"جيش عالق في غزة ورئيس يراوغ شعبه".. لنتنياهو: السنوار ينتظرك في رمضان  
2024-02-28
كتابات عبرية
كتابات عبرية

 

قبل ثلاثة أشهر بالضبط، في تشرين الثاني من العام الماضي، بدأت جساسات الاستخبارات الإسرائيلية تطلق إشارات تحذير. لدى حماس تردد حول استمرار مخطط الإطار لصفقة التبادل، قيل في التحذيرات. والبحث في مسألة ما ستربحه المنظمة من استمرار وقف النار، حيال تحرير نساء محجوزات في زنازين المنظمة أو في الشقق الخاصة التي أودعتهن فيها حماس وتشهد على أيام وليال من الكوابيس التي اجتزناها.

في وقت لاحق، أدى تردد حماس هذا إلى تفجير المفاوضات. من ناحية إسرائيل، تبقى في قائمة الصنف الذي لمسته الصفقة الأولى – نساء وأطفال، 15 امرأة وطفلان، أبناء عائلة بيبس.

في الليلة الأخيرة من كانون الأول، الليلة الأخيرة لوقف النار، تلقت إسرائيل القائمة الأخيرة من ناحية حماس، جثث قالت حماس إنها لعائلة بيبس (الموضوع لم يثبت)، أب العائلة الذي على قيد الحياة، وبضعة كبار في السن مرضى أو جرحى آخرين. أعلنت المنظمة أنها لا يمكنها تحرير باقي النساء، وادعت بأنهن لسن تحت سيطرتها. كان الجيش وأسرة الاستخبارات يعرفان بأنه كذب. حماس تخشى، هكذا حسب مصادر استخبارية مطلعة، مما سترويه تلك النساء مع عودتهن.

أصرت أسرة الاستخبارات على أنه لا يمكن ترك النساء، والانتقال إلى صنف آخر. وأعلنت إسرائيل بأن حماس تخرق الاتفاق، وعاد الوفد الإسرائيلي من الدوحة. خرق الطرفان وقف النار صباحاً. ليلة أول أمس، كشفت الـ “نيويورك تايمز” عن موافقة إسرائيلية في مؤتمر باريس الأسبوع الماضي على تنازلات واسعة في كل ما يتعلق بتحرير السجناء الفلسطينيين. قبلت إسرائيل الاقتراح الأمريكي بدلاً من نسبة 1 إلى 3، نسبة 1 إلى 10 – 40 مخطوفاً مقابل 397 سجيناً فلسطينياً، و15 يعتبرون ثقيلين. واتفق شفوياً بين المتفاوضين بأن تختار حماس أولئك الـ 15. 3 لكل مجندة محررة، “وينبغي الافتراض بأنهم لن يختاروا نشالين أو كتبة شعارات على الحيطان”، على حد قول مطلع على المفاوضات. ولن تكون مخاطرة الرهان على أن يكون هؤلاء هم الأسوأ بين القتلة، وبالتأكيد بعضهم من الرفاق المقربين للسنوار من قيادة حماس في السجن ممن لم يتحرروا في صفقة شاليط وقبّل أقدامهم عندما خرج من السجن ووعد بدموع حقيقية أنه سيفعل أي شيء لتحريرهم.

هؤلاء الـ 15 هم الذين جعلوا نتنياهو يشترط تحرير الثقيلين بالنفي إلى الدوحة. يفكر نتنياهو كيف سيشرح منظر القتلة، وسيحاول إيقاع الملف على أكتاف شريكته السابقة في تمويل حكومة حماس – قطر.

هذه الصفقة التي تضمن تحرير 40 إسرائيلياً، منهم 5 مجندات، مشكوك أن توافق حماس على البحث فيهن في هذه المرحلة، وإذا ما تحققت فستنقذ حياة 40 إسرائيلياً كل يوم يضع حياتهم بخطر شديد.

مرت ثلاثة أشهر من اللحظة إياها التي اتخذ فيها القرار الصعب، لكن كان يبدو في حينه معقولاً جداً، الأمر الذي ليس مؤكداً قوله عن كثير من القرارات التي اتخذت في الحكومة، ولاحقاً في جهاز الأمن أيضاً. في الأشهر الثلاثة المنصرمة، والتي تحطمت الكثير من الآراء، والأماني، إن لم تكن الخيالات الحقيقية، إلى جانب التزوير إن لم تكن الأكاذيب الحقيقية التي عرضت على الجمهور وكتبنا عنها غير مرة. في التحقيق الحقيقي للحرب، يجب أن يبقى مكان خاص لتلاعبات حرب المعلومات والأحابيل الإعلامية لدى محافل الحكم والأمن المختلفة على الجمهور الإسرائيلي، والشكل الذي كانت فيه محافل في وسائل الإعلام بوقاً لها.

الزمن ينقضي، ويتبين أنه لا يمكن هزيمة حماس وتحرير المخطوفين معاً، لا يمكن تحقيق هدفي الحرب، حتى تحرير المخطوفين لن يتحقق إلا من خلال صفقة وليس حملة على نمط عنتيبة. والأشهر تمر ويتبين أن المعادلة التي تقول إن الضغط العسكري وحده ما سيحقق الصفقة، تبين أنها معادلة خاطئة منذ البداية، بل تعمل بالعكس– كلما مر الوقت شدد السنوار شروطه، وفي هذه الأثناء يتعرض المخطوفون لخطر جسيم. في هذه الأثناء، أطلقت أكاذيب أخرى في الهواء. في وسائل الإعلام الدولية، وفي المناطق التي كانت بين القليلة التي أيدت نتنياهو في الانقلاب النظامي، قالوا إن إسرائيل قررت بالقطع في مفاوضات القاهرة بأن 50 مخطوفاً ليسوا على قيد الحياة. هذا الحدث لم يحصل قط، وهو مختلف جوهرياً عن الصورة الاستخبارية لدى إسرائيل، وينفيه المطلعون على ما جرى في القاهرة، كما أنه ليس معقولاً. إذاً، لماذا تساعد إسرائيل حماس في المفاوضات وتقول إن أحداً ما مات؟ حماس مسؤولة عن كل المخطوفين على قيد الحياة، هذا هو موقف إسرائيل.

إذن، لمصلحة من يروي للعالم عن وجود مخطوفون أقل على قيد الحياة، لتقليص حجم الصفقة وأهميتها؟ ولمصلحة من يروى بأن السنوار مضغوط لعقد صفقة قبل رمضان؟ مضغوط؟ بسبب العيد؟ لأنه لم يتمكن بعد من الطبخ وإجراء المشتريات قبل الصيام؟ إسرائيل مضغوطة بسبب رمضان خوفاً من انفجار أوسع، بما في ذلك في الحرم [المسجد الأقصى]. أما السنوار فتضغطه أمور أخرى، سرعان ما سنصل إليها. ولعل تلك الجهات المجهولة التي نشرت أنباء كاذبة عبر وسائل الإعلام عن تفاؤل شديد يسود بين المفاوضين، وأن هناك اختراقاً وأن الوضع جيد، لا لشيء إلا لتعود حماس مع جواب سلبي على اقتراح واضح أنها لن تقبله كما هو، وهكذا يمكن اتهامها بتفجير المفاوضات. من جهة، إسرائيل ستتهم حماس بأن كل شيء بسببها، ومن جهة أخرى حظر رئيس الوزراء على طاقم المفاوضات في باريس الأولى والقاهرة وفي باريس الثانية أن يجري مباحثات، بل عليه الاستماع فقط. وبعث حتى بأحد مساعديه الموالين، اوفير بالك، كي يراقب ويتأكد بأنه لا أحد من الإسرائيليين يبحث في التفاصيل.

من جهة ثالثة، تعتقد محافل مطلعة في محيط نتنياهو بأنه يفعل كل شيء كي يحبط الصفقة ويراوغ مع الرأي العام بكل الوسائل التي تحت تصرفه، وأنه حتى لو جاءت الصفقة فسيرفضها، وإذا ما سرب الأمر فسيعرض الجميع كمنهزمين ليسوا مستعدين لمحاربة حماس حتى النصر المطلق.

في السطر الأخير: الجيش الإسرائيلي عالق في غزة، والمخطوفون يذوون، والجمهور الإسرائيلي مغرق بمعلومات زائفة أو كاذبة.

روني بيرغمان

يديعوت أحرونوت 28/2/2024



مقالات أخرى للكاتب

  • هل سيكون حزيران المقبل شهر استقالات قادة الأجهزة الأمنية؟  
  • هكذا نقل نتنياهو اليهود من "الوصايا العشر" إلى ضربات قصمت ظهر الدولة   
  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي