ماذا يعني انتصار طالبان بالنسبة لدول الخليج؟

2021-08-20

يتعين على دول الخليج التعامل مع واقع متغير وغير واضح بعد الانسحاب الأمريكي الفاشل من أفغانستان، وهو الحدث الذي تصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. ويجب على كل دولة من دول الخليج استخراج الدروس المستفادة من كارثة الولايات المتحدة ثم اكتشاف كيفية رسم مسار إلى الأمام.

فهل أثبت قرار الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بالانسحاب أنه رجل انعزالي حقا، وهل ينذر بانسحاب أمريكي أكبر من المنطقة؟ وهل ينبغي للسعوديين أن يروا أن خروج أمريكا من كابل مرتبط بطريقة ما بالقرار الأمريكي المفاجئ بسحب أصول الدفاع الجوي من المملكة؟ وهل ينبغي لقطر أن تقلق من أن خطاب "بايدن" الذي يلقي فيه باللوم على حلفائه الأفغان ينذر بمزيد من الخطاب الذي يربط استضافة الدوحة لقيادة طالبان باتفاق الدوحة في فبراير/شباط الذي أدى إلى قرار الانسحاب؟ وهل يفهم الحوثيون الرسالة ويقرروا مواصلة الحرب الأهلية في اليمن حتى النصر النهائي بينما يخدرون الجميع من خلال المفاوضات؟

بالتأكيد، إذا عادت طالبان إلى سياساتها السابقة وأطلقت العنان لاضطهاد النساء والأقليات كما أظهروا في المرة الأخيرة التي كانوا فيها في السلطة، فإن أي دولة خليجية مرتبطة بهم تخاطر بتشويه سمعتها لدى المجتمع الدولي.

أما العراق، الذي يقبع تحت الاحتلال الأمريكي هو الآخر، فقد شهد تطورات مماثلة من قبل. فقد تغاضت الولايات المتحدة عن مستويات عالية بشكل غير طبيعي من الفساد المالي والسياسي في بغداد. ويقول البعض إن واشنطن لم تتغاض فقط بل شجعت هذا النمط من الفساد.

وكان هذا الفساد منتشرا ومنهكا لدرجة أنه تسبب في تفكك الجيش العراقي قبل هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" بعد 3 أعوام من الانسحاب الأمريكي عام 2011. وتعد أوجه التشابه مع ما حدث في أفغانستان واضحة للغاية. ولكن في العراق، ظهرت الميليشيات المحلية المدعومة من إيران وقاتلت تنظيم "الدولة الإسلامية" حتى وصلت إلى طريق مسدود سمح لأمريكا بالعودة. وفي حالة أفغانستان، شددت الولايات المتحدة على أنها لن تعود، ما دفع الميليشيات المحلية إلى الاستسلام.

وفي هذه الأثناء، عندما تهدأ حالة الفرح الإيرانية بإذلال أمريكا، يجب على حكام ذلك البلد مواجهة التحديات التي يفرضها حكام أفغانستان الجدد، والتي تضاف إلى قائمة مشاكلها الأخرى، بما في ذلك توقف مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة واستمرار العقوبات الأمريكية وفق حملة "أقصى ضغط".

وقد تشهد الفترة المقبلة انتهاء الاستقرار النسبي على الحدود الشرقية لإيران والذي كانت تضمنه القوات الأمريكية في أفغانستان. علاوة على ذلك، بصفتها أكبر دولة شيعية في العالم، فإن لإيران مصلحة في الدفاع عن نفوذها على أقلية الهزارة الشيعية في أفغانستان، وهي أقلية ارتكبت حركة طالبان ضدها إبادة جماعية في التسعينيات.

فهل تستطيع طهران عقد صفقة مع طالبان توفر استمرار الاستقرار، أم تبدأ طالبان مرة أخرى في قمع الهزارة ومهاجمة المصالح الإيرانية كما فعلوا في عام 1998؟ كما تمثل التدفقات المحتملة للمهاجرين تحديا إضافيا، ففي المرة الأخيرة التي كانت فيها طالبان في السلطة في أفغانستان، فر أكثر من 2 مليون أفغاني إلى إيران ولم يغادروا أبدا، ما أدى إلى إجهاد شبكة الأمان الاجتماعي الإيرانية المنهكة بالفعل.

 تجدد الإرهاب

ويحتفل الجهاديون من كل الأطياف في منطقة الخليج بانتصار نادر لتنظيم جهادي على الهيمنة الأمريكية. ومن المرجح أن يجلب انتصار طالبان في أفغانستان اهتماما جديدا بالأيديولوجية الجهادية، التي تراجعت إلى حد كبير بين العديد من الشباب الساخطين في الخليج بعد الهزيمة الساحقة لتنظيم "الدولة الإسلامية"

وفي ظل حكم طالبان، قد تكون أفغانستان موقعا مثاليا لمعسكرات تدريب الجهاديين. بالرغم من تطمينات طالبان، فلا توجد ضمانة لعدم الترحيب بالمقاتلين الأجانب مرة أخرى.

وبالرغم أنها ليست دولة خليجية، بالمعنى الدقيق للكلمة، فإن سكان باكستان وسياساتها وجغرافيتها الاقتصادية تربط ثرواتها ارتباطا وثيقا بثروات الخليج. ومن شبه المؤكد أن باكستان تعتبر سيطرة طالبان على أفغانستان انتصارا كبيرا لسياستها الخارجية. فبعد كل شيء، تستحق إسلام أباد التقدير والامتنان من طالبان لتوفيرها ملاذا آمنا للتجنيد، وملاذا من الضربات الجوية، ومرورا مجانيا إلى أفغانستان. ومع ذلك، يخشى المراقبون لشؤون باكستان من أن تكون إسلام آباد خلقت وحشا لا تستطيع السيطرة عليه.

وتعد طالبان الأفغانية متطابقة أيديولوجيا مع حركة طالبان باكستان، وقد طور فصيلا طالبان علاقات استراتيجية وثيقة، ما يهدد بعواقب مستقبلية على أمن باكستان. ولزيادة تعقيد الحسابات الباكستانية، فقد أصبحت التنظيمات الجهادية (التي كانت منشغلة بالقتال ضد الأمريكيين في أفغانستان) مستعدة لمهاجمة الهند في كشمير وخارجها، بموافقة إسلام أباد أو بدونها.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي