
براء الجمعة
قال أحد المتصوفة «ربي زدني فيك تحيراً»
وأقول: «وطني زدني فيك تحيراً»
فالحيرة مبدأ اليقين.
صوت التلفزيون يعلو لانخفاض رؤوسنا أمامه، يقول التقرير: «أبٌ معيلٌ لسبعة أطفال فُقدت ذراعه، وطفلٌ ذهب ليشتري ربطة خبزٍ فعانق أمه قبل أن يخرج فلربما لا يعود، وصبيةٌ ذبحها أخوها بعد أن اغتصبها حفنة جنود سُذج أغبياء، فأبدل شرفه بقبر أخته».
هذه من صور الوطن.
ليس من سبيل لدمعتنا سوى أن نستبدل المحطة بأخرى «فالوطن هذه البقعة الممتدة من المياه إلى المياه، بحلمه بالوحدة.. بألمه المشترك منذ أن أنجبه التاريخ بهمه الأوحد ما سلبه منه الغزاة «.
صورةٌ أخرى للوطن…
لربما محطاتُ التوثيق تُرضي ضميرنا.
هنا تقول المذيعة: «من هنا يطير اللقلق، يغير إقامته مهاجراً من برد الشمال السوري باحثاً عن دفء له في غابات ساحل سوريا». هو الوطن نفسه، هو منطلق الرصاصة ومستقرها، هو مستودع الموت الموقوت، هو دفء الثلجة بلحظة بهجة.
لشَدّ ما أحبك ـ أكرهك يا وطني ـ لكني لن أتغطى إلا بلحافك.
لأني يعزُّ عليَّ الفراق، سأغتالُ آخرَ صدرٍ بقلب الوطن، وخلف الحقيبة أعدو..
كاتب سوري