دراسة جديدة.. تلقِّي الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 يعزز الصحة النفسية!

Getting the first dose of COVID-19 vaccine boosts mental health
2021-09-21

كتب حسن يحيى*

 

في تقرير نشره موقع «ميديكال نيوز توداي» أوضح فيه أن الاضطرابات النفسية الناشئة عن جائحة كورونا يمكن أن يخففها إلى حد كبير تلقي الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19.

وفي مطلع مقاله أشار الكاتب إلى أن جائحة كوفيد-19 أدَّت إلى ارتفاع كبير في الاضطرابات النفسية حول العالم. فيما خلصت دراسة حديثة في الولايات المتحدة إلى أن الحصول على الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 أدَّى إلى تحسن كبير في الصحة النفسية. وعلى وجه التحديد فحص الباحثون الصلة بين تلقي جرعة من لقاح كوفيد-19 والتحسن القصير المدى في الصحة النفسية.

قد تساعد النتائج في تفسير كيف تؤدي عوامل الإجهاد المرتبطة بالجائحة إلى تفاقم ضائقة الصحة النفسية، وكيف تساعد اللقاحات في الخروج منها.

تحسُّن كبير

وأوضح الكاتب أن جائحة كوفيد-19 تسببت في اضطراب الجوانب الحيوية في حياة الناس – المالية، والعملية، وتلك المتعلقة بممارسة الحياة الاجتماعية – مما يحتمل أن تؤثر على صحتهم النفسية. ونجَمَ عن ذلك زيادة الضائقة النفسية لدى الناس في العديد من دول العالم.

وتظهر إحدى الدراسات أن مستويات الاضطراب النفسي ارتفعت في الولايات المتحدة في مارس (آذار) 2020، ولم تعد إلى مستويات ما قبل الجائحة إلا في أغسطس (آب) 2020. ويعزو الباحثون هذا الاتجاه إلى عوامل مختلفة، بما في ذلك الخوف من تأثير الجائحة على الاقتصاد، والمخاوف بشأن العدد المتزايد لحالات كوفيد-19، وإجراءات التباعد الجسدي.

ومع إطلاق لقاحات كوفيد-19، شرعت مجموعة من العلماء في دراسة للموازنة بين حالات تحسُّن الصحة النفسية لدى الأشخاص الذين تلقوا لقاحًا وحالات التحسُّن لدى أولئك الذين لم يتلقوا لقاحًا. وتظهر النتائج في مجلة «بلوس وان (PLOS ONE)» للطب النفسي الاجتماعي.

وخلُص العلماء إلى أن «الحصول على الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 أدَّى إلى تحسُّن كبير في الصحة النفسية، بما يتجاوز التحسُّن الذي تحقق بالفعل منذ أن بلغ الاضطراب النفسي ذروته في ربيع عام 2020». وشرح المتعاون الرئيس في الدراسة، الدكتور فرانسيسكو بيريز-آرس، الاقتصادي في جامعة جنوب كاليفورنيا في واشنطن، الدراسة التي بدأت في مارس 2020 لموقع «ميديكال نيوز توداي».

وقال: «في وقت مبكر جدًّا من الجائحة، في مارس 2020، بدأنا لجنة لتتبع الآثار المتعددة للجائحة على العديد من النتائج، بما في ذلك الصحة النفسية. وأجاب أعضاء اللجنة، وهم من المستجيبين في دراسة فهم أمريكا (Understanding America Study)، على الاستطلاعات كل أسبوعين أو نحو ذلك؛ مما سمح لنا بتتبع المسارات في العديد من المتغيرات، مثل الصحة النفسية وحالة التطعيم».

وخلُص إلى أن «النظر إلى تأثير الحصول على التطعيم يسمح لنا بدراسة المدى الذي يؤدي به تقليل المخاطر الصحية إلى تخفيف الضائقة النفسية».

الدراسات الاستقصائية للاضطرابات النفسية وحالة التطعيم

وأجرى الدكتور بيريز-أرس وزملاؤه استبيانًا على 8003 مشاركين بالغين في المدة ما بين 10 مارس 2020 حتى 31 مارس 2021. لقد طلبوا من المشاركين، الذين وقع عليهم الاختيار من «دراسة فهم أمريكا»، وهي دراسة طولية تمثيلية على المستوى الوطني للأمريكيين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر، إكمال موجتين دراسيتين على الأقل.

وأجاب المشاركون عن أسئلة تتعلق بحالة لقاح كوفيد-19 لديهم ومستويات الاضطراب النفسي المبلغ عنها ذاتيًّا، والتي قاسها الباحثون بعد ذلك باستخدام استبيان صحة المريض (PHQ-4) المكون من أربعة عناصر. وفي المدة من 1 أبريل (نيسان) 2020 حتى 16 فبراير (شباط) 2021، قاس مؤلفو الدراسة الردود كل أسبوعين. وبعد هذه المدة، قاسوها كل أربعة أسابيع. وإجمالًا تألفت البيانات الإجمالية من حوالي 157 ألفًا و227 ملاحظة من موجات المستجيبين.

تفسير النتائج

وحلَّل مؤلفو الدراسة البيانات باستخدام مؤشرين: مستويات الاضطراب العقلي، ووضع التطعيم. وقاسوا مستويات الضائقة بمساعدة استبيان صحة المريض، والذي يستخدم عنصرين لكل منهما لقياس أعراض الاكتئاب والقلق، على الترتيب.

وصنَّفوا الإجابات لكل قسم بين صفر وأربع، ثم لخَّصوها لإنشاء نطاق مؤشر بين صفر و16. وتتوافق الأرقام الأعلى على المقياس مع المستويات الأعلى من الاضطراب النفسي.

واعتبارًا من ديسمبر (كانون الأول) 2020 أجاب المستجيبون عما إذا كانوا قد تلقوا الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19. وبِناءً على الإجابات عيَّن العلماء قِيمًا محددة للمشاركين. واستخدموا هذه القيم لموازنة مسار الصحة النفسية للأشخاص الذين تلقوا لقاحًا في مرحلة ما أثناء إجراء الدراسة بمسار الصحة النفسية لأولئك الذين لم يتلقوا لقاحًا مطلقًا.

وتظهر النتائج أن كلتا المجموعتين كان لهما اتجاه مماثل حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، عندما أصبح اللقاح الأول متاحًا. وبعد هذه النقطة كان هناك اختلاف ملحوظ في المستويات الأساسية للصحة النفسية في كلتا المجموعتين. وأدَّى ذلك بالباحثين إلى استنتاج أن هناك تأثيرات مباشرة قصيرة المدى للحصول على الجرعة الأولى من اللقاح.

وعلاوةً على ذلك لاحظوا أن تأثير اللقاحات على الصحة النفسية تمتد إلى الآخرين ممن لم يتلقُّوا اللقاح. ويشرحون ذلك قائلين: «يمكن للفرد الذي لم يتلقَّ اللقاح أن يستمر في الاستفادة من معدلات الانتشار المنخفضة بين السكان، وقد يصبح أقل قلقًا بشأن أحبائه، وقد يستفيد من الفرص الاجتماعية، والاقتصادية المتزايدة».

وتشارك سارة ماكين، المؤسس والرئيس التنفيذي لخدمة «ماكين ويلنس»، وهي خدمة استشارية للصحة النفسية عبر الإنترنت، هذه الفكرة. تقول سارة لموقع «ميديكال نيوز توداي»: «قد يكون من المفيد للجمهور ملاحظة أن اللقاح لا يخفف من الضغط النفسي لمن تلقوا اللقاح فحسب، بل أيضًا لأولئك الذين لم يتلقوا اللقاح».

وأضافت: «وبالنظر إلى أن خيار تلقِّي التطعيم من عدمه أصبح مسيسًا، يبدو أن معرفة وجود لقاح أمر مفيد للجميع. ويمكن أن تساعد هذه المعلومات في تقليل المشاعر القوية على كلا الجانبين، وخلق مساحة للمحادثة».

وبالإضافة إلى ذلك أخبرت سارة «ميديكال نيوز توداي» أنه على الرغم من التحسُّن في الاضطرابات النفسية المرتبطة باللقاح، لا يكون الشعور بالتحسن موجودًا لدى الجميع. وتابعت: «فيما يخص العديد من الأشخاص لا تزال العودة إلى «الوضع الطبيعي الجديد» فكرة مخيفة، و(مخاوفهم) صحيحة تمامًا».

الحاجة إلى المزيد من العمل

واختتم الكاتب مقاله بالقول إنه على الرغم من أن البحث يُعد من الأنباء الإيجابية، فإنه لا يخلو من قيود. على سبيل المثال: أوضح الباحثون أن الفروق في الفرز ربما لعبت دورًا. بمعنى آخر: قد يكون الأشخاص الذين لديهم مخاطر أقل للإصابة بالاكتئاب أكثر ميلًا لاتخاذ قرار الحصول على لقاح.

يأمل المؤلفون للدراسة أن تتعمق الأبحاث المستقبلية في هذه النتائج أكثر لفهم السبب وراء ملاحظتهم هذا التغيير في الاضطراب العقلي.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي