
حين تكون كفاءات نتنياهو الخطابية هي سلاحه الأقوى، فسيصعد إلى منصة الأمم المتحدة ليخطب مع محاولة لجمع هجمات ضد حزب الله في رزمة واحدة، مع إمكانية لاتفاق.
الوعي الدولي لدى رئيس الوزراء كامن في المهمة الكبرى التي هي إعادة الأمن لمواطني إسرائيل. يشعر نتنياهو بحاجة لتهدئة الساحة الدولية التي تؤشر إلى أن الائتمان الذي أعطي للحرب الإسرائيلية ضد أعدائها قد نفد، خصوصاً للأمريكيين الذين باتوا أقل عطفاً لاحتياجات الأمن الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك، عليه أن يوفر جواباً لسكان الشمال ولوزراء حكومته من غير المستعدين لإنهاء المعركة في لبنان في هذه المرحلة.
وحسب محافل في محيطه، سيحاول نتنياهو بمحاولات سياسية ولفظية أن يشرح كيف يخوض الحرب بكل قوة من جهة، ويواصل مسار هجمة البيجر والتصفيات التي أذهلت العدو، وباليد الأخرى لا يغلق الباب على التسوية. إذا اعترفنا بالحقيقة، ثمة فجوة كبيرة بين مطالب الائتلاف لحرب تؤدي إلى استسلام حزب الله، وبين مخططات نتنياهو للخطوات التالية.
من ناحيته، تبدو خطته المفضلة هي خطوات متدرجة أخرى في تصفية واقتطاع القدرات من حزب الله، ما يؤدي في النهاية إلى اتفاق 1701، والسؤال هو إذا كان نصر الله سيبدي اهتماماً لاتفاق من هذا النوع أم سيفضل التملص والانتظار إلى أن تفرض فرنسا والولايات المتحدة على إسرائيل وقف نار بدون شروط.
النموذج الذي وضعه السنوار في غزة في موضوع الاتفاقات سيظهر بأن نصر الله يفضل دفع الثمن بالدم شريطة أن تجد إسرائيل نفسها خاضعة على ركبتيها سياسياً. من جهة أخرى، خطة السنوار هذه لم تنجح. إسرائيل تقاتل في الحرب الأطول في تاريخها، لكن دون أن تكون مطالبة بالتوقف حتى هذه اللحظة.
أما السيناريو الأفضل من ناحية نتنياهو فهو: رفض نصر الله الذي يسمح بضربات دون الانجرار إلى حرب واسعة وإلى محادثات جانبية عن اتفاقات. بهذه الطريقة، ستتمكن إسرائيل من تقريب عودة سكان الشمال إلى بيوتهم لكن مع أمن في علامة استفهام كما يشهد سكان غلاف غزة، الذين تلقوا اتفاقات سيئة وهدوءاً لمديات مرحلية، وفي نهايتها مذبحة.
حبل نجاة سياسي
قبل أكثر من أسبوع، تلقى غالنت ونتنياهو من الكابنت تخويلاً بإدارة خطة الهجوم في الشمال، وللحظة قصيرة عادت الحالة المثالية إلى مطارحنا. فقد عاد الرجلان للعمل بشكل مشترك وتوقفت التوترات ليوم أو يومين، وكان وزراء الحكومة في حظر للمقابلات. بعد أسبوع من ذلك، عدنا إلى النقطة إياها مع هجمة تصريحات عن وقف نار قريب بينما نتنياهو في طريقه إلى الولايات المتحدة مع قدرة رد محدودة.
على مدى ساعات، كان يبدو أن نتنياهو وقع بأحرف أولى على اتفاق وقف نار بدون شروط. لم ينفِ وزير الدفاع الشائعات، وتوقف الهجمات ضد لبنان ولو كان لحظياً، خدم الرسالة. وعندما عاد نتنياهو ليكون حاضراً في الاتصالات وأصدر بياناً عن استمرار الهجمات ضد حزب الله، توقفت الأحبولة الإعلامية وعادت إلى حجمها الطبيعي: ثمة محادثات عن اتفاق محتمل، وطلب انسحاب حزب الله إلى ما وراء الليطاني موجود، وحتى ذلك الحين فإن حزب الله على بؤرة الاستهداف.
نتنياهو، الذي بنى خطة المراحل للجيش بعد أن عرض عليه الجيش البدائل ولم تقبل، معني بحبل نجاة سياسي آخر لإنهاء المهمة في لبنان.
لكن كما أسلفنا، أشار الأمريكيون اليوم بطرق متعددة إلى أن الـ Don’t قريبة. إذا كان الجدول الزمني سيتقدم كما كان مخططاً، فربما يحدث دخول بري إلى لبنان لدحر حزب الله إلى الوراء، لكن رغم الإنجازات المبهرة، لا رغبة الآن لربطها في صالح خطوة ساحقة بسبب اضطرارات موضوعية.
الإشارات التي تأتي من إيران تبين أنهم يفهمون بأنهم سينهون هذه الجولة بهزيمة نكراء، ولهذا يطالبون بالاتفاقات وبالتأجيل حتى الهجوم التالي على إسرائيل. خبراء عسكريون يستجدون استغلال الزخم لاستكمال معالجة حزب الله وعدم الندم بعد ذلك، وخبراء سياسيون يطالبون بمراعاة التعب المادي الإسرائيلي، مثلما أيضاً الميزانية المحدودة؛ لقبول اتفاق الآن والتخطيط للحرب التالية بشكل أفضل. لهاتين الخطتين أثمان خسائر، ويجدر بالذكر: خطوة محدودة تحقق نتيجة محدودة، لكن ثمنها محدود أيضاً.
شيرين أفيتان كوهن
إسرائيل اليوم 27/9/2024