كيف تساهم الصناعات العسكرية الأمريكية في تفاقم أزمة المناخ؟

We Can’t Fight the Climate Crisis Without Fighting the Military-Industrial Complex
2021-08-20

نشرت مجلة «جاكوبين» الأمريكية تحليلًا أعدَّته أريل جولد، محللة سياسات الشرق الأوسط، استعرضت فيه الحديث عن حيثيات أزمة المناخ، وضلوع الولايات المتحدة في هذه الأزمة، نظرًا إلى خوضها حروبًا متعددة وصناعتها وبيعها للأسلحة، ذلك أن واشنطن مسؤولة عن 37% من تجارة الأسلحة العالمية.

وخلُصت الكاتبة إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تجد حلًّا للصراعات التي تورطت فيها، وأن تكُف عن خلْق صراعاتٍ جديدة، وأن تقلل من إنفاقها العسكري.

مخاوف من تداعيات الاحتباس الحراري

تستهل الكاتبة تحليلها بالقول: أكَّد تقرير فريق الأمم المتحدة الحكومي الدولي المعني بتغيُّر المناخ، الذي صدر في هذا الأسبوع، الوضع المأساوي الذي نخشاه منذ أمد بعيد على كوكبنا: ونتيجة لفشل الدول في اتخاذ إجراءات تتعلق بالمناخ، أصبح من المؤكد الآن أن ظاهرة الاحتباس الحراري وتداعياته المناخية القاسية سوف تتضاعف على مدى الثلاثين عامًا القادمة.

وردًّا على التقرير، قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، إنها «كود رد» موجَّهة ضد البشرية (كود رد عبارة عن دودة حاسوب تهاجم أجهزة الكمبيوتر).

ومن الصعب أن نبالغ في حجم أزمة المناخ. ووفقًا للتقرير الصادر عن الأمم المتحدة، من المؤكَّد تقريبًا أن السنوات الثلاثين القادمة ستشهد تعرُّض مليار شخص في جميع أنحاء العالم إلى موجات حر تُهدِّد حياتهم. وسوف يتأثر مئات الملايين من الأشخاص بالجفاف الشديد. وستعتمد إمكانية أن يصبح المستقبل أكثر سوءًا أم لا على إمكانية بلوغ ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية بحد أقصى.

ومع أن الَّلوم يقع على كواهل كثير من الناس بسبب تقاعسهم عن العمل الذي أوصلنا إلى هذه النقطة، يجب كبح جماح أحد المتورطين على وجه الخصوص في هذه الأزمة، وهو: المَجْمَع العسكري الصناعي الأمريكي.

الصناعات العسكرية الأمريكية وأزمة المناخ

يؤكد التحليل أن الجيش الأمريكي أكبر مستهلك صناعي للنفط والغاز، وأحد أكبر مصادر التلوُّث في تاريخ العالم. ووفقًا لتقرير جامعة براون، بين عامي 2001 و2019، تسبَّبت الحرب الأمريكية في أفغانستان في انبعاث 1.2 مليار طن متري من الغازات الدفيئة، كما أسفرت الحرب عن إزالة الغابات وحرق الذخائر السامَّة.

ولا يقتصر هذا الأمر على تنفيذ العمليات العسكرية الأمريكية، ذلك أن الولايات المتحدة مسؤولة عن 37% من تجارة الأسلحة العالمية. وخلال السنة المالية 2020، باع صُنَّاع الأسلحة الأمريكيون أسلحة تزيد قيمتها على 175 مليار دولار إلى البلدان الأجنبية، واشترت السعودية 24% من هذه الأسلحة.

وينوِّه التحليل إلى أن الحرب التي تقودها السعودية وتدعمها الولايات المتحدة في اليمن، أدَّت إلى نشوب أزمة إنسانية كبيرة لدرجة أن كل 10 دقائق في اليمن يموت طفل دون الخامسة من عمره بسبب سوء التغذية. وبالإضافة إلى ذلك، ومنذ بداية الحرب في عام 2015، كانت ناقلة نفط لم تخضع للصيانة ومُحمَّلَة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام مُتوقِفة على بُعد أربعة أميال شمال ميناء الحُديْدَة اليمني المُحاصَر.

وتدهورت الناقلة الآن تدهورًا خطيرًا بسبب الصدأ، وأضحت عُرْضة لخطر الانفجار. ووفقًا لمنظمة السلام الأخضر، إذا انفجرت هذه الناقلة، فسيبلغ تأثيرها أكثر من أربعة أضعاف تأثير تسرُّب نفط إيكسون فالديز في عام 1989 (دمَّر تسرب نفط إكسون فالديز شاطئ المحيط بمضيق الأمير ويليام، مما أدَّى إلى تقليص عدد الكائنات البحرية).

بيع الأسلحة إلى إسرائيل

وعلى غرار مبيعات الأسلحة إلى السعودية، تؤدي صادرات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل إلى تفاقم الأزمة. وخلال السنة المالية 2020، صدَّرت الولايات المتحدة أسلحة تبلغ قيمتها 441 مليون دولار إلى إسرائيل. وأثناء الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي استمر 11 يومًا على غزة في مايو (أيار) 2021، لم تقتصر تداعيات الهجوم على مقتل أكثر من 250 شخصًا في غزة و13 آخرين في إسرائيل ونزوح 40 ألف شخص آخرين في غزة فحسب، ولكن قصفت الأسلحة المتفجِّرَة أكبر مخازن المبيدات الحشرية ومصنع «فومكو» في غزة، الذي يُخزَّن فيه مواد كيميائية خطيرة.

وتستدرك كاتبة التحليل قائلة: وبدلًا من أن تساعد إدارة بايدن قطاع غزة المُحاصَر في البنية التحتية اللازمة مثل معالجة مياه الصرف الصحي، إذ تُعد 97% من المياه في القطاع غير صالحة للاستهلاك الآدمي بسبب التلوث، تصدَّت الإدارة الأمريكية للحرب التي اندلعت في مايو 2021 عن طريق إعلان موافقتها على بيع ذخائر إضافية تبلغ قيمتها 735 مليون دولار لإسرائيل. وبعد شهرين، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع أسلحة تبلغ قيمتها 3.4 مليار دولار إلى تل أبيب.

وأعرب كثير من المراقبين عن أملهم في أن يؤدي انتخاب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة إلى انخفاض مبيعات الأسلحة الأمريكية والإنفاق العسكري. ولكن تبلغ الميزانية التي اقترحتها إدارة بايدن للسنة المالية 2022 نحو 753 مليار دولار، بواقع زيادة بنسبة 2% عن ميزانية السنة المالية السابقة.

ميزانية أمريكية عسكرية

ويؤكد التحليل أن ميزانية بايدن المُقترحَة للسنة المالية 2022، تتضمَّن تخصيص 2.6 مليارات دولار لأنظمة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، و5 مليارات دولار لغواصة صواريخ نووية جديدة، و3 مليارات دولار لقاذفات القنابل من طراز بي-21 (التي تستهلك وقودًا تقريبًا في الساعة الواحدة يساوي متوسط استخدام السيارة على مدى سبع سنوات) و15.7 مليار دولار لبرامج الأسلحة النووية، و12 مليار دولار لطائرات من طراز جوينت سترايك فايتر.

وفقًا لصحيفة «Dagsavisen» النرويجية، تستهلك الطائرة المقاتلة من طراز إف-35 مزيدًا من الوقود بواقع 60% عن سابقتها من طراز إف-16، فضلًا عن أنَّها واجهت مشكلات. وسوف يؤدي تحطُّم طائرة من طراز إف-35، التي تحمل بين 10 آلاف رطل من المواد القابلة للاحتراق و2700 رطل من وقود الطائرات، إلى وابل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وتنص صحيفة وقائعية بشأن ميزانية بايدن للسنة المالية 2022 الصادرة عن البيت الأبيض في أبريل (نيسان)، على أن ميزانية البنتاجون المُقترحَة «تعطي الأولوية لمسألة مكافحة التهديد الذي تُمثِّله الصين بوصفها أكبر التحديات التي تواجهها الإدارة الأمريكية» بينما تدَّعي أيضًا أنها تدعم «الجهود المبذولة لوضع خُطط لتأثيرات تغيُّر المناخ وتخفيفها».

ولكنَّ هذين الهدفين متناقضان. وعلى الرغم من أن إنفاق الصين على جيشها ارتفع ليبلغ 76% خلال العَقْد الماضي، يبلغ عدد سكانها 4.35 ضعف عدد سكان الولايات المتحدة، وفي عام 2020، أنفقت بكين 252 مليار دولار على جيشها. وأنفقت الولايات المتحدة 778 مليار دولار.

وتختتم الكاتبة تحليلها بالقول: حتى نتصدى لحالة المناخ التي وصفها تقرير الأمم المتحدة الجديد بشأن المناخ بأنها «كود رد» موجَّهة ضد البشرية، يجب أن تتعاون الولايات المتحدة مع الصين بدلًا من أن تتنافس معها وتحاربها. وحتى نمنع حدوث نتائج كارثية أسوأ من النتائج الكارثية القائمة بالفعل، يجب أن تجد الولايات المتحدة حلًّا للصراعات التي تورطنا فيها بالفعل وأن تتوقف عن خلْق صراعات جديدة.

ويجب أن نُخفِّض إنفاقنا العسكري، وأن نغلق قواعدنا العسكرية، وأن نتوقف عن بيع الأسلحة، لا سيما للدول التي تتسبَّب على نحوٍ نَشِط في الأزمات الإنسانية والبيئية وتؤدي إلى تفاقمها، ذلك أن حياتنا وكوكبنا يعتمدان على قدرتنا على صُنْع السلام.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي