برود جو بايدن تجاه السلام العربي - الإسرائيلي يعزز ملكية الجمهوريين لاتفاقات أبراهام

2021-09-14

بايدن منشغل بأولوياته

يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لاتفاق السلام التاريخي بين إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة، لكن البيت الأبيض ترك للجمهوريين الاحتفال بهذه المناسبة في خطوة تشير إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يقوم بجر السلام العربي الإسرائيلي إلى السياسات الحزبية.

واشنطن - تجاهلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الاحتفال بالذكرى الأولى لتوقيع اتفاقات أبراهام وهو ما بعث برسائل مفادها أن الإدارة الجديدة تريد حصر هذه الاتفاقات في خانة حزبية ضيقة وليس كإنجاز أميركي حققه الرئيس الأميركي السابق الذي ينتمي للحزب الجمهوري.

ويقود فريق دونالد ترامب السابق في الشرق الأوسط الاحتفال بإنجازه الدبلوماسي متطلعا إلى انتخابات 2024.

ومنح تجاهل بايدن للاتفاقات فرصة لصهر ترامب جاريد كوشنر، الذي توسط في الاتفاقات كمستشار للبيت الأبيض، للتذكير بإنجاز السياسة الخارجية الذي حققته الإدارة السابقة.

ويعقد “معهد اتفاقات أبراهام للسلام” الذي أنشِئ حديثا، والذي شارك كوشنر في تأسيسه، مأدبة غداء بمناسبة الذكرى السنوية في فندق “فور سيزنز” في قسم جورج تاون بواشنطن اليوم، والتي ستتميز بحلقة نقاش مع سفراء من الدول الثلاث الموقعة. كما سيشارك المغرب والسودان اللذان وقعا اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل أيضا.

حضور باهت للديمقراطيين

جوناثان إتش. فيرزيجر: اللامبالاة التي تعاملت بها إدارة بايدن مع الحدث تعكس صممها

وساهم الملياردير البارز والمتبرع في الحزب الديمقراطي حاييم صبان في تأسيس المعهد، وهي الخطوة التي تهدف ظاهريا إلى تعزيز دعم الحزبين للسلام في الشرق الأوسط، لكن الخطوة مازالت منقوصة ما لم يأت معها دعم رسمي من الإدارة الأميركية.

وسينظم ديفيد فريدمان السفير الأميركي لدى إسرائيل خلال إدارة ترامب احتفالا بمناسبة الذكرى السنوية في القدس الشهر المقبل وهو ما يعزز ملكية الجمهوريين للاتفاقيات بحسب  جوناثان إتش. فيرزيجر في مقال لمجلة “فوريين بوليسي”.

وأسس الدبلوماسي السابق مؤخرا مركز فريدمان للسلام، والذي سيقدم جائزته الافتتاحية لوزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو وسيعرض خلال هذا الحدث فيلما وثائقيا عن اتفاقيات أبراهام شاركت في إنتاجه شبكة الثالوث للبث، التي تعدّ أكبر شبكة تلفزيونية دينية مسيحية في الولايات المتحدة.

وقال فيرزيجر “يبدو أن بومبيو يضع نفسه كمرشح جمهوري محتمل للرئاسة في حال اختار ترامب عدم الترشح، واثقا من أن دوره في تسهيل الاتفاقات سيحشد الدعم من المسيحيين الإنجيليين المحبين لإسرائيل، الذين يشكلون جزءا صريحا من القاعدة الجمهورية”.

وأضاف “هناك الكثير للاحتفال به، حيث كانت هذه الاتفاقيات هي أولى اتفاقيات السلام التي توقعها أي دولة عربية مع إسرائيل منذ 26 عاما. وعلى عكس العداء الذي أعقب اتفاق 1979 مع مصر ومعاهدة 1994 مع الأردن، تعهدت الدول العربية الأربع التي وقعت على اتفاقيات أبراهام بتطوير علاقات شعبية مع الدولة العبرية.

وفي حين أن إسرائيل والعديد من دول الخليج تعاونت منذ فترة طويلة سرّا في مجال الدفاع والاستخبارات، فإن القائمة التي جمعتها الإمارات مؤخرا تتضمّن 63 مثالا على التعاون العام مع إسرائيل الذي بدأ خلال العام الأول من السلام وحده.

وتشمل الأمثلة سفارة إماراتية جديدة في تل أبيب وأبحاثا مشتركة حول فايروس كورونا واتفاقا مع صندوق الثروة السيادية “مبادلة للاستثمار” في أبوظبي لشراء حصة بقيمة مليار دولار في منصة غاز متوسطية مملوكة لشركة شيفرون والعديد من شركات الطاقة الإسرائيلية”.

مشهد لا يريد بايدن استرجاعه

ويعتقد الكاتب الأميركي أن ما تم تحقيقه يستحق الاهتمام إذ ازدهرت السياحة على الرغم من القيود الوبائية كما شهد العام الماضي سفر حوالي 200 ألف إسرائيلي إلى الإمارات العربية المتحدة، وخاصة دبي، حيث تقدم الفنادق الآن خدماتها للمسافرين الإسرائيليين.

وقال فيرزيجر”عندما يفتتح معرض دبي إكسبو في أكتوبر ستكون إسرائيل لأول مرة في حدث من هذا القبيل في العالم العربي، من بين 191 دولة بجناح رسمي”.

وبحسب فيرزيجر فإن صمود الاتفاقيات مثير للدهشة أمام الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال السنة الأولى لتوقيع الاتفاق وخاصة حرب غزة التي استمرت 11 يوما.

وعلى الرغم من أن حماس وجماعات مسلحة أخرى أطلقت أكثر من 4 آلاف صاروخ على إسرائيل وأن الضربات الجوية الإسرائيلية دمرت أجزاء من غزة خلال نزاع مايو، مما أسفر عن مقتل 260 شخصا في غزة و 13 في إسرائيل، لم يقطع أي من الشركاء العرب في الاتفاقات العلاقات مع إسرائيل كما كان الأمر في الماضي.

ويسجل  فيرزيجر ما وصفه بخيبات الأمل التي أثارت استياء الإماراتيين، بعد أن علقت إدارة بايدن في البداية صفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار رافقت الاتفاقات بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز أف – 35 وطائرات دون طيار من نوع أم كيو - 9 ريبر (تمت الموافقة على الصفقة في أبريل).

وأشار أيضا إلى ضغوط تتعرض لها الحكومة الإسرائيلية من قبل مناهضين للبيئة قائلا “تحتج جماعات حماية البيئة في إسرائيل على صفقة للإمارات لاستخدام خط أنابيب عبر إسرائيل يلتف على قناة السويس كاختصار لتصدير النفط إلى البحر المتوسط ​​والأسواق في أوروبا وأميركا الشمالية.

ويقول منتقدون يحاولون وقف المشروع إنه يهدد الشعاب المرجانية الحساسة والشواطئ حول ميناء إيلات على البحر الأحمر، المحطة الجنوبية لخط الأنابيب. كما أنهم قلقون بشأن تكرار تسرب 2014 النفطي في صحراء وادي عربة، عندما انفجر خط الأنابيب ولوث 1.3 مليون غالون من النفط الخام محمية طبيعية”.

ويشكك مراقبون في ما إذا كانت الاتفاقات ستساعد الجمهوريين حقا على العودة إلى البيت الأبيض.

وقال فيرزيجر “لا يمكن للنصر الدبلوماسي الملحمي أن ينقذ ترامب (أو رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، في هذا الصدد). وقد وصف كلاهما الاتفاقات بأنها نتاج لمهاراتهما السياسية الشخصية. ولكن كانت هناك الكثير من الأسباب الأخرى لرفض الناخبين لها، ليس أقلها سوء إدارة الاستجابة للوباء في بلدانهم”.

ووعد بايدن، بمجرد توليه منصبه، بدعم الاتفاقات العربية الإسرائيلية، لكنه اتخذ خطوات مناهضة للاتفاقات.

وسربت وسائل إعلام أميركية في يوليو الماضي أن بايدن جمد صندوق أبراهام الذي أعلنت إدارة ترامب عن تدشينه في سبتمبر 2020 لدعم مشاريع التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والدول العربية.

وقال فيرزيجر “ألمح بايدن بشكل غامض إلى الاتفاقات دون قناعة واضحة في اجتماعه في المكتب البيضاوي في التاسع والعشرين من أغسطس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت.

ولكي نكون منصفين، فقد طغى التفجير الانتحاري في مطار كابول على هذا الاجتماع، والذي قُتل فيه أكثر من 180 شخصا، من بينهم 13 من أفراد الجيش الأميركي.

وقال مساعدون للصحافيين في وقت لاحق إن البيت الأبيض نشط وراء الكواليس لحث المزيد من الدول العربية على التواصل مع إسرائيل”.

اتفاق التطبيع!

تسعى الإدارة الأميركية إلى أجندة أوسع لتقليل مشاركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع توسيع تركيزها على المنافسة الجيوسياسية في آسيا

تسعى الإدارة الأميركية إلى أجندة أوسع لتقليل مشاركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع توسيع تركيزها على المنافسة الجيوسياسية في آسيا

وينبع افتقار إدارة بايدن للحماس العلني من عدة عوامل بما في ذلك جهودها لإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين، وهي مصدر قلق حقيقي للسياسة الأميركية وقضية سياسية متزايدة الأهمية بين الناشطين الديمقراطيين.

كما تسعى الإدارة لإعداد أجندة أوسع لتقليل مشاركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع توسيع تركيزها على المنافسة الجيوسياسية في آسيا.

وفي نفس الوقت لا يبدو بايدن مرتاحا لإنجاز دبلوماسي وثيق الصلة بترامب الذي يحتقره. يمتد ذلك إلى اقتران الاسم الذي اختاره ترامب “أبراهام” بالاتفاقات، والتي يُزعم أن وزارة الخارجية الأميركية تفضل تسميتها “اتفاقيات التطبيع”.

ويعدّ الاتجاه سيئا لأن هذا الاسم كان بمثابة ضربة رئيسية في صياغة الاتفاقات، وقطع جميع أنواع الحواجز السياسية والعاطفية التي طالما فرقت الإسرائيليين والعرب؛ حيث استوعب فريق ترامب قوة الرموز الدينية التي يتردد صداها لدى الجانبين في هذه الأراضي العريقة، وهذا ما لا يراه بايدن. وكان اسم أبراهام محوريا في قبول الاتفاقات لأن الرجل يحظى باحترام المسلمين واليهود.

وعندما هاجم المنتقدون اتفاقيات أبراهام باعتبارها خيانة للفلسطينيين وتمويها لصفقة أسلحة ضخمة، رد الموقعون ببرود أن الاتفاقية تمثل مصالحة تاريخية بين أبناء عمومتهم القدامى المقيدون بجذور ثقافية مشتركة ويجب أن تكون بمثابة نقطة انطلاق نحو السلام في الشرق الأوسط.

وقبل تحطيم المحظورات السياسية لإقامة علاقات مفتوحة مع إسرائيل زرعت الإمارات بالفعل بذور الاتفاقات عن طريق رفع الستار عن الجالية اليهودية السرية في البلاد ودعوة البابا فرانسيس للاحتفال بالقداس في أبوظبي، حيث توجد جالية مسيحية مغتربة كبيرة. وفي خطوة تبشر بمسار جديد للتعايش بين الأديان كشفت الإمارات عن خطط في 2019 لبناء مجمع صلاة ضخم في عاصمتها يسمى “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي سيحتوي على مسجد وكنيسة وكنيس عند افتتاحه العام المقبل.

ورأى القادة الإماراتيون أنه سيكون من المفيد جعل اليهود أكثر قبولا لمواطنيهم قبل الكشف عن العلاقات الاستراتيجية الوثيقة التي أقامتها الحكومة بالفعل مع إسرائيل، التي هي العدو الرئيسي للعالم العربي في الجزء الأكبر من القرن الماضي.

وشدد فيرزيجر على أن “اللامبالاة التي تعاملت بها إدارة بايدن مع الذكرى السنوية القادمة لاتفاقات أبراهام تعكس صممها.

حيث يعدّ السماح لترامب بالاحتفاظ بملكية هذا الإنجاز في صنع السلام العربي الإسرائيلي وعدم العمل بقوة لتوسيع نفوذه خطأ من المؤكد أن الجمهوريين سيستفيدون منه وهم يخططون لعودتهم إلى البيت الأبيض في غضون ثلاث سنوات أخرى”.

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي