
حتى وقت قريب كان تاريخ 11 سبتمبر 2001 الموعد الذى تتحفز له الذكرى فى الولايات المتحدة وربما خارجها أيضا، لأنه بدأ عالما لا تزال تطوراته جارية. فى الظروف الراهنة فإن موعد 7 أكتوبر 2023 يأخذ المكانة ذاتها حيث حرب غزة لاتزال جارية؛ ومرور عام على الحدث بات قريبا. إحدى النقاط عن الموعد الجديد كان ما شكله من «مفاجأة استراتيجية» وهو تعبير نابع من الفكر العسكرى والاستراتيجيات الكبرى والتى تحدث عندما يكون طرف للصراع عالما بكل شيء يستعد به الطرف الآخر ومع ذلك فإنه يفاجأ بالمفاجأة، وهو ما يعنى أن المبادرة فى الصراع يتمتع بها الخصم. مفاجأة 6 أكتوبر 1973 المصرية ظلت تدرس فى المحافل العسكرية على هذا النحو مع غيرها من المفاجآت الكبرى أثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها. الذائع عن 7 أكتوبر من العام الماضى أنه حدث بينما إسرائيل فى حالة من العمى التام عما تقوم به حماس وحلفاؤها وبعد ذلك واجهت موقفا لا تعرف حدوده وقدراته.
على مدى الشهور السابقة ثبت أن ذلك لم يكن صحيحا، وأنه خلال الشهور والسنوات السابقة على الحدث فإن المخابرات الإسرائيلية نجحت فى جمع المعلومات المؤهلة للحدث من حيث المكونات والمعدات والخطط والتعبئة والتدريب والمناورات؛ وأكثر من ذلك كان لديها قبيل العملية التنبيه الكافى من عناصر متقدمة. وهكذا فإن الحدث عاد إلى النمط المألوف للمفاجآت الاستراتيجية، حيث المعلومات كافية ولكن تفسيرها أو الاستهانة بالطرف الآخر يكون عميقا حتى إن تحذيرات مباشرة من وزير الدفاع يوآف جالانت ورئيس الأركان هيرزى هالفى لم تجد من يسمعها. فى الحالتين 6 أكتوبر 1973 و7 أكتوبر 2023 كانت المعلومات كافية ولكن التفسير كان خاطئا، والاستهانة بقدرة الطرف الآخر ومهاراته هى الحاكمة. لعل ذلك يفسر إلى حد ما الموقف المتشدد والمتعصب الحالى لنيتانياهو لأنه عندما تنتهى الحرب سوف يتحمل المسئولية كاملة ويكون الحساب عسيرا.
*هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن موقع الأمة برس-الأهرام-