أزمة لبنان الاقتصادية تضع حزب الله في معضلة سياسية حرجة

2021-08-16

يتعرض لبنان لأسوأ أزمة اقتصادية منذ تأسيسه، حيث انهارت الليرة اللبنانية، واستُنفدت احتياطيات الدولار في البنك المركزي، ويتصاعد التضخم، كما تشكل نسبة السكان الذين يعيشون في فقر الآن 80%، فيما يتسبب لـ"حزب الله" في معضلة سياسية حرجة.

يتجاوز معدل الفقر بين الشيعة البلاد ككل، كما تم استنفاد موارد "حزب الله" الخاصة بشدة بسبب العقوبات الأمريكية والقيود المالية على داعمه الأجنبي الرئيسي إيران، وهو ما قوّض قدرة الحزب الشيعي الأكبر في البلاد، على رعاية الشيعة الفقراء مع تفاقم الأزمة.

وهكذا، فإن "حزب الله" في مفترق طرق، في وقت تتصاعد فيه مخاوف قاعدة مؤيديه التقليدية من ولائه لطهران، لا سيما بالنظر إلى عدم قدرتها على حل الأزمة الاقتصادية.

كما يتساءل أتباعه أيضا بشأن تحالفه مع "التيار الوطني الحر"، وهو الحزب المتهم من الكثيرين بالعرقلة العامدة لنهاية الجمود السياسي في البلاد، ومع ارتفاع التوتر الاجتماعي في البلاد، بدأ الشيعة في التعبير عن معارضتهم للحركة وقائدها "حسن نصرالله". 

 

غضب الحلفاء

في 2006، وقع "حزب الله" مذكرة تفاهم مع "التيار الوطني الحر"، وهو حزب سياسي مسيحي بقيادة "ميشال عون"، حيث أراد "عون" دعم "حزب الله" في تحقيق طموحه ليصبح رئيسا، وفي المقابل، سيساعد هو الحركة على دخول المجال السياسي، وبعد عقد من ذلك، أصبح "عون" رئيسا، بينما غدا "حزب الله" ممثل لبنان السياسي المهيمن.

ومع ذلك، ففي عام 2020، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على "جبران باسيل" (صهر عون وقيادي التيار الوطني الحر) بموجب قانون ماجنيتسكي بتهم فساد، لكن "باسيل"، الذي لديه تطلعات بالرئاسة، يعتقد أن العقوبات كانت في الواقع نتيجة لتحالفه مع "حزب الله".

لا يوجد قواسم مشتركة كثيرة بين "حزب الله" و"التيار الوطني"، إذ إن "عون" و"باسيل" مؤيدان شرسان للقومية المسيحية اللبنانية، بينما يدعم "نصر الله" المثل العليا للثورة الإسلامية الإيرانية ومرشدها الأعلى "علي خامنئي"، وبالتالي لا تعدو المعاهدة بين الطرفين كونها مجرد مقايضة

يرفض "باسيل" وجود أسلحة خارج الجيش اللبناني ويعتقد أن الجناح العسكري لـ"حزب الله" سيتعين تفكيكه في نهاية المطاف، وهو يفتقر إلى الثقة في المجموعة، المتحالفة أيضا مع حركة "أمل"، وهي منافسة شيعية لـ"التيار الوطني".

وتسببت العقوبات وتأثيرها على مسيرته السياسية، في دفع "باسيل" إلى انتقاد "حزب الله" علنا، وفي الوقت نفسه، ينمو غضب الشعب اللبناني أيضا من تصرفات "حزب الله". 

 

غضب شعبي

يخزن "حزب الله" معداته العسكرية في جميع أنحاء البلاد، حتى في المناطق السكنية،  حتى إنه خزن بعض الذخائر لدى السكان المدنيين في منطقة من جنوب لبنان تراقبها قوة مؤقتة تابعة للأمم المتحدة في لبنان، وهي منطقة ليس من المفترض أن يتواجد فيها "حزب الله".

كما إن انتهاك الحزب لاتفاق وقف إطلاق النار لعام 2006 يؤدي أحيانا إلى مناوشات مع قوات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة.

في الأسبوع الماضي، أطلق "حزب الله" عشرات صواريخ الكاتيوشا من قرية درزية على مزارع شبعا، وعندما استولى القرويون على قاذفة الصواريخ وأعتقلوا طاقمها، أعاد الجيش اللبناني القاذفة للحزب وأفرج عن رجاله، بينما قدمت وزارة الشؤون الخارجية شكوى للأمم المتحدة ضد إسرائيل.

وبرر "نصر الله" الهجوم، قائلا إن مدى الكاتيوشا لا يمكنها من الوصول إلى مزارع شبعا من القرى الشيعية، لكن الحادث غير المسبوق كسر الخوف من تحدي استخدام "حزب الله" للمدنيين كدروع بشرية ومن المرجح أن يثير رد فعل عنيف من القرويين الشيعة الخائفين من عواقب استفزاز إسرائيل.

ولو لم يقم القرويون الدروز بإلقاء القبض على رجال "حزب الله" الذين أطلقوا الصواريخ، لكان قد ألقى بالمسؤولية على المسلحين الفلسطينيين أو منظمة سرية ما، مثلما سبق أن فعل في العديد من المناسبات.

في عام 2006، أطلق "حزب الله" مجموعة صواريخ على شمال إسرائيل من قرية سنية، مما حفز ضربة انتقامية إسرائيلية أسفرت عن مقتل 23 قروي، وبعد الهجمات، علق ناشطو "حزب الله" بوسترات "نصر الله" على جدران القرية، مما أثار اشتباكات بين السكان.

كما تم إلقاء المسؤولية على "حزب الله" في انفجار ميناء بيروت المدمر العام الماضي، والذي قتل 217 شخصا، ودمر مساحات كبيرة من المدينة وشرد حوالي 300 ألفًا من السكان.

فقد خزن الحزب بشكل غير آمن آلاف الأطنان من نيترات الأمونيوم ليستخدمها النظام السوري في مستودع بالقرب من الأحياء السكنية المكتظة بالسكان.

لكن رغم مضي عام على التحقيق، لم تحقق القضية أي نتيجة لأن "حزب الله" منع القاضي المشرف على القضية من إلغاء حصانة السياسيين وأعضاء مجلس الوزراء والنواب البرلمانيين الذين عرفوا عن الشحنة المتفجرة في الميناء، حتى إن "نصرالله" أشار إلى أن إسرائيل قد تكون وراء الانفجار، مؤكدًا أن الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل يحاولون دائما إلقاء المسؤولية على "حزب الله" في أي مشكلة في لبنان.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي