لهذا الأسباب.. دعم الانتقال الديمقراطي بالسودان مصلحة خليجية

2021-08-13

بينما تنهي الحكومة الانتقالية في السودان استعداداتها لانتخابات 2022، ستواصل دول مجلس التعاون الخليجي مراجعة سياساتها لتحقيق أهدافها فيما يتعلق بالسودان.

ويبدو جليا علاقة التبعية بين السودان ودول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث لعبت القوات السودانية دورا حيويا في الحرب في اليمن، كما قامت الخرطوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين، وفضلا عن ذلك يعمل مئات الآلاف من السودانيين كمغتربين في شبه الجزيرة العربية.

ولدى السودان علاقة معقدة لكنها مهمة مع مصر، الشريك الخارجي الرئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي.

لهذه الأسباب، من الواضح أن دول الخليج ستستفيد من استقرار السودان الذي يتقبل مصالحها.

وبالرغم من نجاح عملية الدمقرطة في السودان نسبيا حتى الآن، إلا أنها من المحتمل أن تؤدي إلى نتائج معاكسة لمصالح دول مجلس التعاون الخليجي.

فقد يؤدي الضغط من أجل ديمقراطية تمثيلية إلى تقويض الأنظمة التي تتبنى الاستبداد في الخليج.

والأهم من ذلك، تخشى العديد من عواصم دول مجلس التعاون الخليجي من عودة ظهور الأحزاب الإسلامية المنظمة جيدا في نظام ديمقراطي مفتوح، كما هو الحال في مصر عندما فاز "الإخوان المسلمون" بأول انتخابات حرة في البلاد عام 2012.

من ناحية أخرى، يمثل النموذج المصري مثالا ناجحا للثورة المضادة؛ حيث جرى إجهاض التحول الديمقراطي من خلال الانقلاب العسكري.

وأدى قرب مصر المادي والسياسي من السودان إلى مخاوف من أن الجهات الخارجية، بما فيها بعض دول مجلس التعاون الخليجي، قد تسعى إلى تكرار العملية في السودان من خلال استبدال الحكومة الانتقالية بحاكم عسكري.

ومع ذلك، فإن الديكتاتوريات العسكرية تقاوم الإصلاحات الشعبية؛ مما يزيد من مخاطر الاضطرابات وعدم الاستقرار الذي سيكون له تداعيات على أمن واستقرار الخليج نفسه.

 باختصار، في حين أن عملية التحول الديمقراطي يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية لبعض دول مجلس التعاون الخليجي على المدى القصير، لا سيما بالنسبة للسعودية والإمارات، ينبغي أن تستمر هذه الدول في دعم الانتقال كما هو مخطط له لضمان الاستقرار على المدى الطويل في كل من السودان والخليج.

 

حكومة جديدة علاقات قديمة

حافظ الرئيس السوداني "عمر البشير" طوال فترة حكمه، التي استمرت 30 عاما، على توازن جيوسياسي دقيق مع إيران من جهة ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة أخرى.

وأقام "البشير" علاقات سياسية وتجارية ودية مع كلا الجانبين، كما تجنب الانحياز لطرف في الحرب الإقليمية الباردة المستمرة بينهما.

لكن في سنواته الأخيرة في السلطة، تخلى "البشير" عن حياده واتجه بعيدا عن طهران وتقارب مع الرياض وأبوظبي.

وفي عام 2015، انضم "البشير" إلى التحالف الإسلامي العسكري، وهو كتلة عسكرية بقيادة السعودية تم إنشاؤها لزيادة بصمة الرياض الإقليمية وكبح نفوذ إيران الخارجي.

وفي العام نفسه، شارك السودان في حرب التحالف العربي ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

ووضع "البشير" 4 طائرات تحت تصرف التحالف ونشر 6 آلاف جندي في الدولة التي مزقتها الحرب.

ولعبت القوات السودانية دورا رئيسيا في صد مقاتلي "الحوثي" في الساحل الغربي لليمن.

وفي مقابل دعم "البشير"، قامت دول مجلس التعاون الخليجي، والسعودية على وجه الخصوص، بإغراق الخرطوم بالقروض والمساعدات الإنمائية؛ مما وفر لـ"البشير" إيرادات تشتد الحاجة إليها بعد فقدان عائدات النفط بسبب استقلال جنوب السودان عام 2011.

وبالنظر إلى الدعم المتبادل بينهما، كان هناك شك في أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي ستعارض الإطاحة بـ"البشير" عام 2019.

ومع ذلك، أثبتت الحكومة الانتقالية الجديدة أيضًا أنها متقبلة تمامًا لمصالح دول مجلس التعاون الخليجي.

إذ واصل السودان تدخله في اليمن، وإن كان على نطاق أقل، كما انفصل بشكل حاسم عن إيران في مسائل السياسة الخارجية، فيما جنى مكاسب مالية من دول مجلس التعاون الخليجي.

وبعد الإطاحة بـ"البشير" مباشرة، قدمت الرياض وأبو ظبي 3 مليارات دولار للحكومة الانتقالية؛ مما ساعد على إبقائها واقفة على قدميها خلال الأشهر الأولى الحرجة.

وفي الوقت نفسه، حسّنت الحكومة الجديدة علاقتها مع الولايات المتحدة بشكل كبير.

وللمرة الأولى منذ 23 عاما، تبادل البلدان السفراء بعد أن حذى السودان حذو الإمارات والبحرين في الاعتراف بإسرائيل، وتمت إزالتها من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب؛ مما سمح بمزيد من الاستثمار الدولي.

وفي العامين التاليين للإطاحة بـ"البشير"، تمت قيادة السودان من قبل "ترويكا" غير عادية: "عبد الفتاح البرهان"، وهو جنرال بالجيش شارك في الانقلاب على "البشير"، و"محمد حمدان دقلو" قائد قوات الدعم السريع، و"عبدالله حمدوك"، وهو اقتصادي مدني ورئيس الوزراء الحالي للبلاد.

و بينما تبدو الحكومة مستقرة، لا تزال التوترات تحت السطح، لا سيما بين "البرهان" و"دقلو"، الذي قاوم اندماج قوات الدعم السريع التابعة له في الجيش السوداني. كما استمرت الاشتباكات المتفرقة بين الجانبين بالرغم من المفاوضات الجارية.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي