القاهرة تخشى أزمة مياه مع ركود الدبلوماسية العالمية بشأن سد إثيوبيا

2021-08-30

تكشف النقوش الهيروغليفية التي يبلغ عمرها 4 آلاف عام، التي تم نقشها على حجر في جزيرة سهيل على طول نهر النيل في جنوب مصر، الآثار المدمرة للجفاف والمجاعة على المصريين القدماء. وتعتبر مواسم الفيضانات السيئة في عهد الملك المصري "زوسر" من أقدم ما يذكرنا بمخاوف مصر الوجودية بشأن الأمن المائي والجفاف.

وبصرف النظر عن الانحرافات الطبيعية التي تسببت في الجفاف الذي دام 7 أعوام قبل 4 آلاف عام، تواجه مصر الآن أزمتين يمكن أن تؤديان إلى تفاقم مشاكل المياه، تغير المناخ وسد النهضة الإثيوبي الذي تم بناؤه حديثا. وفي الوقت الحالي، يبدو أن هذا الأخير هو الشاغل الأكثر إلحاحا للمصريين.

ومع مناخ شبه صحراوي، تعتمد مصر على نهر النيل في 95% من إمداداتها المائية. ويعتمد أكثر من 85% من الزراعة في مصر على مياه نهر النيل، الذي يُقدَّر كأب للأنهار الأفريقية نظرا لطوله الذي يمتد لمسافة 6 آلاف و670 كيلومترا ويتدفق عبر 10 دول أفريقية. ومصر ملزمة بزيادة استهلاكها من المياه لإطعام سكانها المتزايدين مع التقلص الوشيك لإمدادات المياه. 

ومن المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة مستويات سطح البحر، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة، وانخفاض الوصول إلى المياه العذبة في مصر.

 

ومن ناحية، يمكن أن تغمر الظواهر المناخية المتطرفة الأراضي الزراعية الساحلية بفيضان النيل، ما يؤدي إلى فشل المحاصيل وانعدام الأمن الغذائي. ومن ناحية أخرى، تخشى مصر من تفاقم موجات الجفاف بسبب الحرارة الشديدة الممتدة وكذلك انخفاض إمدادات المياه من سد إثيوبيا الضخم للطاقة الكهرومائية، أو ما يعرف بـ"سد النهضة". ويبدو أن العداء بين إثيوبيا ومصر بشأن مسألة استخدام المياه يقترب من طريق مسدود مع عواقب وخيمة.

وتعتبر إثيوبيا سد النهضة، الذي كلف بناؤه 4 مليارات دولار، كنزا وفخرا وطنيا من شأنه أن ينتشل أكثر من 65 مليون شخص من الفقر من خلال "الكهربة الجماعية". وعلقت أديس أبابا أملها على سد النهضة كمحفز لتنميتها الاقتصادية. ودفع العديد من الإثيوبيين تكاليف بناء السد العملاق عن طريق شراء سندات حكومية. لذلك، ستلتزم بخطتها للوفاء بوعدها بالكهرباء بغض النظر عن الخلافات مع دول المصب مثل مصر والسودان.

وقامت إثيوبيا بملء سد النهضة للمرة الأولى بـ4.9 مليارات متر مكعب من المياه في يوليو/تموز 2020. وأكملت الملء الثاني بما يقرب من 13 مليار متر مكعب من المياه في يوليو/تموز الماضي، وهو ما فاجأ مصر والسودان وزاد من تأجيج التوترات.

من هنا، دقت السلطات في القاهرة والخرطوم ناقوس الخطر بشأن الإجراءات الأحادية التي اتخذتها أديس أبابا، وافتقارها للشفافية والتنسيق والاتفاق معها بشأن استخدام المياه.

وفي مواجهة الجمود بعد انهيار المفاوضات من خلال الاتحاد الأفريقي في أبريل/نيسان، أحالت مصر نزاع السد مع إثيوبيا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران من هذا العام. وقدم أعضاء جامعة الدول العربية دعمهم للقاهرة والخرطوم بشأن قضية النيل في يونيو/حزيران 2021، ودعوا جميع الأطراف إلى وقف الإجراءات أحادية الجانب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي