خليل زاد: خروجنا من أفغانستان كان أسوأ من «الانسحاب السوفياتي»

الشرق الأوسط
2021-09-16

المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زادواشنطن -  معاذ العمري - كشف السفير زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي الخاص إلى أفغانستان، عن التفاصيل الأخيرة التي سبقت سقوط كابل في أيدي حركة «طالبان»، والحديث الذي دار بينه وبين الملا عبد الغني برادار في الدوحة حول تأمين العاصمة الأفغانية، متطرقاً أيضاً إلى انهيار الحكومة الأفغانية السابقة.

وعلى مدار الفترة الماضية؛ ظل خليل زاد غائباً عن وسائل الإعلام والرأي العام، إلا إنه كسر صمته في حوار مع مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أول من أمس. وقال: «يعتقد كثيرون أنني من هندس الانسحاب الأميركي (...) ربما هذا إطراء، ولكن عليّ القول إن لكل إدارة أميركية أسلوبها في التعامل. إدارة بايدن كانت ماضية في عمليات الانسحاب».

واعترف زاد بأن الخروج الأميركي من أفغانستان كان «أسوأ من الانسحاب السوفياتي» عام 1989، قائلاً: «شعرت بخيبة أمل كبيرة من الطريقة التي غادرنا بها. لقد فعلنا شيئاً ضخماً مع الأفغان مرة أخرى بعد الانسحاب السوفياتي... تخلينا عنها. لم يكن علينا أن نفعل ذلك. كان يجب أن نبذل قصارى جهدنا للاستجابة لتوق الشعوب إلى السلام، من خلال التقريب بين الأطراف والتشجيع على التوصل إلى اتفاق». وأقرّ بأن الاستثمار الأميركي في أفغانستان والجيش والدولة كان كبيراً، وبأن سقوطها بهذا الشكل كان أمراً صادماً.

وتحدث خليل زاد في حواره عن الأيام الأخيرة التي سبقت سيطرة «طالبان» على كابل، وتفاصيل اجتماعه في الدوحة مع رئيس وفد الحركة الملا عبد الغني برادار. وكشف عن أنه حاول الضغط على «طالبان»، حتى لا يؤدي هجوم محتمل على كابل إلى صراع من شأنه أن يدمر العاصمة ويهدد حياة الملايين، معتقداً أن اندلاع معارك شوارع كان من الممكن أن يؤدي إلى كارثة، وأن هذا من شأنه أن يتعارض مع الاتفاقية التي أبرمتها واشنطن مع الحركة.


وأوضح: «العنصر الثالث في الاتفاقية التي عقدناها مع (طالبان) والذي يعدّونه مقدساً، ينص صراحة على المفاوضات بين (طالبان) والأفغان الآخرين؛ بما في ذلك الحكومة، من أجل حكومة إسلامية جديدة. واتفقنا على أنهم سيفعلون ذلك لمدة أسبوعين بحيث يبقون على أبواب كابل، ويأتي وفد من كابل ومنهم الرئيس السابق حامد كرزاي، وعبد الله عبد الله، والوزير محمد آصف رحيمي، والوزير محمد معصوم ستانيكزاي، وعدد قليل من الآخرين، (بهدف) تكوين الحكومة الجديدة الشاملة، ولكن ليس تقاسم السلطة بنسبة 50 - 50 في المائة، وهو ما كان اقتراحنا لهم في وقت ما. ووافقت (طالبان) على ذلك. لكن جدالهم كان حول من سيكون رقم واحد. أرادت (طالبان) أن يستبدلوا بالرئيس أشرف غني أحد أعضائها، وكان غني يرفض قبول ذلك».

إلا إن الأمور اختلفت عندما انسحبت الحكومة الأفغانية، والتقى مرة أخرى خليل زاد مع برادار في الدوحة برفقته الجنرال كينيث ماكينزي قائد «القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط». تساءل حينها برادار عن الجهة التي ستتحمل مسؤولية أمن كابل بعد مغادرة الرئيس غني البلاد، فجاء الرد الأميركي من الجنرال ماكينزي، الذي قال: «لقد أوضحت لك مهمتي في أفغانستان»؛ أي إن القوات الأميركية موجودة فقط لإجلاء الأميركيين والفئات المستحقة الأخرى. وأشار إلى أن واشنطن حذّرت «طالبان» من التحرك في المناطق التي توجد بها القوات الأميركية، أو من تهديد وجودها. وقال إن الحركة ستخاطر بهجوم أميركي في حال تعرضت مصالحها لأي اعتداء. وفي الواقع لم تهاجم «طالبان» القوات الأميركية لمدة 18 شهراً، منذ إبرام الاتفاقية معهم.

وعند حديثه عن الحكومة الأفغانية، قال خليل زاد إن كثيرين توقعوا انهيار الوضع في غياب القوات الأميركية، إلا إنهم رجّحوا أن يستغرق الأمر سنوات عدّة. وقال: «لقد أجريت كثيراً من المحادثات مع غني... كان يرى أن (طالبان) لن تكون قادرة على الانتصار عسكرياً. لقد كان يؤمن بذلك بحماس شديد وبقوة، إلى أن أحاط مقاتلو الحركة بكابل».

في سياق متصل، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن على اتصال منتظم مع باكستان بشأن الوضع الأفغاني. وقال نيد برايس؛ المتحدث باسم الخارجية في مؤتمر صحافي، إن تخفيف المحنة الإنسانية عن الشعب الأفغاني يصب في مصلحة الجميع، مضيفاً أن ذلك يشمل باكستان ودولاً قد تكون أبعد من ذلك، وإن باكستان دعت مراراً إلى تشكيل حكومة شاملة مع دعم واسع في أفغانستان.

جاء ذلك رداً على سؤال حول تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قال فيه إن بلاده ستقيّم علاقاتها مع باكستان. وأوضح برايس: «ما كان يشير إليه الوزير، هو أننا سنواصل التطلع إلى باكستان ودول أخرى في المنطقة للوفاء ببياناتهم العامة، وبطرق مختلفة، لدعم شعب أفغانستان والعمل بشكل بنّاء ليس فقط معنا؛ ولكن أيضاً مع المجتمع الدولي، للتأكد من أن الأولويات التي نتشاركها والتي تشمل الشواغل الإنسانية، تتعلق بحقوق ومكاسب الشعب الأفغاني على مدار العشرين عاماً الماضية، وكذلك مخاوف مكافحة الإرهاب، التي يتعين علينا جميعاً التأكد من أننا نسير بالنسبة لها جميعاً في الاتجاه نفسه».







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي