ما الذي يدفع التوترات المتصاعدة بين الجزائر والمغرب؟

2021-09-06

قطعت الجزائر في 24 أغسطس/آب علاقاتها الثنائية المتدنية بالفعل مع المغرب، معلنة أن هذا يرجع إلى "الأعمال العدائية" للمملكة واتهمتها بالتورط في حرائق الغابات التي اجتاحت منطقة القبائل في وقت سابق من ذلك الشهر. ويسلط التوتر المتزايد بين البلدين الضوء على عدم اليقين الإقليمي وقد يؤدي إلى نهاية تعاونهما المحدود في قطاع الطاقة. 

تاريخ صعب

يتمتع البلدان بتاريخ طويل من العلاقات المتوترة، والتي تكمن وراءها قضايا أيديولوجية سياسية ومسائل ترسيم الحدود والتنافس على النفوذ الإقليمي.

خاض المغرب والجزائر حربًا حدودية قصيرة بعد استقلال الأخيرة عن فرنسا في خريف عام 1963، ولطالما دعمت الجزائر جبهة البوليساريو في كفاحها ضد المغرب للسيطرة على الصحراء الغربية.

وقد تم إغلاق الحدود البرية بين البلدين رسميًا منذ عام 1994، وهو قرار اتخذته الجزائر من جانب واحد عقب اتهامات مغربية بأن الجيش الجزائري كان وراء هجوم إرهابي في مراكش عام 1994. وقد دعت القيادة المغربية، بما في ذلك الملك "محمد السادس"، مرارًا وتكرارًا إلى إعادة  فتح الحدود، وهو أمر رفضه القادة الجزائريون باستمرار.

ومع ذلك، نجح البلدان في إيجاد سبل محدودة للتعاون حول خط أنابيب الغاز الذي ينقل الغاز الجزائري عبر المغرب وإلي إسبانيا والأسواق الأوروبية الأخرى، بالرغم من أن مستقبل هذا الترتيب أصبح الآن موضع شك.

لكن هذا الشهر، وصلت التوترات بين الجزائر والمغرب إلى مستوى لم يسبق له مثيل منذ سنوات، رغم أن المواجهة العسكرية الشاملة لا تزال غير مرجحة.

وقد رفع البلدان من وجودهما العسكري على طول الحدود، وبينما تظل احتمالات نشوب نزاع مسلح منخفضة، فإن التوتر المتزايد يوفر لكل منهما ما يكفي من الوقود لصرف الانتباه عن القضايا الداخلية الأكثر خطورة.

في الواقع، ظل التحدي الأكبر للقيادة العسكرية الجزائرية يتمثل في كيفية إقناع السكان الذين يركزون على الداخل بأن المغرب يمثل تهديدًا لرفاههم أكبر من التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية الداخلية.

إن كراهية العسكريين الجزائريين والنخبة الحاكمة وشكوكهم في المغرب عميقة وتعود إلى الصراع الحدودي في الستينيات والتوترات الإيديولوجية في حقبة الحرب الباردة.

 لم تعد مخاوف الجزائريين القدامى من مخططات الرباط لـ "المغرب الكبير" واقعية، ولكن مع ذلك، فإن الآراء المتشددة للمغرب والمخاوف بشأن خططه التوسعية لا تزال قائمة بين كبار الضباط العسكريين في الجزائر. لذلك تظل طموحات المغرب المتزايدة لزيادة نفوذه السياسي والاقتصادي الإقليمي مقلقة للبعض في الجيش الجزائري.

 أسباب جديدة للصراع

لقد أضافت الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية الأخيرة الكثير من الشكوك والتوتر المستمر بين الجارتين. لقد وجه اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية ضربة للجهود الجزائرية لإبقاء المغرب معزولًا بشأن هذه القضية. وبالرغم من أن النزاع لم يتم حله بأي حال من الأحوال، فإن اعتراف الولايات المتحدة يعد فوزًا كبيرًا للمغرب وبالتالي، في لعبة المحصلة الصفرية، تعد هذه خسارة للبوليساريو. كما أن الجزائر حذرة للغاية من تنامي التعاون المغربي الإسرائيلي حيث قام البلدان بتطبيع العلاقات كجزء من الصفقة التي أبرمت مع إدارة "ترامب" والتي منحت المغرب اعترافًا أمريكيًا بمطالبها بالصحراء الغربية.

لا تزال الجزائر مؤيدًا أيديولوجيًا قويًا للقضية الفلسطينية، وكانت شديدة الانتقاد لقرار المغرب بتطبيع العلاقات. ومما زاد من الغضب الجزائري أن تورط المغرب المزعوم في فضيحة برنامج التجسس "بيجاسوس" أثار إدانات واتهامات بالتجسس على المسؤولين الجزائريين وكبار القادة العسكريين.

 وزاد التوتر بين وزير الخارجية الجزائري "رمطان لعمامرة" مع سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، "عمر هلال"، في يوليو/تموز بشأن الصحراء الغربية، من حدة الخلاف.

ورداً على إعادة تأكيد "لعمامرة" على دعم الجزائر لتقرير المصير، دعا "هلال"، كما فعل بشكل استفزازي من قبل، الجزائر إلى تبني نفس الدعم لتقرير المصير في منطقة القبائل المضطربة منذ فترة طويلة.

وبالرغم من اللكمات الحادة ضد الجزائر، فإن القيادة المغربية تلقي باللوم على الجزائر في التصعيد وتفسرها على أنها وسيلة للقيادة الجزائرية لحفظ ماء الوجه بينما تتجنب دعوات الملك "محمد السادس" الأخيرة لإعادة فتح الحدود وتحسين العلاقات.

في أغسطس/آب، عندما اجتاحت حرائق الغابات منطقة القبائل، عرض المغرب على الجزائر طائرتين من طائرات مكافحة الحرائق الكندية. ولكن الجزائر، بالرغم من عدم وجود أسطول إطفاء خاص بها، رفضت العرض.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي