تصعيد عسكري وتعثر دبلوماسي.. أين تتجه أزمة اليمن؟

الاناضول
2021-05-18

الجمهورية اليمنية- محمد السامعي: عاد التصعيد العسكري في اليمن بشكل حاد خلال الأيام الماضية، إثر تعثر الجهود الأممية والدولية الرامية لوقف الحرب المستمرة منذ نحو سبع سنوات.

وعلى الرغم من تكثيف الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها الأمم المتحدة وبعض الدول الفاعلة في الملف اليمني مثل الولايات المتحدة، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم في سبيل حل الأزمة.

ولم يتم الاتفاق بعد على آلية لجعل الحكومة والحوثيين ينخرطان في مفاوضات تمهيدا لصنع اتفاق ينهي الأزمة بشكل سلمي، أو الاتفاق على آلية لفتح مطار صنعاء الدولي وتسليم مرتبات موظفي الدولة وتدفق الوقود.

ومنذ مطلع العام الجاري، كثف المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، من تحركاته الدبلوماسية بغرض إقناع أطراف الصراع بوقف إطلاق النار، تمهيدا للدخول في مفاوضات حل الأزمة.

لكن هذه التحركات اصطدمت بتباين وجهات النظر بين الحكومة والحوثيين، ما جعل المبعوث الأممي يعرب عن أسفه لعدم التوصل لاتفاق، رغم الجولات الدبلوماسية المتكررة.

والأربعاء، قال غريفيث في بيان، إنه “رغم استمرار نقاشاتنا لما يزيد عن عام، لكننا للأسف لسنا حيث نود أن نكون فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق. في الوقت نفسه استمرت الحرب بلا هوادة وتسببت في معاناة هائلة للمدنيين”.

وجاء بيان غريفيث بعد اختتامه جولة مشاورات استمرت أسبوعا في السعودية وسلطنة عمان والأردن، أخفقت كلها في إحراز أي تقدم.

وعلى الرغم من ذهاب المبعوث الأممي إلى السلطنة من أجل لقاء وفد الحوثيين المفاوض المقيم هناك، إلا أن الأخير رفض لقاءه.

هذا الأمر، أدى إلى انزعاج الولايات المتحدة التي سعت منذ أشهر عبر مبعوثها الخاص تيم ليندركينغ من أجل التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة اليمنية.

وفي 7 مايو/ أيار الجاري، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الحوثيين “فوتوا فرصة كبرى” لإظهار التزامهم بالسلام، برفضهم لقاء المبعوث الأممي في مسقط.

وحملت الوزارة في بيان، جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران، مسؤوليه تفاقم المعاناة الإنسانية في البلاد، بمواصلة هجومها على محافظة مأرب شرقي اليمن.

فيما أبلغ غريفيث مجلس الأمن الدولي، الأربعاء الماضي، بعدم قدرته على إجبار أطراف النزاع اليمني على التفاوض.

ويرى مراقبون أن رفض لقاء المبعوث الأممي من قبل الحوثيين، شكّل عقبة حقيقية أمام المساعي الدولية الرامية لوقف الحرب، ما قد يؤدي إلى استمرار المسار العسكري، الذي يسبب معاناة كبيرة بالبلاد.

ويرفض الحوثيون لقاء المبعوث الأممي، بعد اتهامه بأنه منحاز للتحالف العربي بقيادة السعودية، وأنه يمثل غطاء لما يصفوه “العدوان والحصار” على اليمن، وهو ما ينفيه غريفيث.

هذا الموقف الحوثي الذي يصفه البعض بـ”المتصلب” جعل المبعوث الأمريكي، يصرح الثلاثاء الماضي، بأن مستقبل البلاد بات محتجزا لدى الحوثيين رهينة، مشددا على ضرورة انخراط الجماعة في الحوار.

تصاعد الهجمات العسكرية

الإخفاق في الجهود الدبلوماسية، أسهم في تصاعد العمليات العسكرية باليمن، رغم الدعوات الأممية والدولية المتكررة بضرورة ضبط النفس.

وفي أول أيام عيد الفطر المبارك (13 مايو الجاري)، أعلن التحالف العربي اعتراض وتدمير 8 طائرات مسيرة و3 صواريخ باليستية أطلقت من قبل الحوثيين تجاه السعودية.

وأوضح التحالف في بيان، أن “إطلاق هذه الطائرات والصواريخ محاولات عدائية لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة”.

في المقابل، قال المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، إن “القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير” (التابعين لجماعته) تمكنا من تنفيذ عملية هجومية استهدفت شركة أرامكو ومطار نجران وأهدافاً حساسةً في مدينة نجران، جنوبي السعودية.

وأضاف سريع في بيان، أن “‏العملية الهجومية تم تنفيذها بسبعة صواريخ باليستية نوع بدر وسعير وخمس طائرات مسيرة”.

وفي اليوم ذاته، تجددت المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في عدة جبهات بمحافظة تعز، بعد هدوء نسبي استمر أسابيع.

وهاجم الحوثيون مواقع للجيش اليمني، ما أسفر عن مقتل نحو 10 من أفراد القوات الحكومية، بينهم ضباط، فيما سقط عشرات الحوثيين بين قتلى وجرحى، وفق مصادر عسكرية.

وأفادت المصادر بأن “هجمات الحوثيين جاءت في سياق محاولة صنع تحقيق تقدم ميداني فاشل”.

كما استمرت المعارك في عدة محافظات أبرزها مأرب والحديدة رغم الهدنة المتفق عليها برعاية أممية في المحافظة الأخيرة.

وخلال يومي السبت والأحد (15 و16 مايو الجاري) أعلن الجيش اليمني إسقاط طائرتين مسيرتين مفخختين أطلقهما الحوثيون على محافظتي مأرب والحديدة.

سلام مرهون بضغط على الحوثيين

في الوقت الذي أشار فيه المبعوث الأمريكي لليمن، أن مستقبل البلاد رهينة لدى الحوثيين، ثمة مراقبون يرون أن السلام مرهون بضغط دولي وأممي لإجبار الجماعة على الاستجابة لدعوات الحوار.

وقال المحلل السياسي اليمني يعقوب العتواني، إن “آخر محاولات المبعوث الأممي مارتن غريفيث في مسقط كشفت العيب الجوهري للجهود الأممية لإيقاف إطلاق النار في اليمن”.

ولفت أن “الحوثيين تابعوا رفضهم التجاوب مع الجهود الدبلوماسية، فيما لم يظهر في المقابل إن كان تعنتهم هذا سيعود عليهم بأي نوع من الضغط الدولي والأممي الحقيقي”.

وأردف: “السلام في اليمن مرهون بامتلاك اليمنيين والقوى الدولية المنادية بإيقاف الحرب أوراق ضغط فعالة ضد الحوثيين”.

واستدرك: “الوضع مرشح للتصعيد بشكل عام، والحل الدبلوماسي لا زال مستبعداً كما كان بداية الحرب ربما”.

إنهاء الحرب والمصالح الدولية

منذ بدء الحرب في اليمن، وكثير من المتابعين يرون أنها صراع بالوكالة بين السعودية وإيران، يدفع ضريبته اليمنيون الذين بات الملايين منهم على حافة المجاعة، فيما الدول الفاعلة لم تنوي بعد إنهاء النزاع بقدر اهتمامها بمصالحها.

وأفاد الصحافي اليمني محمد عبد الملك، بأنه “على مدى سنوات الحرب باليمن، بدا واضحا من خلال متابعة مسيرة مبعوثي الأمم المتحدة الثلاثة أن الرغبة الدولية لإنهاء الحرب غير حاضرة حتى مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن وصرفها الكثير من الوعود”.

وأضاف عبد الملك، أن “الكثير من الوعود الدولية اتضحت بأنها لم تتعد الإعلام ومبنية على حسابات المصالح مع الدول المشاركة في حرب اليمن كالسعودية وإيران”.

ولفت أن “دبلوماسية الحكومة اليمنية تبدو بالمقابل عاجزة عن إقناع المجتمع الدولي بنفسها، كما يوجد خلل أساسي في هرم الرئاسة والحكومة، ويبدو ذلك من خلال تغيير ثلاثة وزراء خارجية منذ بدء الحرب”.

وأردف: “مسار الأزمة يتجه إلى التصعيد، دون وجود أي أمل قريب بانفراجة سياسية تحقق السلام”.

وتشهد اليمن حربا منذ أكثر من ست سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص، وبات 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

وللنزاع امتدادات إقليمية منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي