
إيملى بيرل كنجسلى
ترجمة: خالد عبدالحميد عثمان
عادةً ما أُسْأل عن كيف هي خبرة تربية طفل معاق ـ ولكلِ من لم تُتح له فرصة الاقتراب من هذه التجربة الفريدة المتميزة، وأراد أن يتخيلها، وفي محاولة منِّي للمساعدة في وصف الشعور.
لوضعته هكذا…
حال من هو في انتظار مولود، كمن يخطط لإجازة رائعة – لإيطاليا، فأنت تشتري مجموعة من كتب السياحة فى إيطاليا وها أنت ترسم الخطط.. الكولوزيوم.. أعمال مايكل أنجلو.. الجندول فى البندقية، بل قد تتعلم بعض الجمل الأساسية بالإيطالية.. الأمر كله مثير تماماً.
تمـر شهور وأنت على جمر الانتظار، وأخيراً أتى اليوم، حزمت الحقائب وأنهيت كل الإجراءات وانطلقت. بعد ساعات حطَّت الطائرة، وأتى صوت المضيفة، «مرحبا بكم فى هولندا».
«هولندا؟!» متسائلاً.. «ماذا تعني بهـولندا؟ هذه الرحلة أصلا لإيطاليا! من المفترض أن أكون في إيطاليا، طوال عمري وأنا أحلم بالذهاب لإيطاليا».
لقد تم تغيير في مسار الطائرة وهبطت في هولندا وهنا عليك البقاء. الأمر المهم هنا أنَّهم لم يأخذوك لمكان فظيع، مقزِّز، كريه، مليء بالطاعون والأوبئة. إنَّه مكان مختلف. عليك الآن الخروج لشراء كتب سياحة جديدة. وتحتاج الآن لتعلُّم لغة جديدة. وستقابل بشراً لم يك في حسبانك اللقاء بهم. إنّه مكان مختلف فحسب. أبطأ إيقاعاً من إيطاليا، وأقل صخباً وضجيجاً. لكن بعد أن تمر عليك فترة من الزمن وتسترد أنفاسك، تُمعن النظر في ما حولك، لتبدأ في ملاحظة أنّ هولندا فيها طواحين الهواء.. هولندا هي أرض زهرة التيوليب.. هولندا هي ديار رمبرانت..
لكن كل من تعرفهم يذهبون ويأتون من إيطاليا.. ويثرثرون بتباهٍ عن الوقت الرائع الذى أمضوه هناك. أمَّا أنت ففي ما تبقى من عمرك قد تقول «فعلاً، هذا ما كان يجب عليّ الذهاب له. لقد خططت لهذا».
إنَّ الحسرة والألم قد لا يزولا أبداً، أبداً.. لأن ضياع ذلك الحلم أمرٌ جد مؤثِّـر بالغ الأهمية. لكن… لو قضيت حياتك حزناً وحداداً على حقيقة أنَّك لم تذهب لإيطاليا، فقد لا تكون حرَّاً في الاستمتاع بكل الأشياء شديدة الخصوصية، باهرة الجمال.. في هولندا.