هل يستطيع الجيش الإسرائيلي تحقيق النصر لو نشبت حرب شاملة؟  
2025-02-23
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

“الجيش الإسرائيلي يستعيد نفسه”، أعلن قائد الجبهة الجنوبية رئيس الأركان الأسبق، حاييم بارليف، في 14 أكتوبر 1973، يوم التحول في حرب يوم الغفران، الذي هزم الجيش الإسرائيلي في اثنائه القوات المصرية المهاجمة، وانتقل من الدفاع إلى الهجوم، وسرعان ما اجتاز قناة السويس وأوصل الحرب إلى نهايتها، بعد 19 يوماً من بدئها، بانتصار عسكري واضح.

في حرب “السيوف الحديدية”، لم ينجح الجيش الإسرائيلي في تكرار مثل هذا الإنجاز، وثمة شكوك بأن “استعاد نفسه”، خصوصاً في 7 أكتوبر 2023، ولا حتى في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك. الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي نجح في الانتعاش من الضربة التي تلقاها، أن يرد الحرب بالحرب، وأن يسجل إنجازات في المعركة أيضا، مثلما في حرب يوم الغفران، بفضل بأس الروح والبطولة وتجند الجنود والقادة الشباب، لكن الإنجازات في المعركة لم تترجم إلى نصر في الحرب هذه المرة.

يمكن بالطبع الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي نجح في الساحة اللبنانية في تحقيق حسم في سلسلة عمليات ذكية ذكرتنا بالجيش الإسرائيلي ذات مرة

يمكن بالطبع الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي نجح في الساحة اللبنانية في تحقيق حسم في سلسلة عمليات ذكية ذكرتنا بالجيش الإسرائيلي ذات مرة، والتي أدت في غضون أسابيع قليلة إلى تصفية قيادة منظمة حزب الله وتدمير معظم قدراتها.

لكن هذا جذر المشكلة بالضبط، إذ إن هجوم الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في الصيف الماضي لم يكن حرباً أديرت بهدف الحسم والنصر، بل سلسلة من عمليات المعركة بين الحروب، ناجحة وفاعلة مثلما يعرف الجيش الإسرائيلي بالفعل كيف يفعل. من هنا نفهم خيبة الأمل وإحساس التفويت في أوساط كثيرين ما إن وافقت إسرائيل على وقف النار قبل الأوان، وهكذا منحت حزب الله حبل نجاة، سيستغله لاحقاً في الأشهر لترميم مكانته وقوته في السنوات القادمة.

لقد كانت المعركة ما بين الحروب جملة من العمليات، السرية في الغالب والتي تضمنت مثلاً اغتيالات لمسؤولين في منظمة الإرهاب أو غارات جوية موضعية على أهداف العدو. كان الحديث يدور عن سلسلة عمليات موضعية ومحدودة على مدى أشهر بل وسنين، كانت كل منها إنجازاً عملياتياً مبهراً. لكن في نظرة إلى الوراء، لم تجتمع كل هذه إلى إنجاز حقيقي وبعيد المدى، لا تجاه إيران ولا تجاه حزب الله، ولا حتى تجاه حماس. والأسوأ، وعلى مذبح المعركة ما بين الحروب، جرت تضحية بقدرة الجيش الإسرائيلي على تخطيط وخوض حرب شاملة هدفها الحسم والنصر.

لذا، يمر خط مباشر بين نجاحنا في تصفية رئيس أركان حزب الله عماد مغنية منذ آذار 2008، الذي قاد المنظمة في حرب لبنان الثانية، وبين تصفية فؤاد شكر، رئيس أركان حزب الله في تموز 2024، الحرب التي شنتها منظمة الإرهاب في 8 أكتوبر، بعد يوم من هجوم حماس الدموي. ومن هنا، تبدو قصيرة الطريق لهجمة البيجر وتصفية حسن نصر الله، ولهذا قد نضيف الغارة الجوية الناجحة ضد ترسانة الصواريخ التي كانت المنظمة تحوزها، وعلى هذا قيل “بالحيل تصنع حربك”.

لكن عندما يدور الحديث عن إدارة حرب شاملة ضد حزب الله وليس فقط عن عمليات معركة ما بين الحروب ضد قادته، كانت النتيجة أقل نجاحاً بكثير. وهكذا، ومع غياب رؤية شاملة في كل ما يتعلق بإدارة الحرب وأهدافها، نجح حزب الله في النجاة، وهو الآن يعمل على ترميم قدراته.

هذه أيضاً قصة الحرب في غزة، التي لم تنجح فيها معارك البطولة في حسم قوة العدو الكاملة، للوصول إلى حسم ونصر. والقيادتان السياسية والعسكرية هما المسؤولتان عن هذا الفشل.

وستعنى لجنة التحقيق الرسمية بقصورات القيادة السياسية، إذا ما قامت، لكن مقدمة جاءت في شهادة وزير الدفاع السابق غالنت عن الخوف الشال الذي ألم برئيس الوزراء نتنياهو، ومنعه الجيش من أن يقر تنفيذ خطوات هجومية كانت ستؤدي إلى حسم ونصر قبل أشهر طويلة. لكن الأمر لا يعفي القيادة العسكرية أيضاً من المسؤولية، التي نسيت كيف تدار حرب شاملة بخلاف المعركة ما بين الحروب. وفي الأسبوع القادم، سيتسلم رئيس الأركان الجديد أيال زمير، مهام منصبه، وينبغي أن يتمكن من ترميم الجيش وجعله جيشاً مقاتلاً، يبث فيه روحاً قتالية، ويكون قادراً على يخوض حرب وينتصر فيها.

 

أيال زيسر

 إسرائيل اليوم 23/2/2025



مقالات أخرى للكاتب

  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟
  • ما أبعاد مرسوم ترامب لحماية الدوحة أمريكياً وإقليمياً ودولياً؟







  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي