
احذروا الشرطة. الشرطي عدوكم، خطير ومسلح، وهو ضدكم، يبحث عنكم، فلا تتورطوا معه، ولا تتعاملوا معه، هو شخص غير متوقع، فالقوة في يديه، والقانون بجانبه، والقضاة معه، وحركة غير حذرة تقودكم للسجن بتهمة إهانة موظف دولة، أو ازعاج شرطي أثناء أداء وظيفته، أو بسبب تشويش إجراءات التحقيق. أو التآمر على تنفيذ جريمة.
لا تعرفون إلى أي درجة يمكن للرمال أن تؤلم، قال النائب العام للشرطة، فضجت القاعة ضحكاً. ولكن في المساء ستصله مكالمة من الوزير الذي يمتدحه على بطولته وجرأته. لن يأتي ذات يوم نبأ يقول إنه مسموح الضرب والشتم والاعتقال والتكبيل. لم يعد واجباً على بن غفير إصدار أمر، ولا يجب على قائد اللواء قول أي كلمة، أما الشرطي فقد أصبح يدرك عمله تماماً.
هو يعرف أن الأفضل هو الإمساك بشخص لم يفعل شيئاً، شخص وقف ويداه متشابكتان على الرصيف. هو يعرف أنه من الجدير توجيه لكمة له وتحطيم نظاراته وجره من شعره (يسمون ذلك استخدام قوة معقولة). هذا التخويف هو أسلوب، وأحياناً يساعد.
كلما كانت الضحية أقل اشتباهاً بها يكون التخويف أكبر. رأيتم ماذا فعلنا لملقية الرمال. فكروا ماذا سنفعل مع الذين سيوزعون كراسات ضد الوزير؛ سيهينونهم ويحرمونهم من الالتقاء مع محام، وسيخفونهم، يخفونهم؟ نعم، مثلما في الأرجنتين. في المرحلة القادمة (وهي قريبة جداً) سيطلقون النار على ظهورهم. القاضي الخائف سيشرح له ضابط بأن “الشرطي شعر بالتهديد”. وسيكتب القاضي: “منع الهرب من الاعتقال القانوني”. لا جديد هنا. لم نخترع أي شيء. لا يجب أن يعرف رجال الشرطة ما حدث في ألمانيا عام 1933 ليفعلوا ما فعلوه هناك. وماذا عن رجال الشرطة الذين قتلوا في 7 تشرين الأول؟ هم غير مرتبطين ببن غفير. أين كانوا هم وأين هو.
الشرطة في الحضيض. لم يكن الأمن الشخصي مضعضعاً بهذا القدر ذات يوم. الجريمة في ازدياد، وتطبيق القانون ضعف، وثقة الجمهور وصلت إلى الحضيض، وصورة الشرطة لم تكن سيئة كما الآن. الأخيار يستقيلون، والأشرار يتجندون. وللشرطة ما تعرضه، ثمة إثارة، وضرب. لن يرتدي شاب طبيعي زي هذا الجهاز، الذي يترأسه أزعر، لكن هناك من ينتظرون ذلك. هذا هو النموذج الذي لم أرغب في الالتقاء معه في زقاق مظلم حتى قبل أن يرتدي الزي الرسمي.
في المظاهرات التقينا معهم
لا يمكن أخذ التميز في المظاهرات من الشرطة، حيث تحاول الشرطة أن تضرب وتهتاج، ويعرف رجالها على من يجب دهن زبدتهم، ومن الذي يقوم بالدهن. ارتفع عدد الشكاوى ضد رجال الشرطة السنة الماضية بنسبة 45 في المئة. ومنذ العام 2022 تم اعتقال 1602 متظاهراً، ووجهت لوائح اتهام لسبعة. أقل شيء مفيد قد تفعله ضحية عنف الشرطة هو تقديم شكوى في قسم التحقيقات مع رجال الشرطة. لا يمكن فصل الشرطة عن سياق التاريخ. العلاقة بين الشرطة والحزب تتعزز عندما تضعف السلطة. الشرطة في دولة ديمقراطية تخدم الدولة، وفي دولة ديكتاتورية تخدم الحزب. كانت الشرطة دائماً هي الأولى التي جندها الديكتاتوريون إلى جانبهم.
يسهل تجنيد رجال الشرطة: الحديث يدور عن قوة بشرية هابطة، وطلبات متدنية وأجور وفقاً لذلك. ليس عبثاً أن وضع نتنياهو شخص “أزعر” على رأس هذا الجهاز. لا أحد يعتقد أنه كان ينوي الحفاظ على الأمن الشخصي من خلال هذا التعيين. تعيين مجرم لـ “الحفاظ على القانون” أرسل رسالة لرجال الشرطة بأنهم فوق القانون، مثل الوزير المسؤول عنهم. الشرطي الذي يخدم القانون كان سيدافع عن المواطن، الشرطي الموجود فوق القانون يهدده. منطقة الشفق بين الديمقراطية والديكتاتورية سيستغلها وزير الأمن الداخلي لإعطاء الحاكم المزيد من الخدمات الصغيرة والمفيدة. في هذه الأثناء، سيراكم القوة ويحسن مكانتها. سينظر الديكتاتور ذات يوم ويرى أن الشخص الذي عينه للحفاظ على أمنه بدأ يبني جيشاً خاصاً به. في السابق، حدثت مثل هذه الأمور. اقرأوا كتب التاريخ وستعرفون كيف انتهت المواجهة بين الاثنين. وستعرفون أن ما حدث هناك سيحدث هنا أيضاً.
يوسي كلاين
هآرتس 19/9/2024