لسورافينيب.

البحث عن بديل آمن

أظهرت المركبات الطبيعية مؤخرا فعالية كبيرة في علاج السرطان بما في ذلك المستخلصات النباتية والمنتجات البحرية، بالإضافة إلى مستخلصات مفصليات الأرجل مثل سموم النحل والعناكب والثعابين والعقارب.

ومن المعروف أن لسم النحل تأثيرا مانعا لتخثر الدم، كما أنه يحرض الجسم على إفراز هرمون الكورتيزون، ولذلك يفيد في علاج المفاصل ويزيد مناعة الأجسام ضد الأمراض.

ويحاول البعض استخدام منتجات النحل المختلفة كفرع من فروع الطب البديل ويسمى العلاج بالنحل "الأبيثيرابي" (Apitherapy). وقد قام كثير من المعالجين باستخدام لسعة النحل كعلاج منذ أكثر من 5 ألاف سنة، لاضطرابات مثل الصداع وآلام المفاصل والحساسيات الجلدية.

وحقق سم النحل نجاحات علاجية مؤخرا ضد أنواع مختلفة من السرطانات بما في ذلك الثدي والمبيض والمثانة والرئة والكبد والبروستاتا من خلال آليات مختلفة مثل موت الخلايا المبرمج والنخر وقمع الانتشار السرطاني، وتغييرات في دورة الخلية.

ويحتوي سم النحل على العديد من المكونات الببتيدية، بالإضافة إلى مكونات غير ببتيدية مثل الأحماض الأمينية الحرة والدهون والكربوهيدرات، وتعود الخصائص العلاجية لسم النحل إلى مكونه النشط "الميليتين" (Melittin) وهو المكون الرئيسي (من 40-60% من الوزن الجاف لسم النحل)، وهو ببتيد أساسي يتكون من 26 حمضا أمينيا، وهو المادة الرئيسية المسببة للألم في سم نحل العسل "أبيس ميليفيرا" (Apis mellifera).

سم النحل ومكونه النشط

ذكرت الدراسات الحديثة أن الميليتين له خصائص مختلفة مضادة للسرطان، بما في ذلك احتباس دورة الخلية، والبدء في موت الخلايا المبرمج وتثبيط النمو في مختلف الخلايا الخبيثة، بالإضافة إلى عمله كمضاد للجراثيم والالتهابات والفيروسات.

وهذا يجعل من سم النحل والميليتين بصفة خاصة مرشحين مناسبين كعوامل محتملة مضادة للسرطان في حد ذاتها أو كمواد مساعدة للعلاج الكيميائي للسرطان.

تقول غادة حسن -الباحثة الأولى للدراسة والحاصلة على الماجستير في التكنولوجيا الحيوية والباحث بمعمل زراعة الخلايا وأبحاث الخلايا الجذعية في كلية العلوم بجامعة القاهرة- لموقع الجزيرة نت إن "مشكلة العلاج المعتمد لسرطان الكبد أنه يتسبب في آثار جانبية غير مرغوب فيها، والعلاج المستمر بالسورافينيب لفترات طويلة يسبب مقاومة الجسم للدواء، ولهذا استهدفت دراستنا تقليل الجرعة المستخدمة في العلاج باستخدام مادة مساعدة طبيعية وآمنة على الخلايا السليمة وهذا ما وجدناه بالفعل في سم النحل ومكونه النشط".

وكان أهم ما يميز الدراسة الحالية هو اكتشاف أن سم النحل ومكونه النشط يقويان تأثير العلاج الكيميائي ضد الخلايا السرطانية، من خلال استهداف مسارات النقل التي تؤدي مجتمعة إلى موت الخلايا، كما أظهرت الدراسة أنه لا يوجد فرق ملحوظ بين تأثير سم النحل أو مكونه النشط على العلاج الكيميائي.

وتقول غادة حسن "على الرغم من أن الدراسة لم تظهر فرقا كبيرا بين تأثير سم النحل ومكونه النشط؛ فإني أرشح استخدام المكون النشط لأنه يمكن تصنيعه كيميائيا، وتعديله جينيا وإنتاجه بكميات كبيرة عن طريق تطبيقات الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية".

وتري حسن أن "هذه الدراسة يمكن أن تفتح مجالا جديدا لعلاج آمن ضد سرطان الكبد سواء باستخدام الميليتين كعلاج منفرد أو بالجمع بينه وبين السورافينيب بعد إجراء الدراسات الإكلينيكية (السريرية)" اللازمة.

ولكنها في الوقت نفسه تحذر من استخدام وخز النحل وسمه بطريقة مباشرة للعلاج، وأوصت ألا يتم العلاج بسم النحل سواء عن طريق اللسع المباشر أو عن طريق حقن سم النحل إلا عن طريق مختص بهذا النوع من المعالجة لأنه يجب حساب الجرعات التي يتم تناولها بشكل علمي للوصول إلى نتائج مؤكدة، وعلاج ناجع.

 

المصدر: الجزيرة







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي