التغير المناخي يستولد مصطلحات جديدة تواكب تداعياته

أ ف ب
2021-08-01

باريس ـ  لا يؤدي التغير المناخي إلى كوارث طبيعية واضطرابات شديدة للبشرية فحسب، بل إنه يلقي بظلاله أيضا على اللغة التي تحاول مواكبة تداعياته من خلال استحداث مصطلحات تعكس تقلبات المناخ والمزاج.
وباتت ظواهر مناخية جديدة تتشكل وتتفاقم، مثل ما يُعرف بـ»زوابع النار» التي قد تحدث وقت الحرائق القوية، عندما يؤدي فارق الحرارة والرياح العاتية إلى تشكّل تيار يشفط الألسنة النارية. وقد تشتدّ هذه الظاهرة خصوصا في أستراليا وكاليفورنيا.
وتكون «عواصف النار» مصحوبة ببرق ورعد، من دون أمطار. ومن الصعب جدّا استباق أحداث من هذا القبيل، لكن القواعد الأساسية لوقوعها هي عينها. فالحرائق الكبيرة تتسبب بحرّ شديد ودخان يتصاعد في الجوّ ويتفاعل مع رطوبة الهواء ليشكّل سحابا. ويُطلق على هذا السحاب بعد إطلاقه «عاصفة نار» اسم «بايروكيومولونيمبوس». وقد شهدت أستراليا ظاهرة من هذا القبيل في 2019 و2020.
أما في المدن، فتكون موجات القيظ مصحوبة بـ «جزر حرّ حضرية صغيرة» عندما يؤدي نقص النبات وكثافة الأراضي المصطنعة والتلوث إلى ارتفاع الحرارة بعد أكثر مقارنة بالريف المجاور.
وما يثير القلق بعد أكثر هو ما يعرف بالحرارة الرطبة أو ميزان الحرارة الرطب («تي دبليو» على سبيل الاختصار في الإنكليزية). وهو مقياس يأخذ في الاعتبار الرطوبة النسبية المحيطة وأرجحية تبخّرها.
وبالاستناد إلى المبدأ القاضي بأن جسما ما لا يفقد حرارة إذا كانت هذه الحرارة الرطبة حوله أعلى من حرارته، يجمع العلماء على القول إن الإنسان لا يمكنه العيش طويلا في حرارة رطبة بمقدار 35 درجة مئوية.
وكان العلماء يظنّون أنه لن يتمّ أبدا تخطّي هذا الحدّ، لكن باحثين أمريكيين وجدوا أنه تمّ تجاوزه لفترة وجيزة في دولتين العام الماضي، هما باكستان والإمارات.
ومن المرتقب أن تشدد هيئة المناخ الأممية في توقعاتها الجديدة التي ينظر فيها راهنا 195 بلدا لتصديقها على التهديد المتزايد الذي تشكّله بعض «النقاط المناخية القاصمة» التي قد تودي بالنظام المناخي إلى تغير جذري لا رجعة عنه، وفق ما أفادت مصادر اطلعت على النسخة الأولية من تقرير الهيئة. ومن بين هذه الفرضيات، تحوّل الغابات الوارفة إلى سافانا، وهو خطر يحدق بالأمازون في أسوأ السيناريوهات.
هي حلقات مفرغة تتشكّل وتعزّز هذه التغييرات. وهي حالة غرينلاند مثلا، حيث باتت القدرة على عكس جزء من الطاقة الشمسية المعروفة بإشعاع البياض تتضاءل. فبسبب قلّة العواصف التي تجلب الثلج النضر، تزداد غرينلاند دكنة. وهذا التغير الطفيف في اللون له تداعيات. فالمنطقة التي باتت أقلّ بياضا وقدرة على عكس الضوء تحترّ بوتيرة أكثر تسارعا.
وتأتي تهديدات أخرى من التربة الصقيعية الدائمة التجمّد والتي تغطي ربع اليابسة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وهي تحتوي على نسبة كربون أعلى بمرتين من تلك الموجودة في الغلاف الجوي وتذوب بفعل الاحترار المناخي، ما يجعل منها قنبلة موقوتة.
وفي ظلّ هذه الكوارث التي تلوح في الأفق، يصرّ البعض على التقاعس بحجّة أن الوقت قد فات، متذرّعين بمبدأ القدر المشؤوم (دوميزم بالإنكليزية) في حين يغرق آخرون في نوستالجيا الأرض (سولاستالجيا) إثر تدهور الأرض وفقدان البيئة. ويسلّم بعضهم بنظرية انهيار حضارتنا (كولابسولوجي).
وفي المقابل، دفع التزام الشابة السويدية غريتا تونبرغ، أبناء جيلها إلى التحرك، فأبصر النور تيّار يُعرف بالإيطالية بـ»غريتيني».
وقد يفكّر البعض في «سياحة الفرصة الأخيرة» للتفرّج على مشاهد أو حيوانات مهددة بالاندثار. لكن آخرين سيبقون مسمرين على الأرض رافضين ركوب الطائرة في ما بات يعرف بالسويدية بـ»فلايغسكام» (أي حرفيا الخجل من ركوب الطائرة). وقد تتاح لهؤلاء فرصة مشاهدة فيلم «خيال مناخي» أو وثائقي عن «الكربون الأزرق» أي قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي