هل اهتمت حكومة نتنياهو لقطع أبو مازن زيارته إلى الرياض؟  
2024-09-08
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

الأحداث التي تقع في الضفة الغربية، بدءاً بمحاولة تنفيذ العمليات التي شملت استخدام السيارات المفخخة وانتهاء بالعملية الواسعة في شمال الضفة، تشير إلى أن المعركة ارتفعت درجة، وأن حكومة نتنياهو تقود إلى توسيع الحرب ضد الفلسطينيين، ليس فقط في القطاع.

ستعتبر إسرائيل ذلك صراعاً ضد “البنى الإرهابية” في شمال الضفة والمس بالمطلوبين، في حين أن الساحة الفلسطينية أصبحت مدركة أن للحكومة حرية كافية للعمل في الضفة بشكل كبير، ربما الأكبر منذ 2002، بدون أي قيود. يتركز الضغط الدولي، هذا إذا وجد، في هدف واحد، وهو إعادة المخطوفين بثمن وقف مؤقت لإطلاق النار أو وقف دائم في القطاع؛ للتوصل إلى الهدوء في الشمال، وربما كبح رد إيران، إذا جاء مثل هذا الرد، ليس أكثر من ذلك.

منذ أسبوع والجرافات والمعدات العسكرية تزرع الدمار في مدن الضفة ومخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونابلس، ويبدو أن هذا لا يعني أحداً. إن قتل الناشطة الأمريكية من أصل تركي، أدى إلى رد مقتضب من الإدارة الأمريكية والاهتمام بما يحدث. باستثناء ذلك، كل الأنباء عادية من الساحة الفلسطينية، بما في ذلك قتل فتاة عمرها 13 سنة وهي في غرفتها في قرية قريوت.

بعد شهر ستمر سنة على الحرب، وإسرائيل تتشاجر على طبيعة إحياء ذكرى أحداث 7 أكتوبر والنضال الشعبي لإعادة المخطوفين. في الأسبوع الماضي، ثبت أن الدعوة إلى العصيان المدني، بما في ذلك إعلان الهستدروت الإضراب، لم تؤثر على الحكومة ورئيسها. بالعكس، كلما مر الوقت يتحسن وضع نتنياهو، ويتراجع وضع خصومه. وسبب ذلك هو الخوف من طرح بديل وخطة سياسية منظمة لأنهم وبحق “يخافون”.

الجدال حول محور فيلادلفيا يظهر موضوعاً سياسياً تكتيكياً أقل منه موضوعاً استراتيجياً. لو لم يكن هناك مخطوفون لكان من المشكوك فيه معارضة إسرائيلي واحد لاستمرار السيطرة على المحور، وبشكل عام على كل القطاع، على الأقل في المدى القريب. وحتى لو لم ير الإسرائيليون ذلك، لكن في الساحة الفلسطينية تفسر الأمور بهذا الشكل، ليس في إسرائيل من يمكنه قيادة عملية ناجعة ضد نتنياهو وخطة شركائه.

بدون صلة بما يحدث في الساحة الداخلية الإسرائيلية، وفي الساحة الفلسطينية، لا يبدو أن هناك أحداً يدرك حجم هذه الساعة. إبعاد القتل والدمار في القطاع تسمح بالتحدث عن نكبة الآن، وهذا غير مبالغ فيه. أما في الضفة الغربية فالخطط لا تقل خطورة عن ذلك: إخلاء تجمعات، تقليص وجود الفلسطينيين في مناطق “ج”، ضغط وتدمير لمخيمات اللاجئين كما يحدث في جنين ونور شمس وطولكرم، إضافة إلى خطط مكشوفة وممولة لتسريع مشروع الاستيطان.

كل ذلك يضع القيادة الفلسطينية، ما بقي منها، أمام تحديات كبيرة، حيث لا قدرة لها على التأثير. عند بداية العملية في الضفة الأسبوع الماضي، أعلن مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأنه سيقطع زيارته للسعودية. لم يشعر الجمهور الفلسطيني بأي تغيير، ولم تتأثر إسرائيل من هذه عودة الرئيس المستعجلة إلى المقاطعة.

وزادت حماس في الأسابيع الأخيرة الدعوات إلى الإعلان عن أيام غضب في الضفة والخروج إلى الشوارع، لكن لم تكن أي استجابة شعبية لهذا. من خرجوا فعلوا ذلك للمشاركة في الجنازات والدعوة للانتقام والتماهي مع المسلحين المطلوبين الذين يعتبرون الرمز للجيل الشاب الذي نما على الأرض بدون هرمية أو قيادة وتمويل، وبدون خطة منظمة.

حتى نيسان، حيث أغرقت المسيرات المؤيدة لفلسطين شوارع العواصم الأوروبية والجامعات الأمريكية، كان يبدو أن الحرب في القطاع أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة المسرح والاهتمام الدولي، ولكن كلما مر الوقت خفت الاحتجاج والاهتمام. حتى إن النقاشات في المحاكم الدولية والجنائية في “لاهاي” تجري ببطء. ربما بقيت الانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد شهرين هي بؤرة الاهتمام التي يمكن تعليق الآمال عليها وعلى الإدارة الديمقراطية التي وبحق تريد تحقيق أي شيء قبل تشرين الثاني، لأن هذا يخدمها سياسياً أمام حملة ترامب العنيفة.

لم يتم استغلال الزخم في الساحة الفلسطينية السياسية، ولن يغير الوضع البائس الآن. ممثلو فتح وحماس وصلوا إلى الصين ووقعوا على وثيقة مصالحة داخلية أخرى مثل سابقاتها (في موسكو والقاهرة والدوحة وجدة). ولكن لا أحد يصدق بأن هذه الوثائق ستؤدي إلى شيء. وبعد سنة على الحرب المدمرة، لم تعرف القيادة الفلسطينية الممزقة والمنقسمة كيفية المضي بعملية جدية أو مبادرة تدل على حدوث أي تغيير.

عندما يكون هذا هو الوضع، أزمة قيادة فلسطينية وضغط دولي ضعيف وحكومة يمين مسيحانية في إسرائيل، فلا أحد سيصاب بالدهشة إذا استمرت الحرب أشهراً أخرى، والعمليات في الضفة توسعت أكثر، وعدد الضحايا ازداد، من بينهم مدنيون لا علاقة لهم وسيدفعون الثمن، بما في ذلك المخطوفون الإسرائيليون في القطاع.

جاكي خوري

 هآرتس 8/9/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟







  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي