
تصريح وزير العدل ياريف لفين أول أمس حول البدء في إجراءات إقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، لم يسقط أي أحد عن كرسيه في مكتبها. كان بيانه استمرارية طبيعية لحملة تطاول جامحة من وزراء الحكومة ضد المستشارة في الأشهر الأخيرة. وبعرف لفين أن إخراج الإقالة إلى حيز التنفيذ ضعيفة جداً، لكنه يرى أهمية لمجرد العملية. بواسطة تبريرات شبه موضوعية، يصور بهراف ميارا بأنها تهدف إلى تخريب حكم اليمين، ويدفعها إلى الزاوية ويمس بثقة الجمهور بها. مع ذلك، مصادر في محيط المستشارة قالت “هي لا تنوي الانحناء نصف سم”. إن غضب لفين والوزراء من بهراف ميارا ثار عقب نشاط المستشارة من أجل المصلحة العامة، المناقضة لمصالح الحكومة الضيقة في عدة مواضيع.
رغم الوتيرة البطيئة جداً التي تدار فيها محاكمة رئيس الحكومة الجنائية، فإنها تهدد مستقبله السياسي والشخصي. المستشارة القانونية تؤيد الموقف الصارم الذي بدأت النيابة العامة في طرحه مؤخراً، ويفيد بوجوب تسريع وتيرة المحاكمة. تعارض بهراف ميارا بشدة رغبة نتنياهو في وقف المحاكمة في صالح عملية جسر جنائي بين الدفاع والنيابة، الذي سيجرى أمام قاض وسيط خارجي يتولى عملية الجسر. حسب رأيها، لا سبب لعملية كهذه، وإذا كان نتنياهو يريد تقصير الأمور حقاً، فإن بابها مفتوح للمفاوضات المباشرة لعمل صفقة ادعاء. ولكن نتنياهو يرى أن ميارا لن تسمح له بالتملص في إطار صفقة الادعاء من الاعتراف بجزء من المخالفات ومن وصمة العار التي ستبعده عن الحلبة السياسية. نتنياهو ومساعدوه معنيون بمستشار قانوني يذهب إلى رئيس الحكومة ويمكنه من التملص من العقوبة.
الموضوع الرئيسي والفوري جداً الذي تتحدى فيه ميارا الائتلاف إلى درجة رغبتهم في إقالتها هو رفضها الدفاع عن قانون إعفاء الحريديم من التجنيد، إلى جانب تصميمها على تنفيذ القانون وحكم “العليا” بهذا الشأن، وفرض عقوبات اقتصادية، وغير ذلك ضد طلاب المدارس الدينية المتهربين. إن بقاء حكومة نتنياهو مرهون بقدرتها على التأثير على رغبة الشركاء الحريديم في الائتلاف وسن قانون إعفاء جديد لهم، لكن بهراف ميارا والمحكمة العليا يقفون في طريقها. أرسلت المستشارة القانونية هذا الأسبوع أيضاً رسالة إلى وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، حذرت فيها من أن بيانات تجنيد الحريديم في السنة الحالية بعيدة عن أن تناسب احتياجات الجيش وبند المساواة. بهراف ميارا اضافت بأن موقف جميع الجهات المهنية ورجال القضاء هو أن زيادة خطوات التنفيذ الشخصي للقانون، منها سحب الامتيازات من المتهربين وتوسيع العقوبات المالية والإدارية، شرط ضروري لزيادة عدد المتجندين. ومطلوب هنا مستشار قانوني متساهل أكثر من الحكومة، يكون مستعداً للدفاع عن قانون إعفاء جديد، سيساعدها في البقاء.
لفين ونتنياهو معنيان بإقصاء بهاراف ميارا عن منصبهما على ضوء موقفها الحازم بوجوب تشكيل لجنة تحقيق رسمية في مذبحة 7 أكتوبر. المستشارة القانونية تطرح هذا الموقف منذ فترة طويلة، وحسب رأيها فإن لجنة تحقيق رسمية هي الأداة المناسبة الوحيدة للتحقيق في إخفاقات فظيعة. كما هو معروف، نتنياهو غير معني بتشكيل لجنة محايدة، تلقي عليه المسؤولية.
ثمة سبب رئيسي الذي يعنى لفين في ظله بالتخلص من بهراف ميارا، وهو رفضها الصارم للسماح له بالدفع قدماً بخطة الانقلاب النظامي التي أعلن عنها عند تشكيل الحكومة. المستشارة عارضت التعديلات القانونية التي تستهدف إلغاء استخدام ذريعة المعقولية ومنع إخراج نتنياهو إلى حالة عدم الأهلية. وقفت هي وطاقمها ضد محاولة سيطرة بن غفير على الشرطة عندما تولى منصب وزير الأمن الوطني. في الحالتين الأوليين، تبنت المحكمة العليا موقف بهراف ميارا. في موضوع بن غفير جرى تبني موقف بهراف ميارا بصورة جزئية عندما ألغت المحكمة العليا بنداً في القانون استهدف السماح لوزير الأمن الوطني بتحديد سياسة قسم التحقيقات في الشرطة.
في هذا الأسبوع، أوضحت بهراف ميارا بأنها تعارض بنداً يراه لفين مهماً للانقلاب النظامي، وهو السيطرة على لجنة تعيين القضاة. وقالت ميارا إن الخطة التي طرحها لفين ووزير الخارجية ساعر لتسييس لجنة تعيين القضاة ليست دستورية، ويجب إلغاؤها في المحكمة العليا. حسب قولها، خطة ساعر – لفين تلقي بظلال سياسية ثقيلة على جهاز القضاء وتضر بمهنيته واستقلاليته وقدرته على انتقاد الحكومة. حسب رأيها، تداعيات تطبيق الخطة تحتاج على الأقل إلى إجراءات جوهرية قبل تطبيقها.
بصورة غير مرضية للفين ونتنياهو، تبذل ميارا كل ما في استطاعتها منع التعيينات الفاسدة أو غير المهنية التي تهتم بها الحكومة. في أول اجتماع لهما، رفضت المستشارة طلب رئيس الحكومة الدفاع في المحكمة العليا لتعيين رئيس “شاس”آريه درعي، في منصب وزير. وعارضت ميارا هذا التعيين بسبب الإدانات الكثيرة التي وجهت لدرعي بسبب ارتكاب مخالفات مختلفة عند توليه مناصب عامة رفيعة. وهنا أيضاً وافقت المحكمة العليا على موقفها. كما عارضت ميارا تعيين روئي كحلون في منصب القائم بأعمال مفوض الخدمة المدنية على أساس أنه لا يملك خبرة مهنية، ونتيجة معارضتها حكم أن تكون فترة توليه لهذا المنصب مؤقتة، ثلاثة أشهر فقط. في تشرين الأول، حكمت المحكمة بأنه رغم معارضة ميارا على تعيين أوداليا مينس رئيساً للقناة الثانية لسبب مشابه، فستتم الموافقة على التعيين.
بعد أن تحمل رئيس الأركان وجهات رفيعة أخرى في الجيش المسؤولية عن إخفاقات 7 أكتوبر وقدموا استقالاتهم، حدد نتنياهو رئيس “الشاباك” رونين بار كهدف فوري للإقالة. ولكن قد تصعب عليه ميارا هذا الأمر. فقد أوضحت المستشارة مؤخراً في رسالة أرسلها نائبها، الدكتور غيل ليمون، بأنه إذا نفذ نتنياهو إقالة رئيس “الشاباك” فعليه قبل ذلك أن يمر عبر المستشارة، ويجلب ما لديه لفحص مسبق. حسب التقديرات، فإن بهراف ميارا والمحكمة العليا سيعارضون إقالة بار لأنه يترأس الآن الهيئة التي تحقق في العلاقة بين رجال مكتب رئيس الحكومة وقطر، وإقالته في ذروة هذا التحقيق الحساس تستهدف تخريب هذا التحقيق.
أيضاً وجود التحقيق الذي قررت بهراف ميارا والمدعي العام عميت آيسمان إجراءه يهدد رئيس الحكومة. وثمة ذريعة أخرى من بين الذرائع الكثيرة التي ذكرت هنا، وهو جلب مستشار قانوني مريح ويفعل ما تريده الحكومة.
حن معنيت
هآرتس 7/3/2025