أكبر خارطة للمادة المظلمة قد توحي بخطأ آينشتاين

2021-06-13

عبد الحكيم محمود: قام فريق دولي من الباحثين بإنشاء خارطة كبيرة للمادة الغامضة غير المرئية في جميع أنحاء الكون، والتي من المقرر أن تُنشر في دورية "مانثلي نوتيسز" (Monthly Notices) التي تصدرها "الجمعية الفلكية الملكية" (The Royal Astronomical Society).

الخارطة التي وضعها فريق الباحثين -وهم أعضاء في الفريق الدولي لـ"مسح الطاقة المظلمة" (The Dark Energy Survey)- هي عبارة عن مخطط لتوزيع المادة المظلمة في جميع أنحاء الكون، وتستهدف الكشف عن انتشار المادة المظلمة وأماكن تركزها.

ومن المتوقع أن تساعد الخارطة علماء الفلك على فهم مكونات الكون وكيفية تطوره، وربما تكشف عن وجود خطأ ما في نظرية النسبية التي وضعها آينشتاين، وذلك بعد أن اكتشفوا وجود فراغات في الكون تخالف قوانين الفيزياء التي وردت في نظرية النسبية.

 

المادة المظلمة

في علم الفلك وعلم الكون؛ تُعدّ "المادة المظلمة" (Dark matter) مادةً افتُرضت لتفسير جزء كبير من مجموع كتلة الكون، وهي التي توصف بأنها المادة الأكثر مراوغة في الكون، وهي غير مرئية بشكل مباشر، ومن هنا جاء مصطلح الظلام.

ونحن لا نستطيع رؤية المادة المظلمة أو التفاعل معها بشكل مباشر باستخدام التلسكوبات، حيث إنها لا تبعث ولا تمتص الضوء أو أي إشعاع كهرومغناطيسي آخر على أي مستوى، إلا أنه يُستدل على وجودها وعلى خصائصها من آثار الجاذبية التي تمارسها على المادة المرئية والإشعاع والبنية الكبيرة للكون.

وبحسب ما جاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" (The Guardian) -في 26 مايو/أيار الماضي- فإن المادة المظلمة تشكل 27% من مساحة الكون، وقوة جاذبيتها كافية لربط مجرَّات بأكملها معا في بنية تُعرف باسم الشبكة الكونية.

 يستطيع العلماء رسم خارطة المادة المظلمة من خلال تحليل الضوء القادم من المجرات البعيدة

إنشاء خارطة المادة المظلمة

ووفقا لما أوردته الغارديان فإن علماء الفلك يستطيعون رسم خارطة المادة المظلمة من خلال تحليل الضوء الذي ينتقل إلى الأرض من المجرات البعيدة، فإذا انقطع في مواقع معينة فهذا يعني أن هناك مادة تحجبه.

وهذا ما قام به فريق مسح الطاقة المظلمة الدولي؛ حيث استخدم أساليب الذكاء الاصطناعي لتحليل صور 100 مليون مجرّة، لإنشاء خريطة تغطي ربع السماء في نصف الكرة الجنوبي، وهي تعادل ثُمن إجمالي السماء الليلية المرئي من الأرض.

وقد أظهرت الخارطة -التي أنشأها العلماء- أجزاء جديدة من الكون لم تُر من قبل، كشفت عن وجود فراغات شاسعة في السماء قد لا تنطبق عليها قوانين الفيزياء، وبالتالي فإنها يمكن أن تتحدى نظرية النسبية للعالم الشهير ألبرت آينشتاين، والتي تصف الجاذبية بالقوة التي خلقت التكتلات.

وحول الفراغات الكونية التي بينتها خارطة فريق مسح الطاقة المظلمة، يقول الدكتور نيال جفري -من كلية لندن الجامعية والمدرسة العليا بباريس والمشارك في قيادة الفريق- "تُظهِر الخريطة أجزاء جديدة من الكون لم نرها من قبل؛ حيث نرى بنية الشبكة الكونية هذه، وضمن ذلك الهياكل الهائلة المسماة الفراغات الكونية، وهي مناطق منخفضة الكثافة جدا في الكون، إذ يوجد عدد قليل جدا من المجرات وعدد أقل من المادة".

يثير هذا الاكتشاف غير المتوقع للفراغات الكونية أسئلة حول النسبية العامة لآينشتاين

خطأ آينشتاين

يثير هذا الاكتشاف غير المتوقع للفراغات الكونية أسئلة حول النسبية العامة لألبرت آينشتاين، التي تعتبر حجر الزاوية في فيزياء القرن الـ20 وأفضل نموذج للجاذبية لدينا حتى الآن، وعلى الرغم من أن النتائج لا تستبعد نماذج آينشتاين تماما؛ فإنها ليست مطابقة بشكل تام.

ووفقا للدكتور نيال جيفري فإن النتائج يمكن أن تكون "مشكلة حقيقية لعلماء الفيزياء"، فإذا نظرت إلى الكون فإن المادة ليست متكتلة كما هو متوقع، فهناك ما يشير إلى أنها أكثر سلاسة". وأوضح جيفري أنه في حال ثبتت صحة هذ الدراسة فذلك يعني أن هناك شيئا خاطئا في نظرية آينشتاين للنسبية العامة.

يذكر أن نظرية آينشتاين تُعتبر من أهم النظريّات الفيزيائيّة الحديثة؛ لما لها من دور في تغيير كثير من المفاهيم الفيزيائيّة، وقد نُشرت الأبحاث المُتعلّقة بهذه النظريّة سنة 1905، وهي أبحاث تُسمّى النسبية الخاصة، وكانت تتعلق بالإجابة عن التساؤلات حول خواص الضوء وتصرّفاته.

وقد توقع آينشتاين حدوث ظواهر فلكية مثل موجات الجاذبية. واستنادا إلى نظرية آينشتاين كان علماء فريق مسح الطاقة المظلمة الدولي للكشف عن طبيعة الطاقة المظلمة الغامضة في الكون؛ يتوقعون رؤية المزيد من التركيزات المتكتلة للمادة المظلمة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي