كيف توظّف التسويق الدفاعي للحفاظ على تميز شركتك في السوق؟

2021-07-14

تسعى الشركات بالتأكيد إلى الريادة وقيادة السوق في مجالاتها، لكنّ هذا الأمر لا يحدث بسهولة بالتأكيد، فهو يتطلب بذل الكثير من المجهود للوصول إلى الريادة. عندما تصل الشركة إلى هذا الموقع، فهذا لا يعني أنّها ستقدر على الإبقاء على مكانتها طوال الوقت، بل يجب عليها بذل مجهود أكبر لفعل ذلك. ومن هنا تبرز قيمة التسويق الدفاعي بالنسبة للشركات. إذًا كيف توظّف التسويق الدفاعي للحفاظ على تميز شركتك في السوق؟

ما هو التسويق الدفاعي؟

التسويق الدفاعي هو الممارسات التي تقوم بها الشركات الرائدة، وذلك من أجل الاحتفاظ بالحصة السوقية الخاصة بها، والإبقاء على عملائها داخل الشركة باستمرار، حتى لا تحاول الشركات الأخرى انتزاعهم، من خلال تقديم منتجات مشابهة.

في الواقع، فإنّ التسويق الدفاعي مهم لجميع الشركات، لا فقط الشركات الرائدة. وذلك بسبب تطور شكل المنافسة في العالم الرقمي، وأصبحت كل شركة مطالبة بالحفاظ على حصتها السوقية، مع التفكير في الآليات المناسبة من أجل التوسع والنمو في الحصص السوقية.

أيضاً تبرز قيمة التسويق الدفاعي لمواجهة التغيّرات المحتملة في توجّهات العملاء، فقد يحدث في الكثير من الأحيان أنّه نتيجة للأوضاع المختلفة، أو التطور في التكنولوجيا المستخدمة، أو غيرها من العوامل، يحدث تغيّر في سلوكيات المستخدمين ونظرتهم إلى المنتجات الموجودة، بالتالي من خلال التسويق الدفاعي يمكن مواجهة ذلك.

تتخطى قيمة التسويق الدفاعي كونه استراتيجية تسويقية فقط، لكنه بمثابة طريقة تفكير للشركات الكبيرة. لذا، توجد بعض العوامل التي لا بد من التفكير بها جيدًا قبل تنفيذ التسويق الدفاعي، فهذه العوامل هي التي ستحدد طريقة تطبيق الاستراتيجية.

1- ما هو الوضع الحالي لشركتك؟

يجب عليك إجراء تحليل شامل للوضع الحالي للشركة، يتضمن تسليط الضوء على بعض العناصر الضرورية، التي تؤثر في معرفة قيمة الشركة الآن، وتحدد دور التسويق الدفاعي في الحفاظ على هذه القيمة. تشمل هذه العناصر:

هوية العلامة التجارية (Brand Identity): ما هي نظرة العملاء الآن إلى العلامة التجارية؟ وما هو الوضع (Positioning) الذي تحتله الآن بالنسبة لهم؟ وكيف يصفونها إلى الآخرين؟

الحصة السوقية: ما هي الحصة السوقية التي تتمتع بها الشركة في الأسواق التي تنافس بها؟ تختلف قيمة الحصة السوقية من سوق لآخر، وعلى أساسه قد تقرر استخدام التسويق الدفاعي في أحد الأسواق لا في الجميع.

وضع السوق: ما هي حالة السوق الآن؟ هل ظروف العملاء الاقتصادية تؤثر على قرارات الشراء الخاصة بهم؟ هل يمكن تقديم حملات تسويقية جديدة إليهم أم التوقيت غير مناسب؟ هل هناك فرص مواتية يجب استغلالها؟ على العكس هل هناك تهديدات محتملة من المنافسين؟

2- ما هي الموارد التي لديك الآن؟

يعتمد تطبيق استراتيجية التسويق الدفاعي على الموارد التي تملكها، إذ هذه الموارد هي رأس مالك في اختيار الطريقة المثالية لتوظيف التسويق الدفاعي في الحفاظ على تميزك. من أهم الموارد التي يجب تقييم وجودها لديك:

الموارد التسويقية: ما هي القنوات التسويقية التي تملكها الآن؟ مثلًا هل لديك قائمة بريدية كبيرة يمكنك توظيف التسويق عبر البريد الإلكتروني لتنفيذها؟ هل تملك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي؟ يجب عليك تحديد جميع القنوات التسويقية الموجودة.

الموارد المالية: تتحكم الإمكانات المالية في تطبيق التسويق الدفاعي. فإذا أردت تطوير منتجاتك مثلًا، فهذا يعني الإنفاق على عمليات الإنتاج والتطوير، فهل تملك الشركة ميزانية كافية لفعل ذلك؟ لا بد من معرفة مقدار الميزانية التي يمكنك تخصيصها فعلًا لتطبيق التسويق الدفاعي.

الموارد البشرية: هل تملك فريقًا قويًّا يمكنه تنفيذ استراتيجية التسويق الدفاعي بالكفاءة المطلوبة؟ في النهاية تطبيق الاستراتيجيات يعتمد على الأشخاص، وبالتالي لا بد من التأكد أنّك تملك الفريق القادر على فعل ذلك.

3- إجراء تحليل SWOT للمنافسين

لا تكتفِ بالنظر إلى الأمر من زاويتك أنت فقط، لكن أيضًا احرص على التفكير في المنافسين، ومحاولة تحليل الأمور وفقًا لأوضاعهم الحالية، إذ سيساعدك ذلك على معرفة استراتيجية التسويق الدفاعي المناسبة لهم. لذا، يمكنك تحديد أكبر المنافسين لك في الأسواق المختلفة، وإجراء تحليل SWOT لكل منافس على حدة 

يشمل ذلك تحديد نقاط القوة والضعف التي يملكونها الآن، كذلك الفرص والتهديدات التي تواجههم. من خلال هذا التحليل، ستعرف الكيفية المناسبة للدفاع عن مكانتك. مثلًا إذا كان المنافس يملك نقطة قوة معينة في أسعاره، فيجب عليك التفكير في مواجهة هذا الأمر بطريقتك، مثلًا تغيير الأسعار أو التطوير في القيمة لمنتجك.

في النهاية لا يمكن منع المنافسة من الحدوث بالتأكيد، لكن الأهم هو القدرة على مواجهة ذلك بالأساليب المناسبة. لذا، هناك مجموعة من الخطوات التي يمكنك اتّباعها، وذلك من أجل تطبيق التسويق الدفاعي بالشكل المناسب، وفقًا لنتائج الفقرة الماضية. تشمل خطوات تطبيق التسويق الدفاعي:

الخطوة الأولى: تحديد أسلوب المواجهة

يجب عليك البدء أولًا بتحديد أسلوب المواجهة المناسب، وذلك وفقًا لطبيعة العملاء والسوق والمنافسة، وختامًا الموارد التي تملكها. إذ قد لا يكون بإمكانك مواجهة المنافسين بأساليب متنوعة، وقد يكون الأفضل في بعض الأحيان هو التركيز على طرق بعينها في مواجهة المنافسة.

يشمل أسلوب المواجهة تحديد إذا كانت الشركة ستركّز على نقاط القوة الخاصة بها وتطويرها باستمرار، وذلك من أجل الحفاظ على العملاء، أو تقليل معدل خسارة جزء منهم. فإذا كانت الميزة التي تملكها هي الأسعار، ستستثمر ذلك في تقديم خصومات إلى عملائها من حين لآخر.

أو إذا كانت ستركّز على مواجهة نقاط القوة الخاصة بالمنافسين، وتطبيق التسويق الدفاعي على هذه النقاط. مثلًا إذا كان المنافس يتميز في تقديم جودة أعلى في المنتجات، ستفكر أنت بشأن تطوير منتجاتك. إذا كان المنافس يتميز في تقديم سعر متميز، ستفكر أنت بشأن خفض أسعارك.

يمكنك اختيار الأسلوب المناسب لك في تطبيق التسويق الدفاعي بناءً على رؤيتك للواقع، وبالاعتماد على التحليل والأرقام التي تملكها، حتى يكون قرارك هو التركيز على العامل الأكثر أهمية بالنسبة للوضع الحالي، لا فقط تصوراتك الشخصية عن الأمر.

الخطوة الثانية: استثمار مميزاتك دائمًا

الوصول إلى الريادة في السوق، أو حتى الحصول على حصة سوقية معينة، يتطلب وجود ميزة محددة تقدمها إلى الجمهور، ويحبونك من أجلها. مثلًا جودة المنتجات الخاصة بك، أو طريقتك في تقديم المنتجات إليه، أو مستوى خدمة العملاء الاحترافي لديك.

لذا، يمكنك استثمار هذه المميزات في التسويق الدفاعي، وأيًا تكن الاستراتيجيات التي تستخدمها، فاحرص دائمًا على جعل هذه المميزات هي الأساس الذي تقوم عليه. بالتالي تضمن وصولك إلى الجمهور والتأثير بهم بالطريقة الصحيحة.

الخطوة الثالثة: المزج بين الاستراتيجيات المناسبة

من المهم في تطبيق التسويق الدفاعي أن يكون لديك القدرة على استخدام استراتيجيات مختلفة، وذلك وفقًا للسوق الذي تعمل به، وكذلك الإمكانات التي تملكها في الوقت الحالي. من أهم الاستراتيجيات التي يمكنك تطبيقها في التسويق الدفاعي:

1- تطوير منتجاتك وخدماتك: يبحث العملاء عن الأفضل في المنتجات باستمرار. ولعل هذا أحد الأسباب التي تدفعهم إلى الذهاب للمنافسين، نتيجة وجود بعض المميزات الجديدة لديهم، أو تمتعهم بإضافات لم يجدوها في منتجاتك. لذا، يمكنك استغلال هذا الأمر، والحرص على تطوير منتجاتك وخدماتك، مع الإبقاء على هوية الشركة بالطبع ومميزاتها الأساسية.

2- الإعلانات المستمرة عن مميزاتك: اعتمادًا على الخطوة الثانية، فأنت بحاجة إلى استثمار مميزاتك في الوصول إلى العملاء المحتملين، الذين لا يعرفون بعد أي شيء عن علامتك التجارية. عندما تنفق على الحملات التسويقية للترويج لهذه المميزات، وتستخدم تجارب العملاء السابقين لك، سيؤدي ذلك إلى حصولك على عملاء جدد. 

3- التعديل على أسعارك: يعد التعديل على الأسعار من الخيارات التي تساعدك على تطبيق التسويق الدفاعي، فهي شيء يهتم به العملاء دائمًا، ويرغبون في الحصول على أفضل الفرص من خلاله. يمكنك التعديل على الأسعار بواحدة من الطرق الثلاثة التالية:

الحفاظ على الأسعار بدون تعديل، مع تقديم مميزات إضافية، مثلًا شحن مجاني للمنتجات.

4- الهجوم على ذاتك: تنتشر هذه الاستراتيجية ضمن التسويق الدفاعي لدى الشركات، عندما تقرر تقديم منتجات أخرى تابعة لها، فتبدو المنتجات الأخرى الخاصة بها كأنّها قديمة. تعد هذه الحركة وسيلة للقضاء على المنافسين الذين يحاولون تقليدك، وبالتالي فلا يمكنهم فعل ذلك باستمرار، نتيجة التغيّرات التي تقوم بها.

5- إيقاظ السوق النائم الذي تنافس به: تعتمد أغلب الشركات في المنافسة على الدخول إلى الأسواق التي لا توجد بها حركة كبيرة، أي تشعر بقية الشركات بالرضا عن حصتها السوقية. لذا، يُفضل ألّا تنتظر حتى تدخل شركة أخرى لتنافسك على الحصة السوقية، بل كن مستعدًّا دائمًا لإيقاظ السوق وتقديم أفكار أخرى جديدة.

6- تحسين قنوات التوزيع: من الأشياء التي يمكنك فعلها، وتساعدك على تطبيق التسويق الدفاعي، هي أن تعمل على تحسين قنوات التوزيع التي تستخدمها، في توصيل المنتجات إلى العملاء. قد يؤدي ذلك إلى تحسين عمليات الوصول، وبالتالي زيادة المبيعات والحصة السوقية الخاصة بك.

الخطوة الرابعة: اختيار التوقيت المناسب لتطبيق الاستراتيجيات

بالطبع ليس سهلًا تطبيق جميع استراتيجيات التسويق الدفاعي في الوقت ذاته، فهذا قد يكون بمثابة هدر للموارد وتشتيت للمجهودات التسويقية الخاصة بك. لذا، أنت بحاجة إلى القيام بالأمر في إطار منظم، يعتمد على عوامل محددة.

لذا، أفضل شيء هو اختيار الوقت المناسب لتطبيق كل استراتيجية ترغب في الاعتماد عليها داخل الشركة. سيضمن لك ذلك القدرة على تقديم الحل الملائم في وقته، لتواجه المتغيرات الحادثة في السوق بالشكل المطلوب، فتقدر على إبقاء مكانتك في السوق كما هي.

الخطوة الخامسة: المراقبة المستمرة للسوق

لا يوجد ضمانات بشأن المنافسة والأسواق، وكل الشركات الكبيرة كانت مجرد شركات ناشئة في البداية. لذا، أنت بحاجة إلى مراقبة السوق باستمرار، حتى تقدر على متابعة التطورات الحادثة، ومعرفة المنافسين الذين يدخلون إلى الأسواق، فتقدر على تطوير التسويق الدفاعي لمواجهتهم بكفاءة.

ختامًا، يعد التسويق الدفاعي من استراتيجيات التسويق التي لا بد من الاهتمام بها، من أجل الحفاظ على تميزك في السوق باستمرار. لذا، احرص على التخطيط جيدًا للتسويق الدفاعي، واختيار أفضل الطرق لتنفيذه في الوقت المناسب، لتحافظ على حصتك السوقية، وتظل الريادة لك في السوق.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي