
لا تنتهي سلسلة العرب الاميركيين الذين لعبوا دورا كبيرا في الحياة السياسية وأثروا تأثيرا بالغا في الرأي العام الاميركي. فمن رالف نادر، احد اهم مئة شخصية في تاريخ اميركا، الى هيلين توماس اول امرأة تترأس جمعية مراسلي البيت الابيض، فإدوارد ديب الذي ساهم في تأسيس اهم المنظمات في ميشيغن، نصل في هذا العدد من «صدى المميزون» الى جيمس ابو رزق اول عربي اميركي يفوز بمنصب سيناتور (1973-1979).
دافع ابو رزق عن قضايا كثيرة، واحتج على تدخل اللوبي اليهودي وسيطرته على الكونغرس حتى غدى انتقاد اسرائيل حكم اعدام للحياة السياسية لمن يتجرأ. عارض السياسات الخارجية للادارة الاميركية في الشرق الاوسط وفيما بعد في حرب العراق.
ولد ابو رزق لمهاجرين لبنانيين في 24 شباط (فبراير) 1931، في مدينة وود، ساوث ديكوتا. حصل على شهادة في الهندسة المدنية 1961، ثم درجة الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق، جامعة ساوث ديكوتا في فيرميليون، وعمل محاميا في الولاية.
انتخب نائبا في مجلس النواب الاميركي (1971-1973) ومن ثم سيناتور عن ولاية ساوث ديكوتا (1973-1979).
في اوائل السبعينيات، وبعد فوزه بمقعد سيناتور، زار لبنان وبعض الدول العربية الاخرى وتفاجأ بأن ما يحدث في الشرق الاوسط غائب كليا عما يحدث ويتداول في واشنطن، وقرر بعدها عدم الترشح لدورة جديدة وانغمس في ممارسة القانون والدفاع عن قضايا عادلة ابتداء من التمييز العنصري الممارس ضد العرب الى الدفاع عن حقوق السكان الاصليين للبلاد وصولا الى مناهضة تدمير البيئة.
اسس في العام 1980 «اللجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) وهي منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للعرب الاميركيين والمطالبة بسياسة خارجية معتدلة تجاه الشرق الاوسط. ويشغل حاليا منصب الرئيس، ويشغله دون ان يتقاضى عنه اي عائد مالي.
في دفاعه عن قضية العرب الاولى، فلسطين، نادى ابو رزق بالملأ «ان المشكلة الرئيسية هي الاحتلال غير المشروع من قبل الاسرائيليين وهو السبب وراء كل ذلك العنف وما يفعله الفلسطينيون هو المقاومة مثلما هو حال اي شعب تحت الاحتلال».
واعلن ابو رزق في اكثر من مناسبة انه «وحتى نوقف الاحتلال، على الرئيس الاميركي وجماعته والمتطرفين الصهيونيين ان يوقفوا دعم اسرائيل سياسيا وماليا... عندما تتوقف اموال دافعي الضرائب الاميركيين بالتوجه الى اسرائيل ستوقف الأخيرة الاحتلال وتتقهقر الى حدود 1967، وسيتوقف العنف هناك. ولأنني واقعي فاني اعلم ان ايقاف استعمال مال الشعب الاميركي لن يتم قريبا».
لذلك اتهمه مناصروا اسرائيل بأن العرب قد اشتروا موقفه: «ان كنت مع الاسرائيليين فانك صاحب ضمير اما ان كنت مع العرب فانك مُشترى».
وحاول ابو رزق بشتى الطرق ان يوقف التسلط المالي الذي يمارسه مناصروا اسرائيل على اعضاء الكونغرس: «ان اللوبي الاسرائيلي يأخذ المرشحين الى مقاعد الكونغرس في رحلات الى اسرائيل يسميها تثقيفية وما هي الا محاولة لعرض وجهة النظر الاسرائيلية واستمالتهم الى الجانب الاسرائيلي ودعمهم بالمال مع تعهدات خطية على دعم قضايا اسرائيل والمرشحون يعلمون انهم من دون تلك الاموال لن يستطيعوا الفوز وسيربح مناوؤوهم... علمتُ من تجربتي الشخصية كيف يهين اللوبي الاسرائيلي الاعضاء الذين يتخطون الخط».
وهاجم ابو رزق الرئيس الاميركي جورج بوش وللطريقة الممنهجة التي يصور بها العرب، فهو يرى، في مقالة كتبها، ان هذا الموقف «لن يتوقف طالما يؤجج عبر الرئيس بوش والكونغرس والاعلام. سمعنا كثيرا عن المسلمين المتطرفين الذين يمارسون الارهاب فهل سمعنا احدا ينعت ادولف هتلر بالتطرف المسيحي، او حتى تيموثي ماكفي الذي ارتكب تفجير أوكلاهوما بأنه ارهاب مسيحي. لدرجة ان هذا الخطاب عاد سوءا عليه، فعندما اراد ان يقنع الاميركيين بعقد ميناء دبي قال بأن هؤلاء العرب لا بأس بهم فلم يصدقه احد».
في مسألة العراق، اعلن انه «ضد الحرب الدائرة» وعارضتها منذ بدايتها، وسافر الى العراق في 2002 في مهمة لاقناع العراقيين بالسماح لمفتشي اسلحة الدمار بالعودة الى العراق بعدما اخرجهم كلينتون حتى يتسنى له قصفها. قال للعراقيين «ان الرئيس بوش قد بيت النية على الغزو وحتى تردوا حجته عليكم ان تسمحوا بالمفتشين بالعودة» وسمح العراقيون بعودة المفتشين رغم ان طارق عزيز قال له صراحة «انهم سيهاجموننا فعلنا ام لم نفعل». واخبره عزيز بأن الدفعة الاولى من المفتشين كانوا جواسيس وارادوا الدخول الى القصور وجلبوا معهم اجهزة «جي بي اس» وهي على ما يعتقد عزيز انظمة للاستهداف.
يقول ابو رزق «ان خداع بوش وجماعته امر غير مسبوق في التاريخ» وان الرسالة التي ترسلها الادارة الاميركية في تعاملها مع حجة الدمار الشامل في العراق او السلاح النووي في ايران مقارنة بالذي يحدث مع كوريا الشمالية هو انك لن تكون في مأمن من التدخل العسكري الاميركي «الا اذا امتلكت سلاحا نوويا!».
وليس هناك سيناتور سابق او حالي يتجرأ على القول «ان الارهاب لم يحدث من فراغ، انها نتيجة لأناس فقدوا اي امل واقتنعوا بأنهم لن يسترجعوا كرامتهم دون طرد المحتل. ان اول ارهاب ارتكب في الشرق الاوسط كان من قبل مجموعات يهودية على الاخص عصابات «ستيرن» و«ارغون» وللدهشة فان زعيما هاتين العصابتين كانا ميناحيم بيغن واسحق شامير الذين اصبحا فيما بعد رؤساء حكومة في اسرائيل. ان الادارة الاميركية تنعت مقاومات كـ«حماس» و«حزب الله» بالارهاب لأن السرائيل طلبت منها ذلك، مع انهم ينظر اليهم في العالم العربي على انهم مقاتلون من اجل الحرية لاخراج الاحتلال، حتى القتال في العراق سببه الاساسي الاحتلال الاميركي».